مرصد مينا تشهد موائد المصريين تراجعاً ملحوظاً في تنوع وكميات الفاكهة، في ظل الارتفاع الكبير لأسعارها خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما بات يثقل كاهل الأسر ويجبرها على اتخاذ قرارات شرائية أكثر صرامة. ففي مدينة المنصورة بدلتا مصر، تحرص مروة محمد، وهي أم لثلاثة أطفال، على زيارة السوق الأسبوعي كل يوم أحد، حيث تقوم باختيار نوع أو نوعين من الفاكهة بعناية شديدة، مراعية ميزانية الأسرة التي لم تعد تتحمل تنوعاً كان متاحاً قبل سنوات. تقول مروة: “رغم ارتفاع الأسعار، لا أستطيع الاستغناء عن الفاكهة تماماً، فأطفالي يحبونها ويحتاجونها في مراحل نموهم، لكني أصبحت أشتري بكميات أقل، وأتجنب أنواعاً بعينها بسبب أسعارها المرتفعة”. وتعكس حال مروة واقعاً يعيشه الكثير من المصريين، الذين باتت الفاكهة بالنسبة لهم ترفاً يحتاج إلى «ميزانية» مستقلة، في ظل موجات متتالية من الغلاء طالت معظم السلع والخدمات، وآخرها كان ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 14% في أبريل الماضي، ما انعكس بدوره على تكاليف النقل والتوزيع. ووفق تقارير محلية، بلغ سعر كيلو الموز ما بين 35 و50 جنيهاً، والبطيخ بين 75 و250 جنيهاً للحبة حسب الحجم، بينما جاوز المشمش 100 جنيه للكيلو، وسجل الخوخ 70 جنيهاً، والتفاح بين 70 و100 جنيه، فيما وصل العنب إلى 120 جنيهاً للكيلو. من جانبه، أرجع حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بالغرفة التجارية بالقاهرة، ارتفاع الأسعار إلى محدودية المعروض في الأسواق حالياً، إذ أن ما يُطرح حالياً يُعد من “بشاير الموسم”، أي الكميات الأولية من المحاصيل الصيفية. كما أشار إلى التغيرات المناخية التي أدت إلى اضطراب في مواعيد الإنتاج الزراعي، ما أثر على التوفر والأسعار. مع ذلك، توقع النجيب انخفاضاً تدريجياً في الأسعار خلال الأسابيع المقبلة، مؤكداً أن بعض الأصناف بدأت بالفعل في التراجع، مثل المشمش الذي انخفض إلى 50 جنيهاً، والخوخ إلى 40 جنيهاً، والعنب إلى 85 جنيهاً، مطالباً الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق لمنع المغالاة في التسعير. غير أن البائعين في الأسواق يرون أن المشكلة لا تقتصر على المعروض فقط، بل أيضاً على الخسائر المحتملة بسبب تلف الفاكهة في فصل الصيف. خالد أحمد، بائع في منطقة حدائق أكتوبر، أوضح أن الفاكهة تتلف سريعاً في الحر، ما يدفع التجار إلى رفع الأسعار لتعويض الفاقد، مضيفاً: “كلما ارتفعت الأسعار، قلّ الإقبال، والخسارة باتت من الطرفين”. ويؤكد المستهلكون ذلك أيضاً. عبد الله مرسي، وهو رجل خمسيني من سكان ضاحية 6 أكتوبر، وقف أمام محل فاكهة يشتري كمية من الأناناس فقط، مستغلاً انخفاض سعره مقارنة بمنطقته، لكنه أعرض عن شراء أصناف أخرى بسبب الأسعار التي وصفها بأنها “غير محتملة”. ويعيش ملايين المصريين تحت خط الفقر، حيث بلغ معدل الفقر في البلاد 32.5% بحسب بيانات البنك الدولي لعام 2022، فيما يبلغ الحد الأدنى للأجور في القطاع العام 6 آلاف جنيه شهرياً، ومن المنتظر رفعه إلى 7 آلاف في يوليو المقبل. وفي خضم هذا الواقع الاقتصادي الصعب، باتت الفاكهة على مائدة المصريين “زائرة موسمية” أو ترفاً لا يمكن للجميع تحمله، رغم كونها عنصراً غذائياً مهماً، خاصة للأطفال.