تم النشر في: 19 ديسمبر 2025, 4:46 مساءً يمتد "وادي حلي" جنوب محافظة القنفذة بوصفه أحد أبرز أودية الساحل التهامي ثراءً بالماء والتاريخ، وأحد الشواهد الطبيعية التي أسهمت في تشكيل ملامح الاستقرار البشري والحضاري في هذه المنطقة منذ أقدم العصور. ويقدّم "وادي حلي" مشهدًا طبيعيًا متكاملًا، حيث يشق مجراه الأرض في هدوء، وتنساب مياهه الصافية بين الضفاف، عاكسةً ألوان السماء، فيما تتوزع الأشجار على جانبيه بشكل منسجم يمنح المكان خضرته وخصوبته. ويرافق مجرى الوادي نخيل باسق وسهول زراعية ممتدة، نشأت على أطرافها قرى اتخذت من خرير المياه إيقاعًا يوميًا للحياة، ليغدو الوادي أكثر من مجرد مجرى طبيعي، بل شريان نابض بالزرع والاستقرار. ويمتاز "وادي حلي" بجريانه المستمر على مدار العام، إذ يعد سمة نادرة بين أودية تهامة، أسهمت في ازدهار النشاط الزراعي عبر فترات تاريخية متعاقبة وتنتشر على ضفافه المزارع المنتجة للحبوب والخضروات والفاكهة، وفي مقدمتها النخيل والمانجو، في صورة تعكس خصوبة الأرض واستدامة المورد الطبيعي. ويكتسب "وادي حلي" اليوم قيمة ثقافية وبيئية متجددة، بما يحمله من مقومات للسياحة الطبيعية والسياحة الريفية، إلى جانب إمكاناته في دعم السياحة الثقافية المرتبطة بالمواقع التاريخية المنتشرة في محيطه، بشكل متناغم يجمع الجمال الطبيعي والعمق الحضاري. ويظل "وادي حلي" شاهدًا حيًا على علاقة الإنسان بالمكان؛ علاقة صاغتها المياه الجارية، وحفظتها الأرض الخصبة، وتوارثتها الأجيال، ليبقى الوادي قصةً تُروى وذاكرةً حاضرة من ذاكرة تهامة وساحل البحر.