أكد السفير مهند العكلوك مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية أن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي هي واحدة من أكثر القضايا الإنسانية والحقوقية إلحاحاً وإيلاماً في تاريخ الشعب الفلسطيني حيث يتعرضون لسياسات ممنهجة من القمع والإذلال تنتهك كل ما استقر عليه القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
جاء ذلك في ندوة نظمتها الجامعة العربية، اليوم الثلاثاء، حول "معاناة الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وواقع المحررين المبعدين" بمشاركة الأسرى الفلسطينيين المحررين عبر الصفقات مع إسرائيل، وبحضور ممثلي الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية.
وقال إنه بينما كانت إسرائيل تمارس جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي خارج أسوار سجونها بحق الشعب الفلسطيني، كانت تمضي في داخل تلك السجون إلى شكلٍ آخر من الإبادة؛ إبادةٍ تستهدف إرادة الأسير الفلسطيني، وتطويق حريته، والنيل من كرامته الإنسانية.
وأشار إلى أن إسرائيل، قوة الاحتلال غير القانوني، دأبت على التعامل مع الأسرى بطريقة تتعارض بصورة صارخة مع اتفاقيات جنيف، ومع القواعد الآمرة في القانون الدولي، التي تنص على احترام الكرامة الإنسانية للمحتجزين، وضمان حقوقهم الأساسية. إلّا أنّ الواقعَ في السجون والمعتقلات يؤكدُ أننا أمام منظومة عقابية هدفها الإيذاء، وطمس الإرادة، والانتقام السياسي.
وقال إنه خلال العامين الأخيرين، وبعد السابع من أكتوبر تحديداً، شهدنا تصعيداً غير مسبوق في الممارسات القمعية داخل السجون. فقد تضاعفت أعداد الأسرى لتصل اليوم إلى نحو 9500 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 350 طفلاً و22 أسيرة. وهذا الرقم وحده يعكس حجم الاعتقال الجماعي الذي يُستخدم كأداة للسيطرة والقمع لا كإجراء قانوني.
وأضاف: "كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يوجد اليوم أكثر من 3405 معتقلين إداريين محتجزين دون تهمة، ودون محاكمة، ودون أي ضمانة من ضمانات العدالة. الاعتقال الإداري، بهذا الشكل الواسع والمستمر، الأمر الذي يمثل خرقاً مباشراً لمبادئ الشرعية ولمبدأ عدم جواز حرمان الإنسان من حريته إلا بموجب قرار قضائي عادل وشفاف".
وأوضح أن التقارير الموثوقة تشير إلى أن التعذيب بات ممارسة متجذرة داخل منظومة الاعتقال، تتراوح أشكاله بين الضرب المبرح، والشبح لساعات طويلة، والحبس في أوضاع مهينة، والإهانات اللفظية، إلى جانب ما هو أبشع من ذلك من الاعتداءات الجنسية على الرجال والنساء، بما يشكل جريمة كاملة الأركان وفق اتفاقية مناهضة التعذيب ونظام روما الأساسي.
وأشار إلى مواصلة سلطات الاحتلال حملات "القمعة" وهي عمليات تفتيش واقتحام عنيفة للغرف والأقسام – تُدمَّر خلالها المقتنيات، وتُصادَر الملابس، وتُستخدم الكلاب البوليسية والغازات. ويترافق ذلك مع سياسة العزل الانفرادي التي تحرم الأسير من التعرّض للشمس، أو التواصل مع البشر، لفترات طويلة.
وقال: "أما الإهمال الطبي فقد تحوّل إلى سياسة ممنهجة، يُمنع فيها الأسير من العلاج، وتُترك الأمراض لتتفاقم، ويُقدَّر الدواء باعتباره أداة ضغط وعقاب. وقد تسبب ذلك في استشهاد عدد من الأسرى خلال العامين الماضيين".
وذكر أنه خارج السجون، تمارس قوات الاحتلال إعدامات ميدانية بحق الفلسطينيين، كثير منها أثناء الاعتقال أو بعد السيطرة على الشخص وهو أعزل، في انتهاك واضح لمبدأ حرمة الحق في الحياة.
وتابع أن الأمر لم يتوقف عند ذلك؛ فقد دفعت الحكومة الإسرائيلية، بضغط من وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، نحو تشريع قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، والأخطر من ذلك أن مشروع القانون أُقر في الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، وينص على تنفيذ حكم الإعدام عبر الحقنة القاتلة (السم)، وأن يكون الحكم نهائياً غير قابلٍ للاستئناف.
وأضاف أن هذا يتعارض بصورة فادحة مع المبادئ القانونية المستقرة في العالم كله، والتي تعتبر الحق في المحاكمة العادلة وحق الاستئناف ضمانات أساسية لا يمكن تجاوزها حتى في أشد الظروف قسوة.
ودعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمات الأممية، والهيئات الحقوقية كافة، إلى وقفة حقيقية تتجاوز البيانات اللفظية. وطالبها بالضغط الفوري على إسرائيل لوقف الانتهاكات داخل السجون، واستئناف الزيارات المستقلة للسجون دون قيود، والكشف عن أماكن احتجاز المختفين قسرياً.
كما طالب بتأمين حماية دولية للأسرى، خاصة الأطفال والنساء والمرضى، داعيًا إلى رفض وإيقاف مشروع الإعدام باعتباره مخالفة خطيرة للقانون الدولي.
وطالب المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق الوزير بن غفير عن جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقاً لنظام المحكمة الأساسي.
وقال إن دولة فلسطين تعتبر قضية الأسرى قضية وطنية وسياسية وقانونية وأخلاقية. وهي تواصل العمل في المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المسؤولين عن التعذيب، والإعدامات الميدانية، والاختفاء القسري، والضغط على المجتمع الدولي للتعاون في تنفيذ مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة بحق الإرهابيين نتنياهو وجالانت، وأيضاً المنظمات الدولية لإطلاق سراح الأسرى، خصوصاً المرضى وكبار السن والأطفال.
وأوضح أن دولة فلسطين تطالب بتفعيل الولاية القضائية العالمية في الدول التي تتيح قوانينها محاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة، قائلاً إن دولة فلسطين تواصل العمل الدبلوماسي لحشد الدعم الدولي وحماية الأسرى من السياسات الانتقامية.
واختتم كلمته بالقول إن الأسرى الفلسطينيين ليسوا مجرد محرومين من الحرية والحقوق، بل هم شهود الحقيقة وضمير القضية الفلسطينية. هم جزءٌ أصيلٌ من نضالنا الوطني، وجزء لا يتجزأ من روايتنا وحقنا في الحرية والاستقلال.
وأكد أن الدفاع عنهم ليس عملاً تضامنياً فحسب، بل واجب وطني وأخلاقي وقانوني. وقضيتهم ستبقى حاضرة في كل محفل، حتى يعود آخر أسير إلى بيته سالماً، مرفوع الرأس، كما يليق بمن ضحّى من أجل حرية شعبه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة دوت مصر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من دوت مصر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
