كتب هانى الحوتى الجمعة، 26 ديسمبر 2025 04:00 م في خطوة وصفت بأنها "قبلة الحياة" لشرايين الاقتصاد الوطني، استقبل مجتمع الأعمال المصري قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ببدء رحلة الهبوط بأسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس (1%)، لتصل إلى 20% للإيداع و21% للإقراض، هذا القرار، الذي جاء في ختام اجتماعات عام 2025، اعتبره المستثمرون والصناع "صافرة انطلاق" لمرحلة جديدة من التوسع والإنتاج، ورسالة طمأنة بأن التضخم بدأ بالفعل في الانكسار نحو مستهدفه الطموح عند 7% بحلول الربع الأخير من 2026. العقار.. "الملاذ الآمن" يرى الدكتور محمد مصطفى القاضي، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن خفض الفائدة المتوقع بواقع أكثر من 7% خلال عام 2025 يمثل "حافزاً مركباً" يتجاوز كونه مجرد تخفيض أرقام؛ فهو أكبر دعم غير مباشر للمطورين العقاريين. وأوضح "القاضي"، أن هذا التراجع سيعزز من قدرة المطورين على زيادة فترات الأقساط في المشروعات الجديدة، وهو ما يعد "تخفيضاً مستتراً" للأسعار دون المساس بالقيمة السوقية. وحذر "القاضي"، من أن الفئات التي تعتمد كلياً على عوائد الفائدة في معيشتها قد تواجه تراجعاً في القوة الشرائية، مما قد يسبب ركوداً مؤقتاً في بعض السلع، فضلاً عن احتمالات تعثر بعض صغار المستثمرين العقاريين الذين اقترضوا بفائدة عالية، إلا أنه رسم خارطة طريق متفائلة، مؤكداً أن الربع الأول من عام 2026 سيشهد تحولاً كبيراً مع انتهاء الشهادات ذات العائد المرتفع، حيث ستتجه السيولة فوراً نحو العقار كونه "مخزن القيمة" الأكثر أماناً للمصريين. وتوقع "القاضي"، قفزة في الطلب والأسعار مع حلول الربعين الثاني والثالث من 2026، مدفوعاً بـ "تسونامي" مبيعات الساحل الشمالي، مؤكداً أن تذبذب قيمة العملة خلال العقد الأخير رسخ قناعة المصريين بأن "الاستثمار في الطوب" هو الأضمن على المدى الطويل. السياسة النقدية.. "تذكرة عبور" من جانبه، أكد المهندس أحمد الزيات، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن العودة لسياسة خفض الفائدة تعكس نجاح البنك المركزي في السيطرة على المسار النزولي للتضخم، مضيفًا أن خفض الـ 100 نقطة أساس يأتي تماشياً مع رؤية الدولة لتحقيق استقرار الأسعار والوصول بالتضخم لمعدل 7% في 2026. وأشار "الزيات"، إلى أن هذا القرار يمثل فرصة ذهبية للانتقال من "ثقافة الادخار" إلى "ثقافة الاستثمار"، حيث سيسهم في خفض تكاليف الاقتراض للشركات، مما يشجع القطاع الخاص على التوسع وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يترجم فوراً إلى خلق فرص عمل مستدامة وزيادة معدلات التصدير. وأضاف أن تقييم اللجنة لتعافي النمو الاقتصادي العالمي، رغم تحديات عدم اليقين والتوترات الجيوسياسية، كان دافعاً قوياً لهذا التحرك النقدي الجريء. الصناعة.. رئة جديدة للنمو أكد عمرو فتوح، رئيس لجنة ريادة الأعمال بالجمعية المصرية اللبنانية ونائب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال، أن الصناعة الوطنية هي الرابح الأكبر، قائلاً: "آن للصناعة أن تتنفس بعد سنوات من الأعباء"، وأن خفض الفائدة سيعمل على تراجع تكاليف التشغيل والإنتاج، مما يمنح المصانع القدرة على المنافسة محلياً وعالمياً. وكشف "فتوح"، عن أرقام مبشرة؛ إذ ارتفعت الصادرات السلعية المصرية إلى 45 مليار دولار في 2024 (بزيادة 6.5% عن العام السابق)، مع توقعات قوية بتجاوز حاجز الـ 50 مليار دولار بنهاية 2025. وأكد أن المصنع المصري نجح في تحويل التحديات من كورونا إلى الحروب الإقليمية إلى فرص تصديرية حقيقية، مشيراً إلى أن تراجع الأعباء المالية سيجعل الصناعة هي "قاطرة النمو" الحقيقية ومورد الدولة الرئيسي للعملة الصعبة. وخفض البنك المركزي، سعر الفائدة بنسبة 1%، رغم حالة عدم اليقين العالمي، يعكس ثقة الدولة في صلابة الاقتصاد المصري وقدرته على امتصاص الصدمات الجيوسياسية، ممهداً الطريق لنمو اقتصادي شامل ومستدام يبدأ جني ثماره الحقيقية في مطلع 2026.