مرصد مينا أعلن رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا، محمد رضا جلخي، أن عدد الأشخاص المفقودين منذ عام 1970 وحتى سقوط نظام بشار الأسد نهاية 2024، قد يتجاوز 300 ألف شخص، في واحدة من أعقد القضايا الإنسانية التي تواجه البلاد بعد عقود من حكم عائلة الأسد والحرب الأهلية التي دمرت سوريا. جلخي، أوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مساء الاثنين، أن تقديرات الهيئة التي أنشئت في مايو الماضي، تشير إلى أن عدد المفقودين يتراوح ما بين 120 ألفاً و300 ألف شخص، مشيراً إلى أن العدد قد يكون أكبر من ذلك بسبب صعوبة الحصر الدقيق. وأكد أن صلاحيات الهيئة تمتد لتغطية كامل الفترة منذ عام 1970 وحتى الوقت الراهن، من دون تحديد إطار زمني لإنهاء عملها، في إشارة إلى ضخامة وتعقيد هذا الملف. أشار جلخي إلى أن عشرات الآلاف اختفوا قسرياً خلال سنوات الحرب التي اندلعت عام 2011، عقب حملة القمع العنيفة ضد الاحتجاجات المناهضة لبشار الأسد، والذي تمت الإطاحة به من منصب الرئاسة في ديسمبر الماضي. وخلال الحرب، وُجّهت اتهامات لجميع الأطراف بارتكاب انتهاكات جسيمة، من بينها تنظيم “داعش” الذي سيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق، وارتكب فظائع شملت الإعدامات الجماعية والانتهاكات المنظمة لحقوق الإنسان. وكشف رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين أن لدى الهيئة “خريطة تتضمن أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة داخل الأراضي السورية”، من دون أن يحدد مواقعها أو الجهة المسؤولة عن إنشائها أو هوية الضحايا المدفونين فيها. كما أوضح أن العمل جارٍ على إنشاء بنك بيانات شامل لتوثيق حالات المفقودين، بما يمهّد الطريق للتعرف على مصيرهم وإعادة حقوق ذويهم. وشدد جلخي على أن عمل الهيئة يمثل “حاجة أساسية لمسار العدالة الانتقالية والسلم الأهلي”، واصفاً ملف المفقودين بأنه “أحد أكثر الملفات إيلاماً وتعقيداً في سوريا”. وتعهّدت السلطات السورية الجديدة بإحقاق العدالة للضحايا وكشف الحقيقة بشأن الانتهاكات التي وقعت خلال عقود حكم عائلة الأسد، بدءاً من حافظ الأسد الذي استولى على السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1970، وصولاً إلى حقبة نجله بشار الذي ورث السلطة بين عامي 2000 و2024. وكانت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، قد أكدت في يناير الماضي أن تحديد مصير المفقودين في سوريا سيكون مهمة هائلة قد تستغرق سنوات طويلة، بالنظر إلى حجم الكارثة وتعقيداتها. كما التقت رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، كارلا كينتانا، بعدد من السيدات السوريات اللواتي ما زلن يبحثن عن أقاربهن المفقودين، في إطار الجهود الدولية لمساندة العائلات المنكوبة. وكان حكم العائلة من بين الأكثر دموية في المنطقة، وقد قضى أو اختفى في سجونه ومن بينها سجن صيدنايا الشهير، عشرات آلاف الأشخاص. وبينما تبقى قضية المفقودين إحدى أبرز الجروح النازفة في المشهد السوري، تتجه الأنظار إلى عمل الهيئة الوطنية للمفقودين وما يمكن أن تحققه من نتائج في هذا الملف الإنساني المعقد.