كرّم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بحضور سموّ الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، المبعوث الإنساني لـ«مؤسسة القلب الكبير»، وسموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، صباح الأربعاء، منظمة «كونيكسيو إفريقيا»؛ الفائزة بالدورة التاسعة من «جائزة الشارقة الدولية لمناصرة ودعم اللاجئين».وسيسهم فوز المنظمة بجائزة قدرها 500 ألف درهم، في توسيع نطاق عملياتها وتأثيرها في المجتمعات المحتاجة، ويأتي تثميناً لجهودها في استحداث تجربة عمل إنساني تعتمد على التعليم من أجل التوظيف، بهدف انتشال اللاجئين من دائرة الفقر في شرق إفريقيا، لا سيما في كينيا وملاوي وأوغندا.وكان الحفل الذي أقيم في مقر «هيئة الشارقة للكتاب»، قد استهل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، عقبه شاهد سموّه والحضور، مادة فلمية عن الجائزة، وأهميتها وانعكاس نتائجها على المستفيدين، وإبراز الجهود الإنسانية في العالم، بتقديم حلول مبتكرة وتمكين اللاجئين للاعتماد على أنفسهم. التحدي الحقيقي وألقت علياء المسيبي، مديرة «مؤسسة القلب الكبير» كلمة افتتاحية، أكدت فيها أن كلَّ إنسان في هذا العالم يحمل في داخله حكاية تستحق أن تُروى، غير أن التحدي الحقيقي يكمن في الإنصات للحكايات والاستجابة لها، مشيرةً إلى أن حكايات اللاجئين تمثل الاختبار الإنساني الأول للقيم والأخلاق والثقافة، ولما تتبناه الحضارة من مفاهيم التعاون والتكافل وحقوق الإنسان.وأضافت «وضع صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، منذ البدايات، الأساس الإنساني لمشروع متكامل في الفكر والتنمية، جعل الإنسان محوراً لكل نهضة، والكرامة معياراً لكل نجاح وبقيادة كريمة من سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ترجمت إمارة الشارقة هذه القيم إلى منظومات تعمل باستمرار، فتحول الخير إلى مؤسسات ترتقي بالعمل الإنساني؛ من الرعاية إلى التمكين، ومن المساعدة إلى الشراكة».وأضافت «قدمت (كونيكسيو إفريقيا) نموذجاً عملياً استند إلى المعرفة والتعليم والارتقاء بالقدرات الذاتية للاجئين، ليتحولوا من التلقي إلى الإنتاج، ومن انتظار الفرص إلى صناعتها؛ حيث دربت المنظمة مئات الشباب في كينيا وملاوي وأوغندا على المهارات الرقمية، وفتحت أمامهم أبواب سوق العمل بشراكات عالمية وفي كل عام يصل الفائز بكل جدارة واستحقاق للحصول على لقب الجائزة والفائز الدائم هو الخير الذي يصنع الأثر الإنساني المستدام، نعبّر عن اعتزازنا بأن إمارة الشارقة المبادِرة بأن تعمل على إعادة التوازن لمشروعات العالم، رغم الحروب والنزاعات ونعاهدها على استمرار العمل لأجل عالم أكثر عدلاً وإنسانيةً وأمانا».وألقى خالد الحريمل، المدير التنفيذي ونائب رئيس مجموعة «بيئة»، كلمة أكد فيها أن الجائزة أصبحت منارة عالمية لتكريم الجهود الإنسانية المخلصة، وتقدير كل من قدّم وقته وجهده في خدمة اللاجئين والمحتاجين. وتجسّد بذلك الرؤية الإنسانية للشارقة، القائمة على الإيمان بأن الكرامة حق لكل إنسان، وأن الأمل يمكن أن يُولد من العطاء.