كتب محمد زكرياالأربعاء، 12 نوفمبر 2025 04:04 م رغم أن رصيده في الدراما التليفزيونية ليس كبيراً مقارنة بمشواره السينمائى الحافل، فإن الفنان محمود عبد العزيز، الذى تحل اليوم ذكرى رحيله التاسعة، استطاع أن يثبت أن الكيف أهم من الكم، فقد ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الدراما المصرية من خلال مجموعة محدودة من المسلسلات التي تحولت إلى علامات بارزة في وجدان الجمهور. بدأ الساحر محمود عبد العزيز خطواته الأولى في الدراما بأدوار مساعدة في عدد من الأعمال التي عرضت في السبعينيات، منها "الهاربان" عام 1976 و"لقيطة" عام 1977، وواصل ظهوره في أعمال أخرى مثل "مبروك جالك ولد" 1980 و"ابتسامة بين الدموع" في العام نفسه، إلى جانب مسلسل "عاشت مرتين" والإنسان المجهول" عام 1982. رأفت الهجان.. نقطة التحول الكبرى جاءت نقطة التحول الحقيقية فى مسيرة محمود عبد العزيز الدرامية عام 1987 عندما جسد شخصية "رأفت الهجان"، في المسلسل الذي حمل الاسم نفسه وأخرجه يحيى العلمي عن قصة حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية، تحول العمل إلى أيقونة الدراما الوطنية، وأصبح محمود عبد العزيز مرادفًا لاسم البطل المصري الجاسوس الذي اخترق إسرائيل، مجسدًا ببراعة معاني الوطنية والذكاء والإنسانية في آن واحد. ونجح مسلسل رأفت الهجان، بأجزائه الثلاثة، في ترسيخ مكانة محمود عبد العزيز كأحد أهم نجوم الدراما المصرية في تاريخها الحديث، وظل العمل حتى اليوم من أكثر المسلسلات التي تُعاد مشاهدتها وتُستشهد بها في الثقافة الشعبية المصرية والعربية. غياب طويل وعودة قوية في محمود المصري بعد نجاح "رأفت الهجان"، غاب محمود عبد العزيز لسنوات طويلة عن الدراما التليفزيونية، مكتفياً بنجاحاته المتتالية في السينما، لكنه عاد بقوة عام 2004 من خلال مسلسل "محمود المصري"، الذي حمل اسمه وجسد فيه شخصية رجل عصامي صعد من القاع إلى القمة بعد رحلة كفاح طويلة، نال المسلسل إشادة كبيرة من الجمهور والنقاد، كما أعاد تقديمه كنجم درامي من الطراز الرفيع. باب الخلق.. دراما فكرية وإنسانية في عام 2012 عاد الساحر مجددًا بمسلسل "باب الخلق"، الذي تناول رحلة معلم مصري يعود من الخارج ليجد نفسه في مواجهة قضايا اجتماعية وفكرية معاصرة، ورغم أن المسلسل لم يحقق نفس النجاح الجماهيري الذي لاقاه "رأفت الهجان" أو "محمود المصري"، فإنه كشف عن نضج فني وفكري لدى الفنان الكبير، وحرصه على تقديم موضوعات جادة ذات بعد وطني وإنساني. جبل الحلال.. النجاح الجماهيري الأكبر عام 2014 شهد عودة قوية ومميزة للنجم الراحل عبر مسلسل "جبل الحلال"، الذي تصدر نسب المشاهدة وقت عرضه، جسد محمود عبد العزيز فيه شخصية منصور الغناوي، الرجل الصعيدي الذي يعيش صراعًا بين النفوذ والضمير الإنساني، مقدّمًا أداءً إنسانيًا معقدًا جمع بين الهيبة والرحمة والذكاء الشعبي. نال العمل إشادة واسعة من النقاد والجمهور، واعتُبر واحدًا من أبرز أعمال الدراما المصرية في العقد الأخير، مؤكداً أنه ما زال قادراً على الإمساك بمفاتيح قلوب المشاهدين. رأس الغول.. الوداع الأخير في عام 2016، قدم محمود عبد العزيز آخر أعماله الدرامية "رأس الغول"، الذي جسد فيه شخصية نصّاب محترف يستخدم الذكاء والحيلة في التلاعب بالمواقف، لكن مع تطور الأحداث يظهر الجانب الإنساني في شخصيته. كان المسلسل بمثابة الوداع الأخير للساحر قبل رحيله في نفس العام، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا.