أعادت دار  لويس فيتون Louis Vuitton تعريف مفهوم عروض الأزياء عبر تقديم مجموعتها ريزوت كروز 2026 في قلب قصر الباباوات التاريخي بمدينة أفينيون الفرنسية، في لحظة التقت فيها الأناقة بالمسرح، والفن بالتراث.

صمّم نيكولا غيسكيير هذه التشكيلة الفريدة التي بدت وكأنها عرض درامي حيّ داخل مكان مقدّس للتاريخ، حيث تماهت الأزياء مع خلفية حجريّة عريقة احتضنتها جدران مسرح الزمن.

عروض الأزياء تتحول إلى طقس فني

1. اختيار قصر الباباوات، المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لم يكن مجرد خلفية مذهلة، بل كان رسالة ثقافية واضحة، تؤكد على التقاء الموضة بالتاريخ، وعلى قدرة الإبداع المعاصر على إحياء الرموز المعمارية الخالدة وإضفاء طابع جديد عليها.
2. منح العرض التصميم المسرحي للفنانة إيس ديفلي Es Devlin، الذي شمل مقاعد من المخمل الأحمر على شكل مدرّجات، بعدًا مسرحيًا عزّز من حضور المجموعة على المنصة، تمامًا كما لو أنها مشاهد متتالية من عرض درامي ملحمي.
3. إنها المرة الأولى التي تُقام فيها فعالية أزياء بهذا الحجم داخل هذا المعلم، الذي شكّل منذ عام 1947 موطنًا لمهرجان أفينيون المسرحي، ليصبح العرض امتدادًا حيًّا لإرث المدينة الثقافي.

من عوالم العصور الوسطى إلى أناقة المستقبل

1. تميّزت المجموعة بروح ثرية تحاكي الأبعاد الزمنية، حيث استُحضرت عناصر من القرون الوسطى، مثل التونيكات والعباءات—بتفسيرات عصرية مرهفة.
2. وكان الهدف الأسمى، بحسب تصريحات غيسكيير، هو منح النساء “درعًا للحياة اليومية”، فكانت النتيجة تصاميم فاخرة وحيوية تنسج الأمان مع الجمال، والتاريخ مع الاستخدام العملي.
3. تأرجحت المجموعة بين الفخامة والزخم المسرحي من جهة، والتصاميم اليومية المريحة من جهة أخرى، رأينا فساتين تُذكّر بإطلالات ملكات العصور الوسطى، تُحاكي الشخصيات التاريخية، لكنها مصنوعة من خامات حديثة مثل الجيرسي المعدني، فبدت كأنها تصل بين الأزمنة في إيماءة رمزية إلى قوّة الأنوثة المتجددة.

الإكسسوارات: رموز فنية بتوقيع عصري

1. تجلّت البراعة الحرفية في الإكسسوارات التي رافقت الإطلالات، مثل الأحذية الجلدية المستوحاة من طراز "كافاليير"، المزينة بحلقات فضية متشابكة.
2. أما حقائب "ألما" الأيقونية، فقد أعيد ابتكارها بزخارف مذهّبة ثلاثية الأبعاد تحاكي جماليات أغلفة المخطوطات النادرة، ما منحها بُعدًا ثقافيًا ورمزيًا فريدًا.
3. أما الأحذية المفتوحة ذات التصميم الشبيه بالجوارب والمزيّنة بقطع مرايا دقيقة، فقد أضفت لمسة من البريق المسرحي الجريء.

فن المواد والقصّات: عندما يلتقي الحرفي بالخيال

1. لم تتوقف المغامرة البصرية عند الأقمشة الغنية فحسب، بل تعدّتها إلى استكشاف خامات وقوامات غير مألوفة مثل قبعات الرافيا، والحقائب الخشبية المطعّمة التي طُوّرت بالشراكة مع الحرفي الفرنسي الشهير توماس روجر.
2. كما قدّمت المجموعة تنانير قصيرة واسعة، وسراويل محبوكة، ومعاطف بازيلاء أنيقة، ما أضاف لمسة من الواقعية إلى الطابع الدرامي العام، امتدّ التوازن الذكي بين الماضي والحاضر إلى الألوان والزخارف، المستوحاة من جدران وغرف نوم الباباوات القديمة، في حوار بصري مشوّق مع الحاضر.

