"لتعكس خياراتك آمالك.. لا مخاوفك"
هذه الكلمات لنيلسون مانديلا تختصر التحديات العميقة التي نواجهها في رحلة اتخاذ القرار، تلك العملية التي تتسم في كثير من الأحيان بالتوتر والخوف والارتباك.
فالقرار، في جوهره، هو اختيار بين بديلين؛ سواء كان قراراً مصيرياً كقبول فرصة مهنية جديدة أو الارتباط بشريك حياة، أو قراراً يومياً بسيطاً مثل اختيار وجبة الغداء، فإن اتخاذ القرار يعني دائماً اختيار مسار والتخلي عن آخر، وبالتالي الدخول في تغيير جديد. وكل قرار، كبيراً كان أو صغيراً، يحمل معه أثراً ما على حياتنا.

تحديات التغيير
البشر بطبيعتهم كائنات اعتادت على الروتين، وتجد راحتها في الأنماط المألوفة والعناصر المتوقعة في الحياة اليومية.
ومع اقتراب لحظة اتخاذ قرار يؤدي إلى تغيير، نشعر غالباً بعدم الراحة أو الاضطراب، رغم أن التوتر معروف بتأثيره السلبي على القدرة على اتخاذ قرارات سليمة وفعّالة.
فقد خلصت دراسة أُجريت عام 2017 إلى أن الإجهاد المزمن يضعف منهجية اتخاذ القرار ويؤثر في قدرتنا على إجراء تحليل موثوق للكلفة والمنفعة.
وفي مواقف الضغط، قد يتفعّل لدى الإنسان رد الفعل الغريزي المعروف بـ"القتال أو الهروب أو التجمد".
ووفقاً لمقال نُشر عام 2024 في "هارفارد هيلث"، فإن هذا التفعيل المتكرر قد يدفع الجسم إلى "المبالغة في الاستجابة لمؤثرات ليست مهدِّدة للحياة"، ما يؤثر سلباً على الصحة والعقل مع مرور الوقت.
الاعتماد على الذات.. الحدس.. ودور الآخرين
أظهرت دراسة واسعة شملت أكثر من 3500 شخص من 12 دولة، تمثل مجتمعات صناعية ومتوسطة الدخل وأخرى تقليدية صغيرة، أن غالبية المشاركين يفضلون اتخاذ قراراتهم اعتماداً على الذات.
وقد طُلب منهم الاختيار بين أربع استراتيجيات: الحدس الشخصي، أو التفكير الفردي العميق، أو طلب نصيحة الأصدقاء، أو الاعتماد على رأي الجماعة. وكانت النتيجة أن "الاعتماد على الذات" هو النمط الأكثر شيوعاً عبر الثقافات.
وأشارت دراسة أجريت عام 2022 إلى أن الأفراد يميلون للاعتماد على الحدس أكثر من التحليل عندما تكون أصالة الذات على المحك.

عوائق القرار الجيد
يُعدّ ضعف الثقة بالنفس وانخفاض تقدير الذات والرغبة في إرضاء الآخرين من أهم الأسباب التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات سيئة أو مترددة.
وجدت دراسة عام 2025 تبحث في العلاقة بين التردد في اتخاذ القرار وتقدير الذات وأنماط التفكير السلبي لدى الشباب، أن انخفاض تقدير الذات مؤشر قوي على التردد.
أما "إرضاء الآخرين" — وهو ميل الشخص إلى تقديم احتياجات ورغبات الآخرين على احتياجاته الخاصة — فهو مرتبط بشكل وثيق بانخفاض قيمة الذات والخوف من الرفض أو العواقب السلبية، ما يدفع صاحب هذا السلوك إلى اتّخاذ قرارات لا تخدم مصالحه.
تمييز ما وراء القرار
تقترح دراسة عام 2022، تناولت تكلفة اتخاذ القرارات السريعة والبسيطة، ضرورة توفير "أدوات دعم القرار، ومنهجيات إضافية، واستشارات تساعد أصحاب القرار على تحديد البدائل الأنسب لحل مشكلاتهم".
وقد سلطت الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه "الاستدلالات الذهنية" أو المخططات العقلية — تلك الاختصارات الذهنية التي نستخدمها لتنظيم كم هائل من المعلومات يومياً — والتي قد تقودنا أحياناً إلى قرارات غير موفقة.

وهنا يأتي دور التمييز في عملية اتخاذ القرار. فالتمييز هو نهج يجمع بين المعلومات الصحيحة، والرؤى العميقة، ومعرفة الذات، والتأمل الداخلي، بهدف الوصول إلى قرار مدروس وأصيل. وهو يجمع بين النظر إلى الداخل وفهم مشاعرك ودوافعك، والبحث الخارجي المتعمق في المعطيات والخيارات.
إن دمج التمييز في عملية اتخاذ القرار هو مفتاح الوصول إلى أفضل نسخة من نفسك.
| ست خطوات لدمج التمييز في اتخاذ القرار |
| ||
| 1- الاعتراف بالمخاوف والأفكار السلبية والمعتقدات المحدودة |
|
ابدأ بتسمية مخاوفك ومعتقداتك السلبية المرتبطة بالقرار.
اسأل نفسك: ما الدليل على أن هذه الفكرة صحيحة اليوم؟ وكيف يمكن إعادة صياغتها لتصبح فرصة للتعلم والنمو بدلاً من أن تكون عقبة؟
| |
| 2- الإصغاء للمشاعر الأولية أو "الحدس" |
|
لا تتجاهل إحساسك الأولي. اكتشف ما يخبرك به هذا الشعور، فقد يكون مؤشراً مهماً يستحق الاهتمام ويجب تضمينه في عملية اتخاذ القرار.
| |
| 3- البحث العميق في كل جوانب القرار |
|
كلما تعمّقت أكثر، اتضحت الصورة. ومع فهم أفضل للجوانب الإيجابية والسلبية والمخاطر المحتملة، تصبح أقل قلقاً وأكثر ثقة بخيارك.
| |
| 4- اسمح لنفسك بأن تكون "أنانياً" عند الحاجة |
|
القرارات التي تهدف إلى إرضاء الآخرين على حساب حقيقتك الداخلية قد تمنحك ارتياحاً مؤقتاً، لكنها لن تدعم سعادتك طويلة المدى أو أهدافك الحقيقية.
| |
| 5- خذ وقتك |
|
لا تتعجل، اتخذ قرارات ناضجة عندما تكون مستعداً. القرار الجيد هو الذي يتوافق مع أهدافك ومصلحتك وقيمك.
| |
| 6- اختر في الوقت الذي يناسبك أنت |
|
لا تتخذ قراراً لأنك تشعر بأنك مضطر. القرار الذي يأتي في الوقت الصحيح هو خطوة في الاتجاه الصحيح.
| |
المصدر: "سايكولوجي توداي"
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
