من المتوقع أن تتميز الفترة الثانية لحكم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بظهور تهديدات «تاريخية» لحرية الصحافة الأميركية من قبل المكتب البيضاوي.
وكان ترامب أكد خلال حملته الانتخابية أنه يضع الإعلام كقضية أساسية في حساباته، وقال لأحد الحشود المؤيدة له قبيل يوم الانتخابات في الخامس من نوفمبر الجاري، إنه «لن يمانع» إذا قام قاتل بإطلاق النار على الصحافيين الواقفين أمامه.
وقبيل الانتخابات أعرب ترامب عن رغبته في سجن الصحافيين، واعتقال مصادرهم السرية، وإلغاء تراخيص البث لشبكات التلفزة الكبرى وتجريم عملها لما وصفه بـ«مكافحة المعلومات المضللة».
وبالنسبة للصحافيين في الولايات المتحدة التي كانت منذ فترة طويلة في طليعة الدول المدافعة عن حرية الصحافة على مستوى العالم، سيجدون أنفسهم في مواجهة تهديدات تنتشر عادة في دول أخرى. ويتعين على الصحافة الأميركية الآن أن تتعلم من الصحافيين في مثل تلك الدول كيفية الدفاع عن حرية الصحافة والنضال من أجل الحقائق.
عواقب مخيفة
وتعهدت إدارة ترامب الثانية بمقاومة الممارسات الأساسية للصحافة المستقلة الناقدة، حيث ستكون العواقب على هذه المهنة مخيفة، وقد يواجه الصحافيون تهديدات سواء بالانتقادات لدوافع سياسية أو المضايقات القانونية المحتملة. وعلى سبيل المثال، استخدم ترامب النظام القانوني مراراً وتكراراً ضد الصحافيين الذين لا يستفيد من تغطيتهم، ورفع دعاوى ضد العديد من وسائل الإعلام الرئيسة بدعوى قيامها بالتشويه في عام 2016، وشن أخيراً حملة قضائية ضد محطة «سي بي إس» بسبب برنامجها «60 دقيقة»، إذ أجرى البرنامج مقابلة مع منافسته في الانتخابات الرئاسية، الديمقراطية كامالا هاريس.
وسيكون على الأرجح هناك حصانة أكبر للتهديدات عبر الإنترنت للصحافيين في الولايات المتحدة ومؤسسات الأخبار الأميركية، فعلى سبيل المثال أعلنت منصة «إكس» أخيراً عن تحديثات لوظيفة الحظر الخاصة بها، إذ سيتم السماح للحسابات بمشاهدة الأشخاص الذين قاموا بحظرها، والتي يقول المنتقدون إنها قد تزيد من المضايقات.
«أخبار كاذبة»
وأشار تقرير صادر عن مركز الصحافيين الدولي، ومنظمة «اليونسكو» التابعة للأمم المتحدة، إلى أن التهديدات عبر الإنترنت يمكن أن تمتد إلى خارج الشبكة العنكبوتية، وسط ترجيحات بأن يكون النساء وأصحاب البشرة الملونة الأكثر عرضة للخطر.
وفي غضون ذلك، يبدو أن المعركة في الأوساط القضائية الأميركية ضد خطاب الكراهية والتضليل قد خسرت. ويحاجج العديد من الجمهوريين من أنصار ترامب منذ زمن طويل بأن العمل لحماية حقوق الإنسان والرعاية الصحية العامة ونزاهة الانتخابات على منصات مواقع التواصل الاجتماعي من خلال العناية والتنظيم، يشكل انتهاكاً لـ«حرية التعبير»، ويزعمون أن مثل هذا العمل متحيز ضد وجهات النظر المحافظة على الرغم من أن العديد من الدراسات دحضت هذا الادعاء.
وخلال فترة حكم ترامب الأولى اعتاد الرئيس حينها استخدام مصطلح «أخبار كاذبة» لمهاجمة وسائل الإعلام التي لا يحبها.
التضليل
وحتى قبل بدء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، عزز الجمهوريون جهودهم لعرقلة عمل التحقق من الحقائق في أعقاب اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته (ترامب) الكونغرس أثناء جلسة للتصديق على فوز جو بايدن في السادس من يناير 2021، حيث كانت تلك الجهود مدفوعة بالتضليل، مثل الإيحاء بأن الانتخابات قد «سُرقت» لصالح الديمقراطيين.
وأعلن ترامب في بيان عام 2022 أنه عند انتخابه مرة ثانية سيقوم بمنع الوكالات الفيدرالية والموظفين والأموال من المشاركة في أي جهود يزعم أنها تعيق التعبير القانوني، وسيحقق مع المتورطين في مثل هذه الأنشطة، ويشمل ذلك معالجة أو تصنيف أو الإبلاغ عن التضليل والمعلومات المضللة، والتي يصورها على أنها رقابة.
وعزز الملياردير الأميركي إيلون ماسك هذا الوعد في منشور على منصة «إكس»، بعد فوز ترامب، حيث أثبت ماسك أنه أحد أشد المعارضين للجهود الرامية إلى مكافحة التضليل، كما اتضح من محاولاته مقاضاة مراكز الأبحاث غير الربحية التي تركز على مكافحة خطاب الكراهية عبر الإنترنت.
خفض ميزانية وسائل الإعلام
وحاول ترامب خلال فترة حكمه الأولى خفض ميزانية وسائل الإعلام الخدمية العامة بشكل كبير، والتي تمثل بيئات البث الممولة من القطاع العام، والتي من المتوقع أن تقدم تقارير إخبارية مستقلة.
وتم تخفيض التمويل في ظل إدارة ترامب من 465 مليون دولار إلى 30 مليون دولار فقط، وهي الخطوة التي كانت لتهدد التقارير المحلية والاستقصائية في جميع أنحاء البلاد، لكن الكونغرس رفض هذه التخفيضات في نهاية المطاف.
ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كان المشرعون الجمهوريون سيقفون في وجه ترامب ويرفضون مطالبه بخفض تمويل وسائل الإعلام خلال فترة ولايته الرئاسية الثانية.
تسييس مكثف
وخلال فترة حكم ترامب الأولى، كان هناك أيضاً تسييس مكثف وهجمات على الصحافة في محطة «صوت أميركا»، التي تعد أقدم وأكبر هيئة بث عامة دولية في الولايات المتحدة.
وعيّن ترامب في عام 2020 مايكل باك رئيساً تنفيذياً جديداً لإدارة وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي، وإصلاح عملية نشر الإعلام. وخلال فترة عمله القصيرة التي استمرت سبعة أشهر، طرد باك كبار المسؤولين، وجمد ميزانيات التقارير، وأطلق تحقيقات مع الصحافيين المتحيزين المزعومين.
وباتت محطة البث العامة في الولايات المتحدة «بي بي إس»، التي تنتج بعض أهم تقارير المساءلة في الولايات المتحدة، معرضة للخطر بشكل كبير بسبب تخفيضات التمويل.
ومن المعروف أن ماسك الذي من المقرر أن يلعب دوراً رئيساً في خفض الإنفاق الحكومي والأنشطة في إدارة ترامب الجديدة، لديه سجل حافل من الحملات لسحب التمويل المخصص لوسائل الإعلام الخدمية العامة.
وبالنظر إلى نوعية السياسي «القوي» الذي يبدو أن ترامب معجب به، فضلاً عن أفعاله خلال فترة ولايته الأولى، فثمة سبب وجيه للاعتقاد بأن هذا التهديد سيكون حقيقياً للغاية على مدى السنوات الأربع المقبلة التي سيحكم بها ترامب الولايات المتحدة وفق ما يعتبره ملائماً لإعادة أميركا إلى حالتها كدولة قوية من جديد. عن «ذي كونفرزيشن»
الرأي العام الأميركي
أعربت منظمات حرية الصحافة الدولية عن قلقها تجاه حرية الصحافة إزاء احتمال تصعيد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هجماته ضد الصحافة خلال فترة ولايته الثانية، لكن استطلاع رأي أجري قبل انتخابات الرئاسة الأميركية بتكليف من المركز الدولي للصحافيين، أشار إلى أن تلك المخاوف لا تلقى صدى لدى الرأي العام الأميركي، حيث أظهر الاستطلاع الذي شمل 1020 شخصاً بالغاً على مستوى البلاد، أن ما يقرب من ربع الأميركيين (23%) المستطلعة آراؤهم لا يعتبرون مضايقة الزعماء السياسيين أو إساءة معاملتهم للصحافيين أو مهاجمة المؤسسات الإخبارية، تهديداً لحرية الصحافة.
. من المعروف أن ماسك الذي سيلعب دوراً رئيساً في خفض الإنفاق الحكومي خلال ولاية ترامب الثانية، لديه سجل حافل في سحب التمويل المخصص لوسائل الإعلام الخدمية العامة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.