تحليل: مع إضعاف إيران.. كيف سيتعامل ترامب مع الحوثيين في اليمن؟
نقلا عن صحيفة "ذا ناشيونال"- الكاتب "داميان ماكلروي":
من المتوقع على نطاق واسع أن يبشر تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل بعودة سياسة "الضغط الأقصى" التي فرضتها إدارته على إيران خلال ولايته الأولى.
ومن ثم، فمن المتوقع أن تكون العواقب المترتبة على ذلك في اليمن واسعة النطاق. فبعد أن أطاحت الجماعات المتمردة بحكومة بشار الأسد الموالية لطهران في سوريا، قد تهب رياح التغيير هناك أيضا.
هناك حيرة حول مدى ضآلة التغيير الذي طرأ على الديناميكيات في اليمن منذ أدت الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على إسرائيل إلى شن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية انتقامية هذا العام. لذلك، تتجه كل الأنظار إلى الكيفية التي ستركز بها واشنطن على البلاد كجزء من تجديد نهجها تجاه الشرق الأوسط.
كانت سوريا بمثابة ركيزة حيوية لسياسة إيران الإقليمية الرامية إلى توسيع نفوذها حتى البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي يجعل طهران مستعدة لمواجهة كل الأضواء الساطعة التي يسلطها ترامب على المنطقة. وهذا يجعل موقف الحوثيين في اليمن يبدو أكثر فأكثر وكأنه حالة شاذة لا يمكن تحملها في الوضع الإقليمي الذي يشهد تحولات دراماتيكية.
في العقد الذي انقضى منذ انهيار الحكومة المعترف بها دوليا في صنعاء، عزز الحوثيون وجودهم ليحكموا شمال البلاد ونحو ثلاثة أرباع السكان. وقد صمد وقف إطلاق النار بحكم الأمر الواقع بين خطوط الحوثيين وخطوط الحكومة، التي تدير عدن وأجزاء أخرى من الجنوب، بما في ذلك ميناء المكلا، من خلال حلفائها. والواقع أن الصراع الداخلي في اليمن انخفض بنحو النصف العام الماضي.
ولكن هذا لا يروي إلا نصف القصة. فلم تكتف قيادة الحوثيين بتنظيم الهجمات على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، بل شكلت أيضاً تهديداً للاقتصاد العالمي من خلال شن عدد من الهجمات على الشحن العالمي وتعطيل التجارة عبر البحر الأحمر.
على سبيل المثال، نتيجة للتهديد الذي تشكله الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يطلقها الحوثيون على هذا الممر، يُعتقد أن عائدات مصر من قناة السويس انخفضت بنحو 300 مليون دولار شهريًا هذا العام. ولم تتوقف الهجمات، حيث تعرضت سفينتان حربيتان أمريكيتان للهجوم أثناء مرورهما عبر باب المندب الشهر الماضي.
لقد أعادت الولايات المتحدة وحلفاؤها تصنيف جماعة أنصار الله، الحركة السياسية الرئيسية للحوثيين، كمنظمة إرهابية عالمية، لكن هذا لم يكن له تأثير يذكر على أرض الواقع. ولم تتلق العمليات الدعائية والشبكات الرقمية للجماعة أي رد فعل سلبي أو معطل.
وبعبارة أخرى، فإن جهود الاحتواء لم تنجح، مما دفع بعض اليمنيين إلى القول بأن هناك حاجة إلى نهج أكثر شمولاً لوضع البلاد على مسار أفضل.
لقد أضر عدم الاستقرار في البحر الأحمر بإمدادات الغذاء والوقود إلى عدن أكثر من الطريق الذي تشرف عليه الأمم المتحدة إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون على البحر الأحمر. عندما قصفت إسرائيل الميناء في يوليو/تموز، كان الميناء يستقبل أول شحنة كبيرة بحلول يوم الثلاثاء. وظل الممر لتوريد الشمال من جيبوتي يعمل في حين تعاني الجنوب من نقص في الإمدادات، ليس أقلها بسبب تكاليف التشغيل والتأمين لاستيراد الحبوب من أوكرانيا.
وتتلقى إدارة ترامب دعوات لتبني نهج أكثر تكاملا لا يعتمد فقط على الضربات الجوية والتصنيفات. على سبيل المثال، تُضطر الحكومة المعترف بها دوليا إلى تعويض عجزها في الوقود من خلال الشراء من مصافي الحوثيين بالعملة الصعبة.
ويشعر المسؤولون في عدن بالفزع إزاء قيام وكالات الأمم المتحدة بدفع مدفوعات معيشية للبنوك الحوثية بالدولار الأميركي، ولكن هذه المدفوعات يتم صرفها بعد ذلك بالعملة المحلية مقابل رسوم تحويل كبيرة، وهو ما يوفر الموارد لمنافسيهم. وعلى نحو مماثل، تشكل سيطرة الحوثيين على أنظمة الاتصالات المحمولة في البلاد مصدرا كبيرا للأموال.
ويمكن أن تشكل معالجة كل هذه القضايا جزءاً أساسياً من حملة أكثر شمولاً للضغط الخارجي والداخلي على قيادة الحوثيين، والتي يمكن تقديمها إلى واشنطن في الأسابيع المقبلة.
ومن المنطقي أيضاً أن يتم إجراء بعض الإصلاحات السياسية في المجلس الرئاسي اليمني المكون من ثمانية أعضاء، والذي تم تشكيله عندما تنحى الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي عن منصبه قبل عامين. والواقع أن هذا المجلس لا يمثل المنطقة التي يحكمها، ولا يعمل بشكل يومي.
إن إعادة تنظيم هذه الهياكل لإنتاج شيء أكثر فعالية أصبح أمراً ضرورياً الآن، ذلك أن الناس الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يحتاجون إلى أن يتمكنوا من رؤية بأنفسهم أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تحقق نتائج أفضل. وهذا من شأنه أن يزيد الضغوط من أجل مسار سياسي حقيقي.
وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن ذلك من شأنه أن يحد من العدوان القادم من الحوثيين. وهناك من يجادلون ضد النظر إلى الجماعة باعتبارها وكيلة لطهران ــ لأنها تمتلك طموحاتها الإقليمية وأجندتها وشبكة علاقاتها ومواردها الخاصة. وبالتالي، هناك حاجة محددة لاحتواء عولمة حركة أنصار الله، بما في ذلك شبكات المشتريات الخاصة بها.
لقد توقفت عقود من بناء التحالفات من جانب إيران في سلسلة من الدول العربية بشكل كبير وتراجعت إلى الوراء في الأشهر الأخيرة. وإلى أي مدى سيستمر هذا الزخم هو السؤال الذي يتردد على ألسنة الكثيرين. ومن غير الواقعي في ظل الظروف الحالية أن نتصور أن الجمود اليمني سوف يستمر دون أن يمسه أحد.
لقد كان أسلوب الأمم المتحدة في إدارة العواقب الإنسانية المروعة للصراع والانقسامات في اليمن هو البديل الوحيد المتاح على الطاولة لفترة طويلة.
لا شك أن الأزمة في بلاد الشام سوف تشكل أولوية قصوى للإدارة القادمة لترامب. ولا أحد يستطيع أن يشكك في الضغوط التي سوف توجه بالفعل إلى طهران. ولابد من التعامل مع عدوان الحوثيين أيضا.
ومن غير المعقول، في ظل كل هذه التغييرات التي تشهدها المنطقة، أن لا يكون الجمود السياسي في اليمن من الأولويات ضمن هذه الأجندة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.