ترفع سارة كامل يديها إلى السماء، وهي تدور دورة كاملة حول نفسها، قبل أن تشخص ببصرها إلى أعلى، وتكمل دورانها غير عابئة بإيقاعات الموسيقى الصاخبة، أو بنظرات الجمهور الغفير من حولها، وكأنما تحلق وحدها في ملكوتها الخاص.ولعله الشعور نفسه، هو الذي حوَّل مسار خريجة قسم الجغرافيا بكلية الآداب، من الدراسات التربوية، إلى دراسة الفلسفة، قبل أن تلتحق تالياً بأول مدرسة لتعليم فنون المولوية، لتصبح أول راقصة مولوية في مصر.لا تعرف سارة كامل على وجه الدقة، ما الذي دفعها إلى السير في هذا الطريق، لكنها تقول إن الأمر بدا أشبه بالغواية، عندما تابعت ذات مساء، إحدى الفرق التي تقدم موسيقى المولوية في مصر، وشعرت برغبة عارمة في تعلم فنون تلك الرقصات، لتكتشف بمحض المصادفة، أن صديقاً لها عضو بنفس الفرقة، فيما بدا وكأنه إشارة إلى أن تسلك هذا الطريق.لا ترى سارة كامل وهي لا تزال في الثلاثين من عمرها، أي تعارض بين ما درسته خلال مشوارها الجامعي، وفنون المولوية، فالاثنان يلتقيان في نقطة واحدة وهي محاولة فهم الطبيعة، وتقول: اكتشفت أن الجغرافيا ترتبط إلى حد ما برقص المولوية، فالأولى تعتمد على دراسة الطبيعة، وقد يستدعى الأمر السفر لمسافات للوصول لمكان ما لدراسته واكتشافه، بينما المولوية تنقلك إلى أي مكان، كي تتأمل عظمة الخالق في الطبيعة من حولك.تربط سارة كامل بين عشقها لرقص المولوية، وبدايات تعرفها عن قرب إلى أشعار جلال الدين الرومي، التي مهدت الطريق أمامها لمحاولة فهم التصوف، والانضمام لاحقاً لورشة لتعليم فنون رقص المولوية على يد خبير تركي في مصر، وتقول سارة: بعد انتهاء الدورة، خضعت لاختبار صغير، لأكتشف بعده أنني تمكنت من الدوران لمدة بلغت 45 دقيقة من دون توقف، وقد كان ذلك هو جواز المرور إلى هذا العالم الساحر.تقوم رقصات المولوية، حسبما تقول سارة كامل، على عدة مستويات، تمثل الحركة الجسدية فيها المستوى الأول، الذي يفضي إلى الشعور، قبل أن يصل الراقص إلى ما يطلق عليه المستوى الروحاني، وهو المستوى الذي يشعر فيه الراقص بأنه قد توحد مع الكون من حوله، فلا يشعر بشيء، وهو يؤدي تلك الرقصات الخلابة. لا يشترط أداء رقصات المولوية، إلا الاستعداد البدني، ومحبة هذا اللون من الرقص الإيقاعي، وإن كان يفضل حسبما تقول سارة كامل، تجنب تناول الطعام قبل الرقص بفترة تتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات، وارتداء ملابس مريحة، وهو ما يوفره الزي الكلاسيكي للمولوية، الذي يُمَكِّن الراقص من الأداء برشاقة وخفة.