استعرض كتاب « الاتزان الاستراتيجى، ملامح من السياسة الخارجية المصرية فى عشر سنوات » ، الذي أصدرته وزارة الخارجية المصرية محاور تحرك جديدة وغير تقليدية للدبلوماسية المصرية فى مجالات دبلوماسية الاقتصاد والبيئة وذلك تحت عنوان «الدبلوماسية من أجل التنمية». الدبلوماسية المصرية ودعم الاقتصاد الوطني ويؤكد الكتاب على أنه في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي، باتت الدبلوماسية تتجاوز أطرها التقليدية المرتبطة بالسياسة والأمن ، لتصبح أداة محورية في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مسارات التنمية المستدامة. وفي هذا السياق، تبرز الدبلوماسية المصرية بوصفها نموذجا لدبلوماسية شاملة ومتوازنة، توظف السياسة الخارجية لخدمة الأهداف التنموية ، وجذب الاستثمارات، وتعميق الشراكات الاقتصادية ، مع مراعاة الأبعاد البيئية والاجتماعية للتنمية. ويأتي كتاب «الاتزان الاستراتيجى، ملامح من السياسة الخارجية المصرية في عشر سنوات»، الصادر عن وزارة الخارجية، ليعكس هذا التحول النوعي في أحد فصوله، مسلطا الضوء على الدور المتنامي للدبلوماسية المصرية في دعم الاقتصاد الوطني وترسيخ مفاهيم التنمية المستدامة. واستعرض الكتاب كيف أسهمت التحركات الدبلوماسية المصرية خلال العقد الماضي في فتح أسواق جديدة أمام الصادرات، وتعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي والدولي، والدفاع عن المصالح التنموية لمصر في المحافل الدولية، فضلًا عن دمج القضايا البيئية وتغير المناخ في أجندة السياسة الخارجية. وتؤكد هذه المقاربة أن الدبلوماسية المصرية لم تعد مجرد أداة لإدارة العلاقات السياسية، بل أصبحت ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، ودعم الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز مكانة مصر كشريك فاعل ومسؤول في المجتمع الدولي. وأكد الكتاب على أنه لا يمكن فصل السياسة الخارجية عن السياسة الداخلية، وفي هذا الاطار تم إعادة تعريف أولويات السياسة الخارجية المصرية، لتصبح أكثر ارتباطا وتعبيرا عن أولويات المشروع التنموي الضخم الذي أطلقته الجمهورية الجديدة في مصر منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية ، فالعمل الدبلوماسي المصري خلال العقد الأخير، أصبح مرتبطا بشكل عضوي، بالأولويات الاقتصادية ويتم ذلك من خلال ثلاثة محاور للتحرك. وأوضح الكتاب أن المحور الأول اعتمد على الدور الذي تلعبه السفارات والبعثات المصرية في الخارج في الترويج للاقتصاد المصري، وفتح أسواق للصادرات المصرية، فضلاً عن جذب الاستثمار الأجنبي للقطاعات الاقتصادية المختفة ذات الأولوية الوطنية، وتوطين الصناعات والتكنولوجيا وفقا لخطط التنمية الوطنية. وتأسست في وزارة الخارجية لهذا الغرض وحدات متخصصة في متابعة تطورات الاقتصاد المصري، تتولى موافاة السفارات والبعثات المصرية بشكل أسبوعي بالمعلومات اللازمة للتواصل مع مجتمع الأعمال في دول الاعتماد بما يتسق مع الأهداف التنموية لمصر والأولويات القطاعية للاستثمار. والمحور الثاني هو دعم الجهد التنموي المصري في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية والمشاريع القومية الكبرى، والمحور الأخير التحرك على مستوى المنظمات والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية للدفاع عن المصالح الاقتصادية المصرية، وربطها بتحركات الدول النامية والمجموعات الاقتصادية البازغة وعلى رأسها تجمع دول البريكس ، لتوفير شروط دولية مواتية لتحسين موقع الاقتصاد المصري بشكل خاص، بالإضافة إلى متابعة تطورات الاقتصاد العالمي وانعكاساته على خطط الاقتصاد المصري واحتياجاته. الدبلوماسية الاقتصادية المصرية ويشير الكتاب إلى أنه في أعقاب ثورة 30 يونيو ، 2013 وبالتوازي مع الجهود الدبلوماسية السياسية لتوضيح حقائق تطورات الأوضاع في مصر وتعبيرها الدقيق عن إرادة شعبها، كان على الدبلوماسية الاقتصادية مواكبة هذا الجهد بتحرك مواز لشرح انعكاسات هذه التطورات على الاقتصاد المصري والفرص الاستثمارية