الارشيف / عرب وعالم / الجزائر / النهار

هل أعود إليها بعد أن خسرت كل شيء؟

 سيدتي، أشكرك على حسك الكبير بالمسؤولية الذي دفعني أن أحلّ اليوم ضيفا على منبر ركن قلوب حائرة،وكلي أمل في أن أجد على يديك حلا يناسبني.

سيدتي،أنا رجل تزوجت من إنسانة تقية سليلة اسرة محافظة،صحيح أني لم أخترها بل إن القدر ساقها لي حيث أنها وأسرتها معروفون بالخلال الطيبة،ما شجعني أن اتقدم لخطبتها ومنتهى أملي تكوين أسرة عمادها المودةوالرحمة.

صدقيني سيدتي ، عندما أقلّب في دفاتر الماضي لا أجد من الذكريات سوى الجميل من زوجة تحملت معي الفاقة والعوز، فهي لم تكلفني يوما بأن أغنيها أو أن أجعلها تحيا في بريستيج عال، كما أنها لم تضيق عليّ الخناق، وقد كان كل أملها ان نبقى تحت سقف واحد نرعى أبناءنا.

دعم زوجتي النفسي سيدتي، هو ما دفعني أن أدخل في إستثمارات وشراكات أفضت عليّ بالنجاح، فكنت أربح وأحضد من الأموال ما جعلني في ظل سنوات رجلا مهما، حقيقة تغيرت حياتنا رأسا على عقب، وكان غروري يخبرني بأنني أنا من صنعت نجاحي، فسولت لي نفسي أن أنسى ما كنت عليه، وأنساق نحو أهواء جديدة.

الأمر معروف سيدتي، فقد بحثت أول ما بحثت عنه زوجة جديدة تصلح للحياة الرغدة التي إستجدت، لم أطلق زوجتي الأولى لكنني جرحت كرامتها في الصميم لما خيرتها بين البقاء أو العودة الى بيت أهلها ، فما كان من المسكينة إلا أن ثأرت لكرامتها بأن تركت عش الزوجية ولم تطالبني المسكينة بشيء.

لم أأبه لأمرها وتماديت أروم الغنى والبذخ، وبين ليلة وضحاها وجدت نفسي أخسر كل ما كسبته، حيث أنني لم أحسب حسابا للخسارة ولا لعودتي أدراجي إلى نقطة الصفر.

زوجتي الثانية لم تقبل أن تهوى إلى المستوى الذي كنت فيه، وطعنتني في الصميم حين غادرتني طالبة الطلاق، فعدت أدراجي إلأى بيتي القديم الذي كان عنوانه الألفة وحسن المعشر والتقدير، ولن أخفيك سيدتي أن الذكريات الجميلة ذبحتني ذبحا ونكلت بقلبي.

لم تفجعني الخسارة المادية بقدر ما فجعني إنصراف الناس عني وقد ظهر معدنهم، ولست أكذب إن قلت أن الحنين إلى زوجتي الأولى يقض مضجعي وأنا أريد لو أنّ طيفها يعود لأنعم معها بالسكينة وحلاوة الروح.

هل يمكنني سيدتي أن أجد راحتي بعد أن عصفت بقلب زوجة صادقة استبدلتها بأخرى بعد أن لفحني الغنى؟ هل يمكن للماضي الجميل أن يعود وأجد مكانا في قلب زوجتي الأولى؟ أريد منك سيدتي جوابا جازاك الله.

أخوكم ش.مؤيد من الشرق الجزائري.

الرد:

أصعب ما في الإنسان جحوده ونكرانه للجميلـ ، فقد وصف العارفون بأمور الدنيا ناكر المعروف بذلك الأعمى الذي يتخلص من عصاه بعد أن يبصر. ولكم هو مؤلم وقع النكران على الأفئدة الطيبة التي لا ذنب لها سوى أنها أخلصت.

أحيي فيك أخي إعترافك بما إقترفته، وأثمّن فكرة أن تعود أدراجك إلى ما كنت عليه بعد أن إستخلصت درسا لا يجب أن تنساه. قد يكون الأمر سهلا بالنسبة إليك أن تطرق أبوابا كانت في الماضي لك، لكن هل فكرت اليوم في ردة فعل زوجتك الأولى التي بعد أن أحست بالخذلان منك بعد أن غنيت وإستغنيت، وأنت تعود إليها وأنت معدم ماديا؟ وكأني بها عنوان للفقر والعوز.

هل فكرت في ردة فعل أهل زوجتك  بعد أن  تطلب منهم أن يكونوا طرف صلح بينك وبين إبنتهم التي أدميت قلبها بالخيانة والصد؟ أخمّن في أنك يجب أن تتوقع الأسوأ قبل أن تقدم على اي خطوة، وعوض أن تحيا التيه والحيرة، خذ بزمام الأمور وتوكّل على الله ولملم شملك وإبدأ من جديد ، فإن كتب الله لك الغنى مرة أخرى فحمدا له والشكر، وأما إذا بقيت على ذات الحال من العسر المادي فلك أن ترضى حتى يحدث الله بعد ذلك أمرا.

ثمّ دعني أخبرك، إن حدث وقبلت زوجتك العودة إلى كنفك فذلك سيكون من أصلها الطيب ومعدنها الثمين،فلا تفرط فيها وحاول أن تعوضها ما فات بكثير من الإخلاص والتقدير، ولتضع نصب عينيك أنها رافقتك في الضراء قبل السراء. الحياة دروس أخي، وخيرنا من تعلم من دروسه قبل أن توجعه الأيام.

ردت:”ب.س”

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة النهار ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من النهار ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا