في خطوة تعكس حساسية الأوضاع الداخلية، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في سوريا عن إرجاء انتخابات مجلس الشعب التي كان مقرراً انعقادها في 15 سبتمبر المقبل ضمن ثلاث محافظات، وهي السويداء والحسكة والرقة، وذلك بسبب ما تشهده من تحديات أمنية تحول دون ضمان إجراء العملية الانتخابية في أجواء مستقرة وآمنة. قرار الإرجاء وظروفه أكدت اللجنة أن القرار جاء بعد دراسة شاملة للأوضاع الميدانية، حيث رأت أن استمرار التوترات الأمنية في بعض المناطق قد يؤثر على سلامة الناخبين والقائمين على العملية الانتخابية، إضافة إلى تهديد نزاهة الانتخابات وضمان مشاركة المواطنين بصورة طبيعية. وبينت أن تأجيل الانتخابات في تلك المحافظات لا يعني توقف العملية الانتخابية في باقي أنحاء البلاد، إذ ستُجرى الانتخابات في بقية المحافظات السورية في موعدها المحدد وفق الخطة الموضوعة. أهمية انتخابات مجلس الشعب تُعتبر انتخابات مجلس الشعب محطة محورية في المشهد السياسي السوري، حيث تمثل فرصة لتجديد التمثيل البرلماني وإعادة صياغة التوازنات السياسية الداخلية. ويولي السوريون أهمية لهذه الانتخابات باعتبارها وسيلة للتعبير عن آرائهم والمشاركة في صياغة القرارات الوطنية. ورغم التحديات التي تواجهها بعض المناطق، تؤكد الحكومة السورية عبر اللجنة العليا للانتخابات أنها حريصة على ضمان مشاركة أوسع شريحة من المواطنين في هذا الاستحقاق الدستوري، مع الالتزام بالشفافية وتطبيق القوانين المنظمة للعملية الانتخابية. الأوضاع الأمنية وتأثيرها تشهد محافظات السويداء والحسكة والرقة بين الحين والآخر تطورات أمنية معقدة ترتبط بوجود مجموعات مسلحة، إضافة إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية تعيق الاستقرار. وترى اللجنة أن إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف قد يُعرّض العملية برمتها للمخاطر، سواء على مستوى الإقبال الجماهيري أو على مستوى النتائج. ويأتي قرار التأجيل ليعكس إدراك السلطات للمخاطر المحتملة، ومحاولة الحفاظ على المصداقية الانتخابية، خصوصاً أن مشاركة المواطنين تتطلب بيئة آمنة تتيح حرية الاختيار. التأكيد على الشفافية والالتزام شددت اللجنة العليا للانتخابات على أن التأجيل قرار إجرائي وضروري، وأن الهدف الأساسي هو ضمان مشاركة السوريين في ظروف آمنة وهادئة. كما أكدت أن التحضيرات للانتخابات في باقي المحافظات تسير بشكل طبيعي، وسط متابعة دقيقة لتأمين المراكز الانتخابية وتوفير مستلزمات العملية اللوجستية. وأضافت أن اللجنة ستعلن في وقت لاحق عن موعد جديد لإجراء الانتخابات في المحافظات الثلاث المؤجلة، بمجرد تحسن الظروف الأمنية، بما يكفل مشاركة جميع الناخبين في هذا الاستحقاق الدستوري. مستقبل العملية الانتخابية يرى مراقبون أن هذا القرار يعكس تحديات المرحلة التي تمر بها سوريا، حيث يبقى الاستقرار الأمني عاملاً رئيسياً في إنجاح أي عملية سياسية. كما يشير إلى أن السلطات تسعى إلى الموازنة بين الالتزام بالاستحقاقات الدستورية من جهة، ومراعاة ظروف المواطنين وحمايتهم من جهة أخرى. ويترقب الشارع السوري ما ستسفر عنه الانتخابات المقبلة، سواء في المحافظات التي ستشهد الاقتراع في موعده، أو في المناطق التي تم تأجيلها، باعتبارها خطوة جديدة نحو تعزيز الحياة السياسية وفتح المجال أمام مشاركة أوسع للمجتمع في صياغة المستقبل.