مرصد مينا شهدت أسعار الذهب تراجعاً حاداً بنحو 10% من ذروتها القياسية التي بلغت 3500 دولار للأونصة في أبريل الماضي، متأثرةً بتهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. هذا التطور أدى إلى تقليل الزخم الصاعد للمعدن النفيس، حيث انخفض سعره في السوق الفورية إلى حوالي 3180 دولاراً للأونصة، مسجلاً أسوأ أداء أسبوعي خلال ستة أشهر، وفقاً لوكالة “رويترز”. ويعود هذا التراجع إلى الاتفاق الذي توصلت إليه واشنطن وبكين بشأن هدنة مؤقتة على الرسوم الجمركية التي فرضت في أبريل، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى تفضيل الأصول ذات المخاطر الأعلى على حساب الذهب الذي يعتبر ملاذاً آمناً. كما ساهم ارتفاع مؤشر الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات في تقليل جاذبية المعدن. يضاف إلى ذلك الإعلان الذي أدلى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، مما يخفف من حدة الاضطرابات التي عادة ما تدعم أسعار الذهب. ورغم هذا الانخفاض، لا يزال العديد من المحللين محافظين على نظرتهم الإيجابية تجاه الذهب. يشير ريكاردو إيفانجليستا، كبير المحللين في شركة “أكتيف تريدز”، إلى أن التراجع يعكس انخفاض اضطراب البيئة الجيوسياسية والتجارية، ما يعزز شهية المخاطرة بين المستثمرين. ومع ذلك، يبقى مستوى عدم اليقين عالياً، ما يجعل من المبكر القول بأن الذهب قد بلغ ذروته. وشهد المعدن الأصفر ارتفاعاً قياسياً بنسبة 21% في العام الحالي، بعد زيادة بنسبة 27% خلال 2024، مما يؤكد دوره كمخزن قيمة في أوقات الاضطرابات السياسية والمالية. نيتيش شاه، استراتيجي السلع الأساسية في “ويزدوم تري”، يرى أن الأسعار من المرجح أن تستمر في الارتفاع نظراً للطلب المستمر من البنوك المركزية والمستثمرين الصينيين، وهما عاملان لن يختفيا قريباً. وأظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب سجلت أكبر تدفق لها في أبريل منذ مارس 2022، مع قيادة صناديق الصين لهذا الاتجاه. كما كشف بنك الشعب الصيني عن زيادة احتياطياته من الذهب للشهر السادس على التوالي. ويضيف أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في “ساكسو بنك”، أن هذا التصحيح في الأسعار قد يكون مؤقتاً نتيجة الطلب المستمر من البنوك المركزية، مع ضرورة مراقبة البيانات الاقتصادية الأميركية التي قد تؤثر على قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، والتي بدورها تؤثر إيجابياً على الذهب كملاذ آمن. وتشير البيانات الأخيرة إلى تباطؤ في الاقتصاد الأميركي خلال أبريل، مع انخفاض في أسعار المنتجين، وإنتاج الصناعات التحويلية، ومبيعات التجزئة، ما يرفع التوقعات بخفض أسعار الفائدة مرتين على الأقل خلال العام الحالي، وهو ما قد يدعم أسعار الذهب على المدى المتوسط. على المدى البعيد، يظل الذهب مادة مهمة للتحوط ضد المخاطر، خاصة مع استمرار التوترات الجيوسياسية، وتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، وضعف الدولار الأميركي، إضافة إلى مشتريات البنوك المركزية، كما يؤكد جيوفاني ستونوفو، محلل بنك “يو بي إس”.