نتابع الحديث عن آثار استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على EA وكيف يمكن أن يكون مفيداً للاعبين العرب على صعيد تحسين البنية التحتية ودعم التعريب وغيرها. فهرس المقال: الجزء الأول (لماذا يهتم اللاعب العربي بالاستحواذ على EA؟) من هنا… الجزء الثاني (الخوادم المحلية وتجربة اللعب الجماعي وفرص التوظيف والتنمية المهنية للمواهب العربية) الذي تقرأه الآن… الجزء الثالث (ما هو التأثير المتوقع على اللاعبين العرب؟ وآراء خبراء ومطورين عرب حول الاستحواذ) من هنا… 3. تحسين البنية التحتية: الخوادم المحلية وتجربة اللعب الجماعي 3.1 معاناة الخوادم وتوقعات المستقبل لطالما كانت مشكلة ارتفاع البينج (Ping) وعدم وجود سيرفرات مخصصة لمنطقة الشرق الأوسط إحدى أبرز مصادر الإحباط لملايين اللاعبين العرب، خصوصًا في ألعاب التنافس الجماعي والرياضات الإلكترونية مثل EA FC وBattlefield و Apex Legends وغيرها. هذا القصور الفني أثر تاريخيًا على القدرة التنافسية للاعبين العرب وأبعدهم عن البطولات العالمية، ودفع الآلاف للهجرة إلى سيرفرات أوروبا، ما أضر بجودة تجربتهم وجعل البعض عرضة لقرارات حظر بسبب اختلاف المناطق الجغرافية. يترقب اللاعبون العرب اليوم تنفيذ تعهدات واضحة باستثمارات جديدة في بنية تحتية قوية للحوسبة السحابية ومراكز بيانات حديثة في السعودية ودول الخليج، وتخصيص سيرفرات محلية لألعاب EA الأهم (وربما لكل الأطوار الجماعية). وتتجه شركات البنية التحتية اليوم لتقديم حلول محسنة لخوادم الألعاب بالشرق الأوسط، مما يعد بظهور زمن استجابة منخفض (Low Latency) وتجارب لاعبين منافسة عالميًا. 3.2 خطط التحالف الجديد لبناء القدرات الرقمية يذكر الخبراء أن امتلاك صندوق الاستثمارات السعودي لـ EA يمنح حرية أكبر في توسعة عمليات التوزيع والصيانة والخدمات السحابية، تأمين شراكات مع شركات الحوسبة الكبرى المحلية والدولية، وربما التوسع لابتكار حلول ذكاء اصطناعي عربية لتحليل أداء اللاعبين وتقديم دعم مباشر وفوري باللغة العربية. وقد حققت مشاريع أخرى (كما فعلت Riot مع خوادم League بالعربية) قفزات هائلة في تقليل البينج، ويمكن أن يستنير تحالف EA الجديد بهذه النماذج، لا سيما مع تصاعد التنافس الإقليمي بين السعودية والإمارات على ريادة المراكز السحابية. 4. استراتيجيات التوزيع والتسويق في السوق العربية 4.1 نحو تمثيل أفضل للألعاب والبطولات المحلية يتوقع أن تواكب الاستراتيجية التسويقية الجديدة لشركة EA ـ تحت قيادة التحالف السعودي ـ التوجه الدولي للمنصات الرقمية، مع إضافة مزايا محلية نوعية. ستُمنح الأحقية للأندية المحلية والدوريات العربية للدخول بعلاماتها التجارية الأصلية في منتجات EA Sports، خاصة بعد الضغوط الجماهيرية الهائلة التي طالبت بوجود أندية مثل الأهلي والزمالك والرجاء وغيرها وهو بالفعل ما بدأت EA بتنفيذه ببطولات سابقة. وقد أعلن رسميًا عن انضمام الدوري السعودي “دوري روشن” إلى قائمة البطولات الرسمية في EA Sports FC، مع توقعات تزايد ظهور الأندية والمنتخبات العربية المقبلة ـ خصوصًا بعد الاستحواذ. 