شهدت صناعة الألعاب الإلكترونية في عام 2025 حدثًا تاريخيًا باكتمال أكبر استحواذ لشركة ألعاب غربية من طرف صندوق الثروة السيادي السعودي (PIF) وشركاء آخرين بقيمة تجاوزت 55 مليار دولار، حيث تم الاستحواذ على شركة Electronic Arts (EA)، أحد أكبر ناشري الألعاب في العالم، والمطور لسلاسل عالمية مثل EA Sports FC (فيفا سابقاً)، Battlefield، The Sims وغيرها. هذا التحول يُعَدُّ علامة فارقة ليس فقط على مستوى الاقتصاد السعودي أو الصناعة العالمية، ولكن، والأهم، بالنسبة للاعبين العرب ومستقبل صناعة وتوطين الألعاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في هذا التقرير، سنناقش بشكل مفصل أبعاد وتداعيات هذا الاستحواذ العملاق على تجربة اللاعبين العرب، والمحتوى المتاح، وسياسات التوظيف والتنمية، والتحول المنتظر في البنية التحتية، ودعم المواهب المحلية، وتغييرات السياسات التسويقية والتوزيعية، إضافة إلى آراء خبراء وصناع القرار من المنطقة، وقراءة في التوجهات والمبادرات المستقبلية المتوقعة.
فهرس المقال:
-
الجزء الأول (لماذا يهتم اللاعب العربي بالاستحواذ على EA؟) الذي تقرأه الآن…
-
الجزء الثاني (الخوادم المحلية وتجربة اللعب الجماعي وفرص التوظيف والتنمية المهنية للمواهب العربية) من هنا…
-
الجزء الثالث (ما هو التأثير المتوقع على اللاعبين العرب؟ وآراء خبراء ومطورين عرب حول الاستحواذ) من هنا…
1. لماذا يمثل الاستحواذ على EA نقطة تحول للاعبين العرب؟
1.1 الزخم غير المسبوق لصناعة الألعاب في المنطقة
يأتي هذا الاستحواذ في سياق توسع لافت لسوق الألعاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، إذ تشير تقارير GEM Capital و Mordor Intelligence إلى أن عدد اللاعبين في منطقة MENA وصل إلى نحو 559 مليون شخص في 2025، ما يجعل السوق العربي أكبر من سوق أوروبا (454 مليون لاعب) ويقارب أسواق أمريكا الشمالية والجنوبية مجتمعة. مع ذلك، لا تزال حصة المنطقة من العائدات العالمية متواضعة قياسًا بحجم الكتلة السكانية، وهو ما يخلق إمكانات ضخمة غير مستغلة ويبرر سعي رؤوس الأموال الكبرى، وعلى رأسها “صندوق الاستثمارات السعودي”، لإحداث انقلاب نوعي.
تسارع الدعم الحكومي السعودي لتطوير صناعة الألعاب برز في تحديث “الاستراتيجية الوطنية للرياضات الإلكترونية والألعاب”، التي تستهدف توليد 39 ألف وظيفة جديدة في القطاع وترسيخ مساهمة الألعاب والرياضات الإلكترونية في الناتج المحلي بحلول 2030. وكجزء من تعزيز النفوذ، قادت المملكة بناء بنية تحتية حديثة، وأنشأت “مجموعة سافي للألعاب الإلكترونية” (Savvy Games) ، ومدينة “القدية” الترفيهية، واستثمارات أخرى بارزة في Nintendo وActivision Blizzard و Scopely وغيرها.
1.2 لماذا يهتم اللاعب العربي بهذا الاستحواذ بالذات؟
للمرة الأولى، تجد جماهير اللاعبين العرب أنفسهم أمام نافذة أمل حقيقية في التغيير الفعلي لتجاربهم اليومية مع ألعاب شركة عالمية بحجم EA، بدلاً من دور المستورد أو المستهلك فقط. فقد استمرت لعقود معاناة المستخدم العربي مع مشاكل ضعف البنية التحتية (سيرفرات غير مستقرة)، وعدم توفر دعم للغة العربية في معظم إصدارات ألعاب EA، وصعوبات في عمليات التوزيع الرقمي والتجارب المحلية، وندرة التوظيف أو الاعتراف بالمواهب العربية في الصناعة. الطموح الجماهيري ارتفع بعد الإعلانات الرسمية بتولي المملكة العربية السعودية وشركائها الرؤية الاستراتيجية الجديدة للشركة وتوجيهها نحو تعزيز الحضور العالمي والتركيز على المناطق ذات النمو المرتفع – وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط.

2. أثر الاستحواذ على توطين المحتوى وتحسين دعم اللغة العربية
2.1 تطلعات اللاعبين العرب حول توطين المحتوى
منذ الإعلان عن الاستحواذ، عبر مجتمع اللاعبين العرب عن تطلعات قوية بدعم التحولات الجذرية التالية في ألعاب EA:
- إدراج الأندية العربية العريقة والمشهورة (مثل الأهلي والزمالك والرجاء والوداد والصفاقسي والهلال وغيرهم) في ألعاب كرة القدم الرقمية بتراخيص رسمية وشعارات وأطقم حقيقية، بدلاً من غياب أو تمثيل رمزي كما كان سابقًا.
- تكريم أساطير كرة القدم العربية (Icons)، مثل حسام حسن، عصام الحضري، ياسر القحطاني، طارق التائب وآخرين، وإتاحة بطاقاتهم ضمن أطوار اللعبة التي تهيمن عليها رموز أوروبية وأمريكية في العادة.
- دمج قصص أو شخصيات عربية أو إسلامية في الأنواع الأخرى من ألعاب EA (مثل Battlefield وThe Sims وغيرهم)، وتقديم صورة أكثر احترامًا وواقعية للثقافة والهوية العربية في السرد القصصي وأسلوب اللعب.
2.2 آفاق دعم وتعريب اللغة العربية
من المأمول – بل ومن المتوقع – أن يسفر الاستحواذ عن نقلة نوعية في تعريب ألعاب EA ودعم اللغة العربية في جميع واجهات المستخدم والحوار والمواد البصرية والصوتية. وقد ظلت معاناة اللاعبين العرب مع غياب التعريب، أو الاكتفاء بترجمات جزئية أو ركيكة، من أبرز عوائق اندماجهم الكامل في تجارب اللعب العالمية. وإزاء ضغط المنافسة (شركة Riot Games قدمت مؤخراً تعريبًا كاملًا وخوادم محلية للعبة League of Legends في المنطقة)، تزداد الحاجة لتقديم واجهات مستخدم عربية ملائمة، نصوص حقول اللعبة منسقة من اليمين إلى اليسار، مع تخصيص أصوات ونصوص تراعي السياق الثقافي والاجتماعي للمنطقة، مع الإشراف على ضبط الجودة النهائية للتعريب (ضمان التطابق مع المصطلحات الرياضية والثقافية الصحيحة).
ترى العديد من الدراسات أن تحسين التوطين لا يقتصر فقط على الترجمة، بل يشمل كذلك مراعاة الحساسيات المحلية والقيم المجتمعية (على سبيل المثال: تجنب الرموز أو الحملات المخالفة للعادات أو القيم الدينية)، وهو ما يعزز من فرص تقبل الألعاب وتحولها إلى جزء مؤثر من ثقافة الترفيه الرقمي العربي. في ضوء هذه المعطيات، من المنتظر أن تنمو استشارات التعريب المحلية، وتظهر فرص جديدة لشركات ومبادرات “مركز تعريب الألعاب” والمنصات المجتمعية المختصة بترجمة الألعاب للغة العربية.
2.3 الفرص الكامنة في المحتوى الأصلي العربي
يمثل الاستحواذ فرصة ذهبية لدعم إنتاج محتوى قصصي وألعاب مستوحاة من الموروث العربي والإسلامي، عبر تطوير عناوين أصلية تعكس قصص “ألف ليلة وليلة” أو السير الشعبية أو بطولات العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وذلك بتوظيف كوادر محلية وبشراكات مع كتاب ومصممين وفنانين عرب. ويمتلك العالم العربي ثراءً قصصيًا غير مستغل في مجال الألعاب الرقمية، ومن الممكن أن يحول هذا الحراك المملكة إلى “مركز لرواية القصص الرقمية” كما تطمح خطط رؤية 2030.
كاتب
أعشق ألعاب الفيديو منذ أيام جهاز العائلة، و أفضل ألعاب المغامرات أمثال Tomb Raider و Assassins Creed (قبل التحول للـRPG)، ليس لدي تحيز لأي جهاز منزلي بالنسبة لي الأفضل هو الذي يقدم الألعاب الأكثر تميزاً. ما يهمني هو التجارب ذات السرد القصصي المشوق فالقصة هي أساس المتعة أكثر من الجيمبلاي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سعودي جيمر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سعودي جيمر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
