مرصد مينا
توقفت مصادر سياسية إسرائيلية مطلعة اليوم الأحد عند التحوّل اللافت في موقف تل أبيب تجاه ما تشهده محافظة السويداء جنوب سوريا، ولا سيما موافقة إسرائيل على السماح بدخول قوات الدولة السورية إلى المنطقة، شرط أن يكون هدفها المعلن حماية أبناء الطائفة الدرزية هناك.
بحسب هذه المصادر، فإن هذا التحوّل لم يكن نابعاً فقط من مراجعة داخلية في تل أبيب، بل جاء استجابة مباشرة لطلب أمريكي، مدعوم بضغط دولي وإقليمي، بعد الانتقادات المتزايدة التي وُجهت إلى الحكومة الإسرائيلية بسبب طريقة إدارتها للملف السوري، خصوصاً في الجنوب.
توضح المصادر ذاتها أن الإدارة الأمريكية، التي سمحت لإسرائيل خلال الأيام الماضية بتنفيذ ضربات جوية ضد مواقع حكومية سورية، سرعان ما أدركت خطورة هذا المسار، إذ تسببت تلك الضربات في إضعاف الدولة السورية ودفع قواتها إلى التراجع نحو دمشق، ما أفضى إلى فراغ أمني في السويداء وتدهور خطير في الأوضاع مع دخول عشرات الآلاف من أبناء عشائر البدو، بعد الانتهاكات التي تعرض لها أقاربهم في السويداء على يد ميليشيات الزعيم الدرزي حكمت الهجري.
وعليه، أوقفت واشنطن العمليات الجوية الإسرائيلية وطلبت من تل أبيب السماح لقوات دمشق بالعودة إلى المحافظة، في خطوة وصفتها مصادر أمريكية بأنها “تجربة مؤقتة” مدتها 48 ساعة، تهدف إلى اختبار قدرة الجيش السوري على استعادة الاستقرار ومنع تجدد الاشتباكات.
في تل أبيب، يرى مراقبون أن حكومة بنيامين نتنياهو وقعت في مأزق داخلي جديد، بين محاولة إرضاء الجنود الدروز، الذين لديهم امتدادات أسرية في السويداء، وبين الجنود البدو الذين ينتمون إلى العشائر المنتشرة كذلك في سوريا.
هذا التوازن الحساس زاد من تعقيد موقف القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، خاصة مع تصاعد الانتقادات التي يتعرض لها نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس داخل المؤسسة الأمنية.
وتشير المصادر إلى أن نتنياهو قد يواجه مأزقاً جديداً في حال نجاح القوات السورية في إحلال الاستقرار، ما من شأنه إسقاط مطلب إسرائيلي رئيسي يتمثل في فرض منطقة منزوعة السلاح بين دمشق والحدود الأردنية.
سياسياً، هناك أصوات متزايدة في إسرائيل تحذّر من تكرار تجربة فاشلة في سوريا على غرار ما حدث مع الفلسطينيين. فبعد أن روجت حكومة نتنياهو لإضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعوى ضعفه، ثم اتهمته لاحقاً بالعجز، ها هي الآن تسير في المسار ذاته مع سوريا، وفق ما يرى زعيم المعارضة يائير لابيد.
البروفسور إيتمار رابينوفيتش، أحد أبرز الخبراء في الشأن السوري والمفاوض السابق مع دمشق، وصف سياسة نتنياهو بالارتجالية وغير المدروسة، مؤكداً أن الحكومة الحالية تتصرف انطلاقاً من شعور مبالغ فيه بالقوة، مرده إنجازات آنية ضد إيران وحزب الله، دون إدراك أن القوة العسكرية ليست الحل الأمثل دائماً، خصوصاً في ملفات معقدة كسوريا.
وأضاف رابينوفيتش، في تصريحات نشرتها الصحف العبرية، أن استمرار هذا النهج سيفقد إسرائيل ما تبقى لها من أوراق دبلوماسية في المنطقة.
في المقابل، تتصاعد المطالب داخل الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية بضرورة تبني مسار دبلوماسي أكثر واقعية مع دمشق، يقوم على منح الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع فرصة لفرض سيطرتها وبسط الأمن في الجنوب السوري، بما يخدم استقرار المنطقة ومصالح إسرائيل على المدى الطويل.
أما في الجانب الخفي من الأزمة، فهناك إدراك إسرائيلي متزايد بأن الصراع التاريخي بين عشائر البدو والطائفة الدرزية في جبل حوران بسوريا بات جزءاً من المشهد، إذ أن ضعف الدولة المركزية يؤدي إلى تفجيره مجدداً، بينما نجحت القيادات السورية القوية تاريخياً في احتوائه.
وفي هذا السياق، تحذّر أصوات في تل أبيب من أن إسرائيل قد تجد نفسها، دون تخطيط مسبق، طرفاً في هذا الصراع الأهلي السوري، وهو ما سيشكل خطراً إضافياً على أمنها القومي.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يضم في صفوفه أكثر من 2500 جندي درزي، ونحو 450 جندياً بدوياً، إضافة إلى نحو 50 جندياً من المسيحيين.
ورغم غياب الروابط القبلية المباشرة بين بدو سوريا وبدو إسرائيل، إلا أن صراعاً داخل الجيش الإسرائيلي بين الجنود الدروز والبدو، وإن بدا مستبعداً حالياً، ليس أمراً يمكن تجاهله على المدى البعيد، خصوصاً في ظل الاحتكاكات السابقة بينهم.
وكانت الحكومات الإسرائيليية السابقة قد فرضت على الدروز منذ عقود طويله الخدمة الإجبارية..
وقد شهدت وحدات الجيش الإسرائيلي في الماضي، بعض الاحتكاكات بين البدو والدروز على خلفيات متعددة، من قبيل اتهام أفراد مرتبطين بعضو كنيست درزي بقتل عضو كنيست بدوي.
واختتمت المصادر تحذيراتها بالتأكيد أن إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، تخاطر في سوريا بخوض معركة بلا استراتيجية واضحة، وهو ما قد يدفعها إلى التورط في مستنقع جديد وهي لم تخرج بعد من مأزق غزة.
يشار إلى أن عدد الدروز في إسرائيل يقدر بنحو 145 ألفا، بينما يبلغ عدد البدو نحو 300 ألف، ويشكل البدو 10% من السكان العرب فيما يعرف بـ” عرب 48″ والدروز أقل 5%.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.