«ديلي إكسبريس» عند تخيل مستقبل البشرية في الفضاء، تتبادر إلى الأذهان صور الصواريخ العملاقة، ورواد الفضاء في بدلاتهم البيضاء، ومركبات الهبوط على سطح القمر، لكن قليلين فقط يدركون أن التقنية الأهم لاستدامة الحياة في الفضاء قد لا تكون تلك التي تملأ العناوين والصور، بل هي الطاقة النووية.وفي الوقت الذي تخطط فيه وكالات الفضاء العالمية، وعلى رأسها الأمريكية والأوروبية والصينية، لإنشاء قواعد دائمة على القمر، تبرز الحاجة إلى مصدر طاقة مستقر وموثوق كشرط أساسي لنجاح هذه الطموحات. وفي هذا السياق، تبدو الطاقة النووية الخيار الأمثل، بل وربما الوحيد، لتحقيق هذا الهدف.يقول د. تيم جريجوري، عالم الكيمياء الكونية: «إن الطاقة الشمسية، رغم فوائدها الكبيرة، ليست حلاً كافياً في الفضاء، فعلى سطح القمر، يستمر الليل القمري لما يقارب 14 يوماً أرضياً، وهي فترة طويلة جداً لأي نظام شمسي يعتمد على تخزين الطاقة فقط. وإذا أردنا أن يعيش البشر على القمر بشكل دائم، فنحن بحاجة إلى مصدر طاقة لا يتأثر بتغيرات الضوء أو الظلام. وهذا تماماً ما توفره الطاقة النووية».السمعة السلبية التي ترافق الطاقة النووية منذ عقود، يؤكد جريجوري أنها مبنية إلى حد كبير على مفاهيم خاطئة، فالناس يعتقدون أن هذه الطاقة قذرة وخطِرة، ولكن الحقيقة أنه مع كل تيراواط/ساعة من الكهرباء، تعد الطاقة النووية آمنة مثل طاقة الرياح والشمس.وأضاف: «يموت عدد أكبر من الناس بسبب تلوث الهواء الناتج عن الوقود الأحفوري كل بضع ساعات، مقارنة بعدد الذين ماتوا بسبب الطاقة النووية في كل التاريخ. أما من ناحية النفايات النووية، فهي أقل بكثير مما يظنه الناس، فلو استخدمت الطاقة النووية لتغطية كامل احتياجات البشر مدى الحياة، فإن كمية النفايات الناتجة بالكاد تملأ كأساً صغيرة».تشير التجارب الحديثة إلى أن الحلول العملية لإدارة النفايات النووية موجودة بالفعل، ففنلندا، على سبيل المثال، أنشأت نظاماً جيولوجياً لتخزينها تحت الأرض بأمان لملايين السنين، وهو وقت كافٍ لتلاشي نشاطها الإشعاعي بالكامل تقريباً.