الشارقة: «الخليج»
في عيد الاتحاد الـ 54 للإمارات، تبرز تجربة «مجلس إرثي للحرف المعاصرة» بوصفه إحدى المؤسسات الوطنية الرائدة التي نجحت في تحويل الحرف إلى أحد أبرز مكوّنات الهوية الإماراتية المعاصرة، حيث قدّم نموذجاً ثقافياً حياً يُسهم في التعليم ويعزّز الاقتصاد والتنمية المجتمعية، ويُجسّد في الوقت نفسه رؤية الدولة تجاه التراث ضمن مختلف المحافل والمناسبات الدولية.
تأسس المجلس عام 2015 تحت رعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مجلس إرثي للحرف المعاصرة، بهدف بناء منظومة مهنية للحرفيات الإماراتيات، وربط التراث بمنصات التصميم العالمية.
السياسات الثقافية
على مدار عشر سنوات منذ تأسيسه، جسد امتداداً عملياً للسياسات الثقافية الإماراتية التي عملت على دمج التراث، بما فيه الحرف، في ممارسات النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلم يكتفِ بحفظ «التلي» و«السفيفة» و«الفروخة» وغيرها من الحرف الأكثر تمثيلاً للهوية المحلية، بل حوّلها إلى برامج تدريب وإنتاج وتوثيق مستدامة.
وواكب المجلس احتفالات دولة الإمارات بعيد الاتحاد بمجموعة من الورش، منها «ورشة صناعة ميداليات مفاتيح من التلي والجلد»، و«ورشة تصميم فواصل الكتب باستخدام تقنية (السفيفة)»، وذلك بالتعاون مع هيئة الشارقة للمتاحف، وهيئة الطرق والمواصلات بالشارقة، وهيئة كهرباء ومياه دبي، بإشراف نخبة من الحرفيات الإماراتيات.
شبكات الحرفيات
تحوّل «إرثي» -خلال عقد من الزمن- من مبادرة محلية إلى مؤسسة تمتلك واحدة من أكبر شبكات الحرفيات في المنطقة، تعمل وفق منظومة تدريب وإنتاج وتطوير متكاملة، تضم أكثر من 640 حرفية حتى مايو 2025، واستطاعت خلال هذه السنوات بناء حضور ثقافي ومهني وصل إلى 13 دولة عبر مشاريع تعاون وبرامج نقل معرفة.
في عام 2024 وحده، نظّم «إرثي» أكثر من 60 ورشة عمل استفاد منها ما يقارب 1400 مشارك ومشاركة، في حين شهد عام 2025 بناء أكثر من خمس شراكات استراتيجية جديدة مع مؤسسات تصميم وأسواق حرفية عالمية، كما شارك في أكثر من سبع فعاليات دولية ومحلية امتدت من الشارقة إلى لندن وبازل وموسكو.
قدم «إرثي» نموذجاً عملياً لكيفية تحويل الحرفة من مهارة تقليدية إلى جزء من الاقتصاد الإبداعي العالمي. فمن خلال تطوير خطوط إنتاج فنية مستوحاة من التراث الإماراتي مثل الطايف، مُوي، تيلاد، ند، سَفرة، أعاد صياغة العناصر الجمالية المحلية بأسلوب معاصر يلائم أسواق التصميم الدولية.
تعاون نوعي
ترافقت هذه الجهود مع تعاون نوعي مع علامات عالمية مثل: بولغري، كارتييه، أسبري، وديزاين ميامي، كما سجلت الحرف الإماراتية حضوراً متقدماً في معارض كبرى مثل: ميزون دي إكسبسيونز، باريس، أسبوع لندن للتصميم، وأسبوع دبي للتصميم.
إلى جانب دوره المهني والإنتاجي، يسهم «إرثي» في توثيق الذاكرة الثقافية لدولة الإمارات من خلال بناء قاعدة معرفية دقيقة للحرف التي شكّلت جزءاً من الهوية الثقافية عبر العقود.
كما توسّعت مبادرات إرثي لتشمل ورش التطريز الإماراتي والفلسطيني والأردني والباكستاني، مقدّمة فضاءً للتبادل الثقافي يعيد ربط الحرف ببيئتها التاريخية ويضعها ضمن شبكة أوسع من المهارات الإقليمية.
ويتقدم «إرثي» اليوم نحو محطة استراتيجية جديدة تتمثل في افتتاح «متحف إرثي» عام 2029، وهو مشروع سيحوّل المجلس إلى مرجعية ثقافية دائمة في مجال الحرف الإماراتية، حيث سيعمل المتحف على توثيق تاريخ الحرف، وعرض تطورها البصري والتقني، وتوفير مصادر علمية للباحثين والمتخصصين، إلى جانب وضع التراث الإماراتي ضمن سياق عالمي للصناعات الإبداعية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
