مرصد مينا في تطور ميداني جديد، بثّت قوات “الدعم السريع” مقاطع مصورة قالت إنها توثق توغل عناصرها في مناطق متقدمة داخل مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، مع قربها من مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، ومحاصرتها من عدة اتجاهات. في المقابل، تجددت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في المحور الشمالي من المدينة، وسط تقارير عن تكثيف القصف المدفعي وتبادل النيران في أحياء سكنية متعددة. ورغم عدم صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني، أكدت مصادر وشهود عيان أن “الدعم السريع” تواصل شن هجمات نوعية لاختراق دفاعات الجيش. فيما تقوم القوات الحكومية باستعمال تكتيكيات استنزاف، بالانسحاب من نقاط دفاعية متقدمة واستخدام المدفعية الثقيلة لإجبار المهاجمين على التراجع، مع التركيز بشكل خاص على الجهة الجنوبية للمدينة بالقرب من مقر الفرقة السادسة. وعقب عدة محاولات فاشلة للتقدم في الجنوب الغربي من الفاشر، تمكنت قوات “الدعم السريع” من التوغل حول محيط سجن شالا ومقر الاحتياطي المركزي، فيما أشارت مصادر إعلامية إلى تعرض هذه المناطق للانكشاف بالقرب من المطار، ما يجعل المدنيين عرضة للخطر. كما يواصل الهجوم البري للقوات المتقدمة وسط قصف مدفعي مكثف وغارات جوية باستخدام الطائرات المسيّرة الانتحارية، مستهدفة مواقع عشوائية وسط الفاشر، حيث لا يزال عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين داخل المدينة. وقد دارت يوم الأربعاء اشتباكات عنيفة على طول الجبهة الشمالية، مع تبادل للقصف بالأسلحة الثقيلة، ولم يتم فتح أي ممر آمن لتمكين المدنيين من مغادرة المدينة، رغم ادعاءات “الدعم السريع” وحلفائها في تحالف السوداني التأسيسي (تأسيسي). كما ذكرت المصادر أن محاولات القوات المتقدمة للتمدد عبر المحور الجنوبي لم تسفر عن اختراق الدفاعات المتقدمة للجيش، الذي يسيطر على تلك المناطق بشكل كامل. وفي الوقت نفسه، سجلت حالات قتل للمدنيين على أيدي مقاتلي “الدعم السريع” أثناء محاولتهم الوصول إلى معسكرات النازحين شمال دارفور. وبحسب التقارير المحلية، شنّت “الدعم السريع” الأسبوع الماضي هجوماً واسعاً ومتزامناً من ثلاثة محاور، في أعنف مواجهات منذ أشهر، مع تركيز واضح على الأحياء الجنوبية التي تضم مقر الفرقة السادسة للجيش. من جهتها، زعمت قيادة قوات “الدعم السريع” أنها سيطرت على أجزاء واسعة من الفاشر، محاصرة المدينة من الجهات الأربع، وحققت تقدماً ملحوظاً في المحور الجنوبي. ومنذ اندلاع القتال في أبريل 2023، دفعت “الدعم السريع” بقوات كبيرة وطوقت الفاشر من جميع الجهات، في محاولة للاستيلاء على المدينة والقاعدة العسكرية التابعة للجيش، وهي آخر معاقل الجيش في دارفور، بهدف إحكام السيطرة على الإقليم الذي باتت أربع من أصل خمس ولاياته تحت نفوذها. وتستمر معركة الفاشر منذ عدة أشهر، دون حسم لصالح أي طرف، في مواجهة تحولت إلى حرب استنزاف طويلة المدى، وسط تصاعد غير مسبوق في الهجمات بوتيرة متسارعة، فيما يواصل الجيش والقوة المساندة له الدفاع عن المدينة وشن هجمات مضادة على الأطراف المحاصرة.