التي يتيحها ، خاصة في ظل خطة التنمية الشاملة الطموحة التي انطلقت في مصر منذ عام ٢٠١٤ بعد تولي السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسي" المسؤولية. وتراوحت التحركات الدبلوماسية الاقتصادية في هذا الشأن، بين جهود الترويج للاقتصاد المصري سواء من خلال التحركات اليومية للبعثات المصرية في الخارج مع مجتمعات الأعمال في دول الاعتماد والزيارات الترويجية التي يتم تنظيمها للمستثمرين ومجتمعات الأعمال الأجانب ، وكذلك كثفت الدبلوماسية المصرية جهودها على مدار الأعوام العشرة الماضية دعم وترويج الفعاليات الوطنية الرامية لجذب الاستثمار ودعم الاقتصاد المصري، والتي كان من أبرزها في السنوات الماضية المشاركة في التنظيم والترويج لمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في مارس ، 2015 واستهدف حشد المشاركة الدولية وإعادة تأكيد ثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد المصري وكان ذلك خير تمهيد لانطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في العام التالي مباشرة. كما قامت الدبلوماسية المصرية بدورها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الرامية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط، والترويج للإنجازات ً المصرية في قطاع الطاقة من خلال البعثات في الخارج والعمل على جذب الاستثمار خاصة في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وكذلك الدفع بالأولويات المصرية في كافة تجمعات الطاقة الإقليمية والدولية وعلى رأسها منتدى غاز شرق المتوسط، والذي مثل تأسيسه وإنجاحه أولوية أساسية للدبلوماسية الاقتصادية المصرية خلال السنوات العشر الماضية. وفي قطاع النقل والإمداد اللوجيستي، رصدت الدبلوماسية الاقتصادية المصرية تطورات تدشين عدد من الممرات والطرق التجارية وخطوط الإمداد التي تسعى لتعزيز الربط بين آسيا وأوروبا، و سعى الجهد الدبلوماسي المصري إلى ضمان مشاركة مصرية فاعلة تؤكد المكان الاستراتيجيه لمصر في صناعة واقتصاديات النقل العالمي ومنع ايه تأثيرات سلبية للممرات التجارية الجديدة على المصالح القومية بما لا يؤثر على الدور الذي تلعبه قناة السويس في هذا الشأن والعمل على ربط مصر بشبكات الإمداد العالمية وشبكات نقل البضائع والتجارة . أولويات اقتصادية في المحافل الدولية وبالتكامل مع الخطة التنموية الشاملة التي انطلقت في مصر منذ عام ،2014 تم تكثيف التحرك الدبلوماسي المصري في المنظمات والمحافل الاقتصادية متعددة الأطراف دوليا وإقليميا ، سواء على مستوى التنسيق الوطني لصياغة المواقف التفاوضية تجاه القضايا المطروحة على جدول أعمال هذه المنظمات، أو من خلال لعب دور قيادي في بلورة توافقات الدول النامية والدفاع عن مصالحها المشتركة في المحافل الاقتصادية الدولية. وانعكاسا لهذا الدور القيادي المصري في الإطار الإقليمي وفي إطار الدول النامية بشكل عام، قامت مجموعة العشرين بدعوة مصر للمشاركة في اجتماعات المجموعة لأول مرة عام 2016 خلال الرئاسة الصينية للمجموعة، حيث شارك السيد الرئيس في قمة مجموعة العشرين في سبتمبر 2016 بمدينة هانغتشو بالصين. وقد مثلت تلك المشاركة، وتوقيتها بشكل خاص، نقطة مفصلية في جني ثمار الجهود المصرية لشرح التطورات التي شهدتها الساحة المصرية بعد ثورة 30 يونيو ، 2013 والعودة المصرية القوية للعب دورها الاقتصادي والسياسي الريادي على الساحتين الإقليمية والدولية منذ تولي سيادته المسئولية. وتوازيا مع ذلك استمرت الدبلوماسية المصرية في تعزيز الدور المصري الهام داخل المنظمات والمحافل الاقتصادية الدولية متعددة الأطراف خلال السنوات العشر الماضية، وعلى رأسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأمم المتحدة، والذي يتم في إطاره تنظيم العديد من المؤتمرات والمنتديات الهامة، وفي مقدمتها منتديات تمويل التنمية السنوية؛ ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) الذي يعد المحفل الرئيسي لتناول قضايا التجارة والتنمية في إطار الأمم المتحدة.