يبدو أن عام 2025 لم يكن سهلاً على منصة X (تويتر سابقاً)، التي وجدت نفسها في مواجهة سلسلة من الغرامات المالية الضخمة في أوروبا، هذه العقوبات لم تكن مجرد أرقام في دفاتر الحسابات، بل دقت ناقوس الخطر لتُظهر أن عصر التساهل مع عمالقة التكنولوجيا قد انتهى، وأن القوانين الرقمية الجديدة ليست مجرد حبر على ورق. صفعة أوروبية بقيمة 120 مليون يورو في ضربة قوية، فرض الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر 2025 غرامة تاريخية بلغت 120 مليون يورو على X، جاء هذا القرار الحاسم من المفوضية الأوروبية بعد أن خلصت التحقيقات إلى أن المنصة انتهكت "قانون الخدمات الرقمية" (DSA) بشكل متكرر، وهو القانون الذي وُضع لحماية المستخدمين من الممارسات المضللة. ماذا فعلت X لتستحق هذه الغرامة؟ خداع "العلامة الزرقاء": اعتبرت المفوضية أن علامة التوثيق الزرقاء، التي أصبحت متاحة مقابل اشتراك مدفوع، تُضلل المستخدمين وتجعلهم يعتقدون أن الحسابات موثوقة رسمياً، بينما هي في الحقيقة مجرد خدمة مدفوعة، وصف التقرير هذه الممارسة بـ "التصميم الخادع"، إضافة إلى غموض الإعلانات: حيث فشلت المنصة في توفير سجل شفاف للإعلانات، مما صعّب على الباحثين والمستخدمين معرفة من يقف وراء الحملات الإعلانية، خاصة تلك التي قد تكون مضللة أو ذات أهداف سياسية. فضلا عن حجب البيانات عن الباحثين: حيث اتُهمت X أيضاً بعرقلة وصول الباحثين المستقلين إلى بياناتها العامة، وهو ما يتعارض مباشرةً مع مبادئ الشفافية التي يفرضها القانون الأوروبي، حيث أن هذه الغرامة ليست مجرد عقوبة مالية، بل هي رسالة واضحة من أوروبا بأنها لن تتهاون في تطبيق قوانينها لحماية فضائها الرقمي. إسبانيا تفرض غرامة بسبب إعلانات العملات المشفرة لم تقتصر مشاكل X على بروكسل فقط، ففي نوفمبر 2025، فرضت السلطات الإسبانية غرامة بقيمة 5 ملايين يورو على المنصة، السبب هذه المرة كان مختلفاً ولكنه لا يقل أهمية: سماح X بنشر إعلانات لشركة تداول عملات مشفرة غير مرخصة في إسبانيا. حيث سمحت المنصة لشركة تُدعى "Quantum AI" بالترويج لخدماتها المالية دون التأكد من أنها مسجلة قانونياً لدى هيئة سوق المال الإسبانية (CNMV)، هذا القرار يُظهر أن الدول الأوروبية قادرة على تطبيق قوانينها المحلية بشكل مستقل، حتى لو كانت الغرامات أقل حجماً. ماذا تعني هذه الغرامات؟ قد تبدو الغرامات المفروضة على X مجرد عقوبات مالية، لكنها في الواقع تعكس تحولاً جذرياً في كيفية تعامل العالم مع منصات التواصل الاجتماعي، لقد ولّى الزمن الذي كانت فيه هذه الشركات تعمل فوق القانون، حيث أثبت عام 2025 أن الجهات التنظيمية، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أو على مستوى الدول منفردة، أصبحت أكثر جدية وصرامة من أي وقت مضى، تواجه X الآن تحدياً حقيقياً لإعادة هيكلة سياساتها لتتوافق مع القوانين الدولية والمحلية، وإلا فإن هذه الغرامات قد تكون مجرد البداية.