الشارقة: سارة المزروعيمنذ عقود طويلة، ظل الذهب ركناً أساسياً في الأعراس الإماراتية، لا يقتصر على الزينة بل يتجاوزها ليعبّر عن الكرم والمكانة والجمال، كان المهر يُقدَّم إمّا على شكل ذهب خالص يوفّره العريس بنفسه، أو كمبلغ مالي يُحول إلى أطقم ومشغولات تُرصّ بعناية في ذهبة العروس داخل الصناديق المطرّزة والمبخرة بعطر الورد والعود.تقول أم أحمد: «ما زلت أحتفظ بذهب عرسي منذ أكثر من ثلاثين سنة وأتزين به، كان في «ذهبتي» طقم الجرذالة وكف اليد وحيل أبوالشوك، وما زلت أتزين به حتى الآن، وبناتي يلبسنه في المناسبات».وتضيف: «ذهبة العروس لا تكتمل من دون الذهب، فهو زينة المرأة ورمز فخرها، والهيار من القطع التي لا تغيب عن الذهبة، وهو ما يُلبس على الرأس ويُزيَّن به الشعر، ويختلف عن الطاسة بالإضافة إلى حزام الذهب، كما تشمل الزينة ريش الشعر، أي مشبك الشعر التي تُثبّت في خصلات الشعر لتزيد من بهاء العروس وأناقتها».أما موزة أم حمد فتستعيد ذكرياتها مع والدها قائلة: «كان أبي يسافر إلى السعودية لأداء العمرة، وعند عودته كانت هدايانا نحن البنات مجوهرات صغيرة، سلاسل طويلة وخواتم وقطع فضة في بعض الأحيان».وتروي فاطمة أم حميد أنها عشقت الذهب منذ طفولتها، وتضيف: «كنت أحب المخنق والمسباح بكل أنواعه، مثل مسباح زايد، والحيول والمضاعد، والمرية والشناف والمرتعشة، كلها من تراثنا الذي ما زال يسكن القلب، وحتى بناتنا اليوم يفضلن الذهب مثلنا، فهو زينة وخزينة في الوقت نفسه، والحمد لله ما احتجنا نبيعه يوماً».ورغم تعاقب الأجيال وتغير أساليب الحياة، ما زال الذهب يتصدر الجزء الأكبر من ذهبة العروس الإماراتية حتى اليوم، محتفظاً برمزيته كعنوان للفخر والأصالة، وكأن كل قطعة تحمل بين خيوطها بريق الماضي وعبق الذاكرة.زينة واستثمارلم يفقد الذهب بريقه في الإمارات، لكنه تجاوز حدود الزينة ليصبح جزءاً من التفكير المالي للأفراد ومع ارتفاع الأسعار عالمياً إلى مستويات غير مسبوقة خلال عام 2025، تحوّل المعدن الأصفر إلى وجهة استثمارية مفضلة لدى فئة واسعة من المواطنين والمقيمين، خصوصاً الباحثين عن أمان مالي بعيد عن تقلبات الأسهم والعملات الرقمية.وتشير تقارير اقتصادية إلى أن مبيعات السبائك الصغيرة والعملات الذهبية سجلت ارتفاعاً لافتاً خلال الأشهر الماضية. وفي المقابل، لاحظ تجار المجوهرات أن ارتفاع الأسعار جعل كثيرين يؤجلون الشراء بانتظار فترات انخفاض جديدة، ما أدى إلى تغير في سلوك المستهلك من الاقتناء للزينة إلى الشراء للاستثمار وهكذا، يواصل الذهب في الإمارات دوره المزدوج بين قيمة جمالية ترمز للأناقة، وقيمة اقتصادية تحفظ الثروة وتواجه تقلبات الزمن.زينة وأناقةتقول مريم المنصوري: الذهب في عائلتها كان وما زال جزءاً من تفاصيل الجمال والاعتناء بالمظهر، تُقدّر قيمته منذ الصغر ويُعامل كرمز للزينة والأناقة، فالبنت الإماراتية تلبس الحيول في يدها اليمنى منذ طفولتها، وتزين معصمها ب الملتفت وقطعة الطبلة في المناسبات، وتكبر معها الرغبة في اقتناء المزيد متى ما توفّر المال.وتوضح أن النساء اعتدن شراء الذهب لأنفسهن وبناتهن في كل مناسبة، لا كإرث يُورَّث، بل كاختيار شخصي يجمع بين الذوق والزينة.