عرب وعالم / مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا

الخرطوم تتنفس من جديد وسط ارتفاع جنوني في الأسعار ومعاناة المواطنين

مرصد مينا

بعد شهور طويلة من المعاناة والنزوح والدمار، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى “سوق أم درمان” العريقة في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث بدأ الباعة بالعودة إلى مواقعهم واستئناف نشاطهم التجاري المعتاد، فيما بدأت خطوات المتسوقين تتقاطع مجدداً في أزقة السوق القديمة التي شهدت منذ فترة طويلة توقفاً شبه كامل بسبب الاشتباكات المسلحة والحصار الذي تعرضت له المدينة.

يروي حمد الأمين، بائع خضراوات يبلغ من العمر سبعين عاماً ويعمل في السوق منذ عام 1976، أنه غاب عن متجره لمدة عامين بسبب الحرب، لكنه عاد مجدداً إلى بسطته بحماس وكأن شيئاً لم يكن.

يقول حمد: “هذه مهنتي التي قضيت فيها معظم حياتي، ولا أعرف غيرها”، مضيفاً أنه يتذكر زبائنه واحداً واحداً ويعاملهم كإخوته، كما يقدم لبعضهم الخضراوات مجاناً أو يسجل ديونهم عندما يكونون في ظروف صعبة.

ورغم استمرار انقطاع التيار الكهربائي، يستمر السوق في العمل من الصباح وحتى ما بعد غروب الشمس، نظراً لازدياد الحركة بعد خروج القوات المقاتلة من الخرطوم وعودة الحياة إلى المدينة، ما جعل “سوق أم درمان” تستعيد بعضاً من نشاطها وعافيتها.

في متاجر اللحوم، يشير بائع اللحوم فخر الدين محمد إلى أن حركة البيع بدأت تتحسن، إلا أن المواطنين يشترون كميات صغيرة للغاية، إذ إن الكثيرين يكتفون بشراء ربع كيلو لحم فقط، وفي بعض الأحيان أقل من ذلك، بما يُعرف محلياً بـ”مِسْد كول”.

ويبلغ سعر كيلو لحم الضأن حوالي 32 ألف جنيه سوداني، ولحم البقر 20 ألفاً، فيما يصل سعر كيلو كبدة الضأن إلى 24 ألف جنيه، مع العلم أن سعر الدولار الأميركي تجاوز 3000 جنيه سوداني.

ويروي فخر الدين أن التجار يبيعون “بأي مبلغ” حرصاً على تلبية حاجات المواطنين رغم الأسعار المرتفعة.

أما بائع الخضراوات متوكل البشري، الذي يمارس مهنته منذ 20 عاماً، فيلفت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث بلغ سعر كيلو الطماطم 7 آلاف جنيه، وهو ما دفع الناس إلى شراء كميات صغيرة ومتنوعة من الخضراوات تعرف محلياً باسم “السلطة” مقابل 4 آلاف جنيه فقط، حيث لا يستطيع أحد شراء الخضروات بالكيلو كامل.

يشهد السوق ازدحاماً ملحوظاً، خصوصاً في ساعات النهار، مع عودة الموظفين إلى أعمالهم وتحسن حركة المواصلات، التي ساعدت على إنعاش الحركة التجارية.

غير أن الدمار الذي خلفته الحرب ما زال حاضراً بوضوح، حيث تكثر المحلات المحطمة وأثار الحرائق وأكوام النفايات التي تعيق الطرقات، ويقوم بعض التجار بتنظيف محيط محلاتهم بأنفسهم.

في ظل هذه الأجواء، يظهر عشرات من عمال المياومة جالسين على الأرض، ينتظرون فرص عمل في مجالات الحفر والبناء. هؤلاء العمال يروون معاناتهم خلال فترة الحرب التي أجبرتهم على النزوح إلى الولايات الآمنة، ويأملون في العثور على عمل يوفر لهم ولو قوت يوم واحد.

النساء يحتلن النسبة الأكبر من الحضور في السوق، لكن الكثير منهن لا يأتين لشراء السلع بقدر ما يبحثن عن فرص عمل، أو يحاولن إيجاد ما يسد بهن رمق الحياة بعد أن فقدن منازلهن وأرزاقهن.

من بين هؤلاء، السيدة فاطمة بابكر التي عادت من النزوح لتجد منزلها مدمراً ومسروقاً، وتعيش حالياً في عريشة مصنوعة من جوالات الخيش، تبحث عن أي عمل يمكنها من شراء سرير للنوم.

تترافق عودة الحياة إلى السوق مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية، فمثلاً ارتفع سعر كيس السكر (50 كيلوغراماً) من 126 ألف جنيه إلى 176 ألفاً، والعدس (25 كيلو غراماً) من 58 ألفاً إلى 68 ألفاً، وطحين القمح (50 كيلوغراماً) من 38 ألفاً إلى 45 ألفاً.

ويشرح التاجر محمد أحمد أن هذه الزيادات تتزامن مع شح في السيولة النقدية وارتفاع أسعار صرف الجنيه السوداني، ما يدفع العديد من السكان للاستدانة أو الاقتصار على استهلاك المواد الأساسية فقط كالسكر والدقيق.

مع عودة الحركة إلى “سوق أم درمان” ينبعث الأمل من جديد في قلوب أهل الخرطوم الذين رغم خسارتهم لمنازلهم ووظائفهم وأحبائهم، يتمسكون بالصمود ويواصلون حياتهم وسط هذه الظروف الصعبة، متمسكين بحلم إعادة البناء واستعادة حياة كريمة.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في أبريل ، شهد السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين داخلياً وخارجياً، وسط دمار واسع للبنية التحتية وانهيار الخدمات الأساسية، حسب ما وصفته الأمم المتحدة.

ويشهد الاقتصاد السوداني انكماشاً حاداً بنسبة 40% منذ عام 2023، مع انخفاض إيرادات الدولة بنحو 80%، في ظل تداعيات الحرب التي عطلت الإنتاج والصادرات وأدت إلى خسائر فادحة في قطاع الأعمال.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مرصد الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا