كولن بأول أصر على الرغم من ظروفه الصحية بعد إجراء عملية جراحية لسرطان البروستاتا، على المشاركة بنشاط في هذا "الحدث التاريخي" المفاجئ.
على الرغم من وصف إعلان ليبيا في 19 ديسمبر 2003 أنها ستدمر ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل وستسمح لمفتشي الأسلحة بمراقبة العملية من دون قيد أو شرط، من قبل السياسيين الغربيين ووسائل الإعلام بالمفاجئ، إلا أكذلك تماما بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية ودوائر السياسة الخارجية في البلدين. هذا التطور كان خلاصة لخطوات عديدة مدروسة اتخذت في هذا الاتجاه.
خطوات في الطريق إلى الهدية النووية الليبية:
على خلفية قضية طائرة لوكربي فرض مجلس الأمن في مارس عام 1992 عقوبات على ليبيا طالت حظر الأسلحة والسفر عن طريق الجو، وفي نوفمبر من العام التالي، شدد مجلس الأمن العقوبات بتجميد جزئي للأصول الليبية علاوة على حظر تصدير المعدات النفطية.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت في يوليو 1995 أن ليبيا تتخذ "قرارا استراتيجيا بإعادة تفعيل أنشطتها النووية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بأجهزة الطرد المركزية الغازية". هذا النوع من أجهزة الطرد المركزي يمكنه تخصيب اليورانيوم في المفاعلات النووية والمواد الانشطارية الداخلة في صنع الأسلحة النووية.
بعد ذلك وقّع الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في 3 أغسطس 2002 على مرسوم قضى بتمديد أحكام قانون العقوبات المفروضة على ليبيا وإيران لعام 2001، لمدة خمس سنوات إضافية.
فجأة اتصل في أوائل مارس 2003 مسؤولون في الاستخبارات الليبية بنظرائهم في الاستخبارات البريطانية وعرضوا الدخول في مفاوضات بشأن التخلص من برنامج ليبيا لأسلحة الدمار الشامل. المفاوضات التي جرت لاحقا بمشاركة مسؤولين أمريكيين فرضت عليها سرية تامة.
رئيس الوزراء البريطاني توني بلير روى في ووقت لاحق ما جرى قائلا: "اتصلت ليبيا بنا في مارس بعد حل قضية لوكربي، وحاولت معرفة ما إذا كان من الممكن حل مشكلة أسلحة الدمار الشامل بنفس الطريقة البناءة"، تم شرح معمر القذافي بسرعة كيف يتم حل المشاكل بشكل بناء، ومنذ ذلك الحين، كان ضباط وكالة الاستخبارات المركزية يأتون إلى طرابلس بانتظام. ليلا التقوا سرا مع زعيم الجماهيرية الليبية.
العصا والجزرة:
الوعيد كان حاضرا أيضا، جون بولتون وكان وقتها في منصب وكيل وزارة الخارجية لشؤون مراقبة الأسلحة والأمن الدولي، صرّح في 5 أبريل 2003 خلال مقابلة أجراها معه راديو سوا، بأن غزو العراق "يبعث برسالة" إلى ليبيا، وكذلك إلى إيران وسوريا، "بأن تكلفة سعيهم إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل قد تكون مرتفعة للغاية".
بولتون كرر محتوى التصريح بعد أربعة أيام في شهادة أمام لجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب، وتوعد بأن البلدان التي تطور أسلحة دمار شامل "ستدفع ثمنا باهظا على جهودها".
بنهاية المطاف، أعلنت وزارة الخارجية الليبية في 19 ديسمبر 2003 أن طرابلس تعد بالقضاء على برامجها النووية والكيمائية، وأنها ستفي بالتزاماتها بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية واتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية، علاوة على الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيمائية.
ليبيا تعهدت وقتها أيضا بالحد من مدى وحمولة صواريخها بما يتفق مع المبادئ التوجيهية التي وضعها نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ، كما وافقت على إبرام بروتوكول إضافي لاتفاقية الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يوسع من سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التحقق من الأنشطة النووية السرية. ليبيا دعت كذلك المفتشين إلى التحقق من امتثالها للاتفاقيات والمساعدة في تفكيك برامجها النووية.
بحسب الاتفاقات المبرمة يفترض أن ليبيا تخلصت بحلول أبريل 2007 من أسلحتها الكيمائية المعلنة وهي تحتوي على "24.7 طن متري من غاز الخردل؛ و1390 طن متري من المواد الكيميائية الأولية، و3563 ذخيرة جوية غير محملة للأسلحة الكيميائية، وثلاثة مرافق سابقة لإنتاج الأسلحة الكيميائية".
الخطوة الهامة في الصفقة النووية مع ليبيا تمثلت في نقل طائرة شحن أولى من ليبيا في يناير 2004، " أكثر الوثائق حساسية المرتبطة ببرنامج الأسلحة النووية الليبية"، تلتها طائرة أخرى حملت حوالي 25 طنا من الوثائق والمكونات من البرامج النووية والصواريخ الباليستية الليبية إلى الولايات المتحدة.
الطائرتان نقلت معدات ووثائق البرنامج النووي الليبي إلى مدينة نوكسفيل بولاية تينيسي، وقيل إنها وضعت في موقع أمن داخل الولاية، ويعتقد أنها سلمت إلى مختبر أوك ريدج الوطني في تينيسي، وهو أكبر مختبر للعلوم والطاقة لدى وزارة الطاقة الأمريكية.
الشحنة النووية الثانية التي نقلت من ليبيا إلى الولايات المتحدة تضمنت سداسي فلوريد اليورانيوم، وهي عبارة عن مادة خام لأجهزة الطرد المركزي، واثنان من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني مصدرهما باكستان، وأجزاء إضافية لأجهزة الطرد المركزي ومعداتها ووثائقها. الشحنة احتوت أيضا على منظومات توجيه للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، كانت ليبيا وافقت طواعية على التخلص منها.
جورج بوش الابن وعد منتشيا بالحدث "القادة الذين يتخلون عن السعي إلى الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية ووسائل إيصالها سيجدون طريقا مفتوحا لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الحرة الأخرى". بوش تطرق إلى ليبيا قائلا إنها "بدأت عملية العودة إلى مجتمع الأمم".
رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، كرر نفس العبارات بقوله إن الزعيم الليبي معمر القذافي اتخذ "قرارا شجاعا"، مضيفا أن "تصرفات ليبيا تخولها الانضمام مرة أخرى إلى المجتمع الدولي"، إلا أن ما جرى في عام 2011 كان عكس ذلك تماما. تدخل حلف الناتو عسكريا في ليبيا بطائراته وصواريخه وانتهى نظام القذافي بمقتله في 20 أكتوبر من نفس العام، وأصبح "الدرس النووي الليبي"، عبرة ماثلة لبعض الدول وخاصة كوريا الشمالية وإيران.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.