الارشيف / اقتصاد / صحيفة الخليج

مشهد الزنك المتغير

آندي هوم *

سجلت عقود الزنك الآجلة لثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن أعلى مستوى لها منذ 13 شهراً عند 2974 دولاراً للطن خلال الأسبوع الماضي.

ويبدو أن سوق الزنك قد أخذ بعين الاعتبار الأخبار المتواترة عن إعادة تشغيل بعض مصاهر أوروبا بعد فترة نقاهة مطلوبة. إذ تعمل شركة «نيرستار» البلجيكية، وهي من الشركات العالمية الكبرى المتخصصة بإنتاج الزنك والرصاص، على إعادة تنشيط مصهر «بودل» للزنك في هولندا بعد فترة صيانة دورية استمرت أربعة أشهر.

وقالت الشركة، المملوكة لعملاق تجارة السلع العالمية «ترافيغورا»، إن تحسن ظروف السوق وإعادة تصميم خطط المساعدة في تكاليف الهولندية سيسمحان للمحطة بإعادة التشغيل خلال وقت قريب، وإن لم يكن بكامل طاقتها السنوية البالغة 315 ألف طن متري.

ويُعد «بودل» ثاني مصهر أوروبي يتجهز لعودة العمل من جديد هذا العام، بعد أن أعادت شركة «غلينكور» لتجارة السلع والتعدين تشغيل مصهر «نوردنهام» في ألمانيا بطاقة تبلغ 165 ألف طن سنوياً في فبراير/ شباط الماضي.

من الواضح أن الزنك يتلقى دعماً كبيراً من التدفق الأوسع لأموال الاستثمار في قطاع المعادن الأساسية، لكن السرد تغير أيضاً مع تحول التركيز من القيود المفروضة على المصاهر إلى قضايا إمدادات المناجم.

في غضون ذلك، انهارت رسوم معالجة المصاهر هذا العام، ما يشير إلى ضغط متزايد على توافر المركزات المستخرجة. وتم تحديد الشروط القياسية للرسوم عند 165 دولاراً للطن، انخفاضاً من 274 دولاراً في . ويبدو هذا بالفعل رقماً سخياً بالنسبة للمصاهر، خصوصاً بعد انخفاض الشروط الفورية لتسليم الواردات الصينية إلى ما بين 30 و50 دولاراً للطن، وهو أدنى مستوى منذ عام 2018، وفقاً لوكالة تقارير الأسعار «فاست ماركيتس».

ويعد الحاصل تتويجاً لسنتين من انخفاض إنتاج المناجم العالمي، بنسبة 2.3% في عام 2022، وبنسبة 1.2% أخرى في عام 2023، وذلك وفقاً لمجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية «ILZSG».

وتشير أحدث توقعات المجموعة إلى تحسن إمدادات المناجم هذا العام ولكن بنسبة هامشية تبلغ 0.7% فقط، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى زيادة إنتاج منجم «كيبوشي» الذي تبلغ طاقته 250 ألف طن سنوياً في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وسيكون العرض المحدود للمواد الخام بمثابة عائق لنمو الإنتاج المكرر هذا العام، بحسب «ILZSG»، التي تتوقع الآن أن ينمو عرض المعادن بنسبة 0.6% فقط هذا العام، مقارنة بالنمو المتوقع بنسبة 3.3% عندما اجتمعت المجموعة آخر مرة في أكتوبر/ تشرين الأول.

ويفسر الانخفاض الحاد في الإنتاج العالمي سبب خفض مجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية فائض العرض المتوقع لعام 2024 من وفرة قدرها 367 ألف طن إلى 56 ألف طن الأكثر هامشية. كما تعكس إعادة تفكير المجموعة بشأن إمدادات المناجم والتخفيض الحاد في الفائض المتوقع أحدث التوقعات من المنظمة الشقيقة، «مجموعة دراسة النحاس الدولية».

ومع ذلك، هناك فرق رئيسي بين المعدنين. فمشاكل إمدادات مناجم النحاس كانت ترجع إلى حد كبير إلى القيود التشغيلية، أو في حالة منجم «كوبري بنما» المغلق، إلى تفويض من المحكمة العليا، في حين أن معظم مناجم الزنك التي أغلقت أبوابها العام الماضي أو الذي قبله، فعلت ذلك إلى حد كبير بسبب السعر.

وبالفعل، هوى سعر الزنك في بورصة لندن للمعادن من مستوى قياسي بلغ 4896 دولاراً للطن في مارس/ آذار 2022 إلى قاع آخر عند 2215 دولاراً في مايو/ أيار 2023، ما خلف سلسلة من الخسائر في الأسعار.

في شق متصل، يتمتع كل منجم بتكوين تكلفة فريدة خاصة به. وبالنسبة لبعضها، قد لا يكون السعر وحده كافياً. ولكن كلما ارتفع السعر، زادت احتمالية إعادة التشغيل. فعلى سبيل المثال، تتفاوض شركة الإنتاج السويدية «بوليدن» مع النقابات في منجم «تارا» التابع لها في أيرلندا بشأن عقد جديد من شأنه أن يمهد الطريق لاستئناف العمليات بعد عام من التوقف، وقد تم التصويت على السعر بالفعل.

بدورها، تقدر مجموعة دراسة الرصاص والزنك الدولية أن إنتاج منجم الزنك الأوروبي انخفض بنسبة 6.2% في عام 2023، وتتوقع انخفاضاً آخر بنسبة 7.9% هذا العام بسبب إغلاق منجم «تارا» ومنجم «ألغوستريل» في البرتغال.

وإذا حصلت «بوليدن» على اتفاقها النقابي في «تارا»، فإن ذلك سيغير ديناميكيات المعادن المكررة في أوروبا، تماماً كما فعلت عملية إعادة تشغيل مصاهر «بوديل» و«نوردنهام».

وكذلك الأمر بالنسبة لوضع صناديق الاستثمار في سوق لندن، والتي عانت بشكل جماعي نقصاً صافياً في الزنك حتى شهر فبراير/ شباط، عندما كان سعر بورصة لندن للمعادن لا يزال أقل من 2500 دولار للطن.

في الحقيقة، لا يزال الوضع الصعودي لمستثمري الزنك متواضعاً بالمقارنة مع بعض المعادن الأساسية الأخرى كالنحاس، الذي يتمتع بأوراق اعتماد أقوى في تحول الطاقة. ومن المحتمل أن يكون أكثر تقلباً أيضاً، وذلك ببساطة لأن المشهد الأساسي للزنك يتغير بسرعة كبيرة.

* كاتب في «رويترز» متخصص بأسواق المعادن الصناعية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا