بين صرخات أطفال الفاشر وأنين أمهات غزة، يقف العالم بميزانٍ أعور لا يرى إلا ما يريد أن يرى.
في فلسطين، اشتعلت المظاهرات في العواصم، نُكّست الأعلام، وانهمرت المليارات من المساعدات؛ أكثر من 40 مليار دولار منذ التسعينيات، إضافةً إلى دعمٍ سياسي ودبلوماسي وإعلامي لا يهدأ. أما السودان، فلا مسيرات، ولا بيانات عاجلة، ولا حتى قمة يتيمة تبحث الكارثة...
يموت الناس بصمت، وتُباد مدن بكاملها في حربٍ تجاوزت العام ونصف العام، خلّفت 14 مليون نازح ودفعت 21 مليون إنسان نحو الجوع، في حين لم يُموّل المجتمع الدولي سوى ربع الخطة الإنسانية المطلوبة لإنقاذهم!
هذه ليست مجرد أزمة منسية، بل تجلٍ فاضح لـ«العنصرية البنيوية» في النظام الدولي... فالعالم الذي يهبّ غاضبًا حين تكون الضحية بيضاء الملامح، يكتفي بالتغريد حين يكون لونها أسود. مجلس الأمن عاجز، والإعلام الغربي صامت، والعرب – في معظمهم – يتفرجون.
تُظهر الأرقام أن السودان يعيش اليوم أكبر نزوح داخلي في العالم، وأن الفاشر تحولت إلى مقبرة مفتوحة بعدما حوصرت وقُطعت عنها المساعدات... حتى برنامج الغذاء العالمي اضطر لتقليص حصصه بسبب فجوة تمويلية بلغت 700 مليون دولار، فيما يُتداول عن تدفق أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر دولٍ إقليمية، تحت صمتٍ دولي مريب، بحجة «عدم الاختصاص».
المسألة لم تعد حربًا داخلية فقط، بل انهيارًا أخلاقيًا عالميًا.. فالعالم الذي يرفع شعار الإنسانية كشف عن وجهه الحقيقي: إنسانيةٌ انتقائيةٌ تُقاس بلون الجلد وموقع الجغرافيا.
السودان يُذبح مرتين؛ مرةً بالسلاح، ومرةً بالصمت!
وإذا لم يتحرك الضمير العربي والإسلامي اليوم، فلن يبقى غدًا منبر يُبكى عليه...
فالفاشر تُباد، والعالم منشغل بحسابات السياسة، وكأن الدم الأفريقي لا يستحق حتى بيانًا!
ويبقى السؤال المعلّق كطعنة في وجه البشرية:
هل لأن السودان أسود، صار الموت فيه أرخص من الخبر العابر.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