4.2 الحملات الموسمية وفعاليات المنطقة أطلقت EA في عام 2024 أول نسخة على الإطلاق من بطولتها الرمضانية في الشرق الأوسط (EA Ramadan Cup)، لتمهد الطريق أمام حملات موسمية مخصصة للمجتمع العربي، تجمع بين الترفيه والبطولات والجوائز الرقمية، وفعاليات خاصة في المواسم الإسلامية والعربية. هذا التوجه قد يتسارع أكثر تحت التحالف الجديد، مع تخصيص جانب من برامج الجوائز والإعلانات الرقمية والفعاليات الحية عبر مراكز الترفيه السعودية ومنصة “القدية”، لتحفيز دمج اللاعبين العرب في التجربة الكلية للعلامة التجارية العالمية لـ EA. 4.3 تسويق يناسب القيم والسلوك الاستهلاكي أشارت الدراسات إلى أن اللاعبين العرب يتميزون بقوة شرائية مرتفعة وقاعدة شبابية ضخمة (أكثر من 60% من سكان المنطقة دون الثلاثين عام)، ومعظمهم يعيشون في مدن رقمية بالكامل ويلعبون عبر الهاتف والكونسول غالباً. وسيفرض دخول رأس مال عربي ضخم في EA استراتيجيات تسويق أكثر فهمًا للاحتياجات والسلوكيات، مع تعزيز حملات ترويجية عبر منصات محلية، واستهداف أسواق الخليج والشام وشمال أفريقيا بعروض حقيقة وطرق دفع متوائمة مع الأنظمة المصرفية المحلية. 5. فرص التوظيف والتنمية المهنية للمواهب العربية 5.1 إنعاش سوق العمل العربي في قطاع الألعاب تمثل مكافحة البطالة وصعود المواهب الشبابية الرقمية تحديًّا محوريًا لدول المنطقة. قيادة السعودية لعمليات استحواذ كبرى (EA، Scopely، Niantic) تهدف ـ بحسب الاستراتيجية الوطنية للألعاب ـ لتوليد عشرات آلاف من فرص العمل الجديدة في تخصصات تطوير الألعاب، البرمجة، الفنون الرقمية، التسويق وإدارة المجتمعات، والبنية التحتية الرقمية. وأتاحت الصفقات الأخيرة انتقال العشرات من الوظائف التنفيذية والفنية إلى السعودية والإمارات، عبر إعلانات وظيفية رسمية ظهرت لدى شركات EA International Teams في المملكة والخليج، بالإضافة إلى إطلاق برامج متخصصة لتطوير الخريجين الجدد في القطاع. 5.2 برامج التدريب والتعليم المتخصصة برزت مبادرات مثل برنامج “صنّاع اللعب” التدريبي في القدية الذي يطمح لتأهيل 325 ألف شاب سعودي وفرص عمل في القطاعات الأساسية للترفيه الرقمي والألعاب، بالتعاون مع جهات تدريبية محلية وعالمية، ما يعكس التوجه الجاد لخلق جيل جديد من المبرمجين والمصممين والفنانين المحليين. ولم تكتف “القدية” بذلك، بل وقعت مذكرات تفاهم مع أكبر مزودي التدريب لتطوير مهارات فنية وإدارية في القطاع، مع تمكين فرص عمل مباشرة في مشروعاتها العملاقة. برامج أخرى ـ مثل “رواد الألعاب” بإشراف DigiPen ومبادرة Google لتدريب المطورين وصناع المحتوى في السعودية ـ أطلقت دورات تدريبية متقدمة تستهدف مختلف شرائح المواهب الرقمية العربية، من تطوير الألعاب وتصميم التجارب البصرية والسرد القصصي إلى التحليل البياني والتسويق الرقمي. 5.3 دعم رواد الأعمال والمطورين المستقلين العرب بات بإمكان المطور العربي اليوم أن يحصل على تمويل ودعم لوجستي وفرص احتضان لمساره الريادي في مجال ألعاب الفيديو. أعلنت صناديق الاستثمار الوطنية صناديق تمويل للمشروعات الناشئة، مع معايير تحفز الشركات ذات الأفكار المبتكرة الواضحة الأثر المحلي، وتتوافق مع مستهدفات رؤية 2030، منها دعم رؤوس أموال ابتدائية، ومسرعات أعمال، وتسهيلات ريادة مع شركات الألعاب العالمية. ويشير خبراء المشاريع الناشئة إلى أن تمكين المطورين المستقلين بمبادرات تمويلية قوية وبرامج احتضان متخصصة، سيساعد في نقل الصناعة من الاقتصار على الاستهلاك إلى الابتكار والتطوير المحلي، مع فرص تصدير الألعاب والمحتوى العربي عالميًا، مستفيدين من دعم شركاء التكنولوجيا العالميين (Google، Microsoft، Apple وغيرها)، خاصة وأن الوصول إلى منصات التوزيع الرقمية بات أكثر سلاسة واحترافية. كاتب أعشق ألعاب الفيديو منذ أيام جهاز العائلة، و أفضل ألعاب المغامرات أمثال Tomb Raider و Assassins Creed (قبل التحول للـRPG)، ليس لدي تحيز لأي جهاز منزلي بالنسبة لي الأفضل هو الذي يقدم الألعاب الأكثر تميزاً. ما يهمني هو التجارب ذات السرد القصصي المشوق فالقصة هي أساس المتعة أكثر من الجيمبلاي.