وتوجه بخالص الشكر والامتنان، إلى صاحب السموّ حاكم الشارقة، على توجيهاته الكريمة، ورؤيته الإنسانية التي لامست القلوب وألهمت العقول.متناولاً مواصلة مؤسسة «القلب الكبير» بقيادة سموّ الشيخة جواهر، مسيرتها الإنسانية المشرقة لتكون امتداداً لفكر صاحب السموّ حاكم الشارقة، ونهجه في نشر الرحمة والخير، معاهداً باستمرار «بيئة» في دعم مثل هذه الحملات والمبادرات الخيرية لتبقى الشارقة رمزاً للعطاء والأمل. أعضاء اللجنة واستعرض الحفل أعضاء لجنة اختيار الفائز بالجائزة، حيث تلقت اللجنة 790 ترشيحاً من مختلف المؤسسات والمنظمات الخيرية في العالم، خضعت لعمليات تقييم دقيقة، وفق معايير محددة تركز على حجم الأثر الإنساني للمبادرات المرشحة واستدامتها، ومدى مساهمتها في تحسين حياة اللاجئين والنازحين في العالم، فضلاً عن التزامها بالمبادئ الإنسانية والشفافية.وتخلل الحفل عرض فيلم ترويجي تناول تجربة منظمة «كونيكسيو إفريقيا» الفائزة بالجائزة، التي جسدت منذ تأسيسها عام 2019، نموذجاً رائداً في تحويل التعليم الرقمي إلى وسيلة حياة، وفي تمكين اللاجئين من بناء مستقبل قائم على المعرفة والعمل والإنتاج، ونجاح المنظمة برؤيتها المبتكرة، في ردم الفجوة الرقمية وتحويل المهارات التقنية إلى فرص عيش مستدامة، لتصبح من أبرز النماذج التي تجمع بين التكنولوجيا والإنسانية في آنٍ واحد.وأكد فابيان دي كاستييا مدير «كونيكسيو إفريقيا» في كلمة ألقاها، أن الجائزة ليست تكريماً للمنظمة وحدها، بل لأكثر من ألف شخص تم تدريبهم وتمكينهم حتى اليوم في مخيمات اللاجئين والمجتمعات المضيفة في أنحاء إفريقيا.وأضاف دي كاستييا «نؤمن بأن جعل واجب الوقوف إلى جانب الضعفاء والمحتاجين مستداماً يتطلب بناء جسور بين عالم العمل الاجتماعي وعالم الأعمال، وبين المجتمعات المهمّشة والاقتصاد العالمي، وبين مهارات اللاجئين وفرص الشركات؛ ففي العالم الرقمي تزول الحدود، وحين تزول الحدود، تُفتح الطرق أمام الشمول والكرامة والأمل». أكثر مرونة وأضاف «لنكونَ أكثر مرونة وابتكاراً في إشراك اللاجئين في صنع الحلول، وضعنا استراتيجية طموحة للسنوات المقبلة، بحيث ننتقل من مرحلة المشاريع التجريبية إلى مرحلة توسيع الأثر؛ ففي عام 2026، سنوسّع برامجنا للتدريب الرقمي في كينيا وملاوي وأوغندا وغيرها، وسنطلق منهجاً جديداً يركّز على مهارات المستقبل، كما نعمل في الوقت الحالي على تطوير ذراع للأعمال الاجتماعية تتيح توظيف خريجينا مباشرة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وإدارة البيانات، ودعم العملاء».واختتم دي كاستييا كلمته، قائلاً: «يحمل تسلّمنا للجائزة في الشارقة معنى خاصاً؛ فهي الإمارة التي لا تُعرف فقط بثقافتها ومعرفتها، بل بقلبها الإنساني الكبير، والمكان الذي يجسّد حقاً قيم الرحمة والتعاون التي تقود عملنا كل يوم».وشهد صاحب السموّ حاكم الشارقة، جلسة حوارية شارك فيها سيث ماثياس سونيا، مدير التطوير في منظمة «كونيكسيو إفريقيا»، وفيدليس موتوكو موتيندا، مدير العمليات في المنظمة، مشاركين تجاربهم وإنجازاتهم وآمالهم المستقبلية مع هذه التجربة الإنسانية الرائدة.وتحدث سيث ماتياس، عن أهمية عقد الشراكات مع مؤسسات ومنظمات محلية وعالمية، والعمل على ربط الناس وتمكينهم من استخدام التكنولوجيا. موضحاً بأن الجهود تصب على استدامة المشاريع في ظل التحديات التي تقابلهم مثل التمويل المادي، كون المنظمة تعمل على أن يصل اللاجئ لمرحلة الاستقلالية والاعتماد على نفسه.فيما تناول موتيندا، آلية عمل المنظمة وإدارة عملياتها وتلبية طلبات المتعاملين، وتوصيل الأفكار للموظفين وتوفير البنية التحية اللازمة لضمان استمرارية العمليات، مؤكداً وجود العديد من قصص النجاح الذي يمكن أن تروى ويستفاد منها.وشاهد صاحب السموّ حاكم الشارقة، العرض الأول والحصري للإعلان الترويجي للفيلم الوثائقي الثاني لمؤسسة القلب الكبير بعنوان «لا تعيدوا تسميتنا»، وأنتج بدعم من المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ومدينة الشارقة للإعلام «شمس»، حيث يوثق قصة منظمة «توميني ليتو»، الفائزة بالجائزة عام 2020، مضيئاً على أثر المبادرات الإنسانية التي دعمتها الجائزة في إحداث التغيير وبناء الأمل في حياة اللاجئين في العالم.وجاء اختيار «كونيكسيو إفريقيا» من بين 790 ترشيحاً عالمياً نظير نهجها المستدام وتأثيرها الإيجابي في تمكين اللاجئين من الاعتماد على الذات، عبر برامج تدريب رقمية عملية تربط بين التعليم وفرص كسب الدخل، فقد نجحت في تدريب نحو 8 آلاف لاجئ ومحتاج في كينيا وملاوي وأوغندا، ووفرت لهم فرص عمل حقيقية في مجالات الاقتصاد الرقمي، ما أسهم في رفع متوسط الدخل الشهري من دولار واحد إلى نحو 200 دولار أمريكي، مع معدلات توظيف وصلت إلى 90%.وتُعد المنظمة نموذجاً عالمياً في دمج التكنولوجيا بالعمل الإنساني، إذ أنشأت مراكز رقمية داخل المخيمات مزوّدة بإنترنت عالي السرعة «Starlink» وخدمات مساندة مثل رعاية الأطفال، لتسهيل مشاركة النساء في برامجها، حيث تمثل النساء 66% من إجمالي المستفيدين، كما تُشرك اللاجئين في عمليات التدريب وبناء القدرات، ما يعزز استدامة برامجها وأثرها على المدى الطويل.كما شهد الحفل إعلان فتح باب التسجيل في الدورة العاشرة من الجائزة لعام 2026، في دعوة لمواصلة تمكين المبادرات الملهمة في ميادين العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم.وتسعى الجائزة إلى دعم الحلول الإنسانية العملية التي أثبتت كفاءتها على أرض الواقع، وأسهمت في تعزيز مكانة المهارات الرقمية مساراً فعّالاً لمناصرة اللاجئين. مؤكدةً أن الاستثمار في المهارات والاندماج الاقتصادي عاملان أساسيان لبناء مستقبل يعيش فيه اللاجئون حياة كريمة.حضر الحفل بجانب سموّهم: الشيخ صقر بن محمد القاسمي، رئيس مجلس إدارة «جمعية الشارقة الخيرية»، والشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، المديرة العامة لمؤسسة «ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين»، والشيخ فيصل بن سعود القاسمي، مدير هيئة مطار الشارقة الدولي، وعدد من كبار المسؤولين، ممثلي المنظمات الخيرية والداعمين.