عندما تتحوّل الموضة إلى أداء فني

1. ما ميّز عرض كروز 2026 لم يكن فقط الملابس أو الموقع، بل القدرة على تحويل الموضة إلى تجربة حسّية متعددة الأبعاد. من خلال استلهام العناصر المسرحية والبصرية، أضاءت المجموعة على علاقة الموضة بالفن الأدائي والموسيقى، رقص، تمثيل، في تكامل نادر لا نشهده كثيرًا في عروض الأزياء التقليدية، فقد بدت التصاميم وكأنها أزياء مسرحية معاصرة، لا تُلبس فقط بل تُعاش.
2. برز هذا التوجه في القصّات المُبالغ بها عمدًا، في الجيوب الضخمة والتطريزات الكثيفة، التي حملت طابعاً روائياً يفتح المجال لتأويلات متعددة، كل قطعة في التشكيلة بدت وكأنها "شخصية" تسرد جزءًا من قصة، وكل إطلالة تُمثّل مشهدًا داخل سردية بصرية كبرى.

استراتيجية متكاملة: الموضة كجسر بين الصناعات

1. اختارت لويس فويتون هذا العرض ليكون أيضًا بيانًا استراتيجيًا. فقد تزامن مع وجود العديد من النجوم وصنّاع السينما في فرنسا لحضور مهرجان كان السينمائي 2025، مما ربط مباشرة بين الموضة والسينما والفن، ضمن مقاربة تُجسّد استراتيجية الدار المستمرة في توسيع حضورها عبر الفنون والثقافة والضيافة.
2. إن المزج بين عناصر الأزياء والهوية المحلية، وبين السياحة الثقافية والتجربة الحسية، يعكس رؤية لويس فويتون المستقبلية، الموضة ليست مجرد استهلاك، بل تجربة ثقافية شاملة تعكس هوية المكان والزمان، وتتجاوز كونها عرضًا إلى أن تصبح مهرجانًا للحواس والروح.

عرض يتجاوز الأزياء نحو الخلود

1. عند التقاء الموضة بالتاريخ، والإبداع بالهوية، تولد عروض تبقى في الذاكرة. وهذا ما حقّقته مجموعة كروز 2026، التي لم تكتفِ بتقديم قطع استثنائية، بل قدّمت عرضًا احتفاليًا بالمرأة، بالتاريخ، وبالفن كوسيلة للعيش والتعبير.
2. من أسوار قصر الباباوات إلى قلب كل مشاهد، أكدت لويس فويتون أنها تعرف تمامًا كيف تروي قصة لا تُنسى، قصة كتبتها بالخيوط، وزخرفتها بالضوء، وأدّتها على مسرح من الزمن الخالد.

ثقافة بروفانس في قلب التجربة

1. لم يكن الحدث مجرّد عرض أزياء، بل تجربة ثقافية متكاملة. فقد استمتع الضيوف، من رموز السينما والموضة والفن—بفعاليات محلية شملت تذوّق زيت الزيتون البروفنسي، وزيارة أسواق التحف، ووجبات عشاء في الهواء الطلق، مما ربط بين العرض والأرض، وبين الفن والطبيعة.
2. وقد تزامن هذا العرض مع ثلاث مناسبات تاريخية: الذكرى الخامسة والعشرين لاختيار أفينيون عاصمةً للثقافة الأوروبية، الذكرى الثلاثين لإدراجها ضمن قائمة اليونسكو، والذكرى الخمسين لمتحف "بيتي باليه–اللوفر".
3. وهكذا بدا عرض Louis Vuitton جزءًا لا يتجزأ من هذا الاحتفاء بالتاريخ، مؤكداً أن الموضة يمكن أن تكون لغة عابرة للزمن، تحمل في طيّاتها روح الفن وروعة الذكرى، أثبتت مجموعة Louis Vuitton كروز 2026 أن الأزياء ليست مجرد ملابس، بل لغة تعبّر عن الهوية والثقافة والفن.
4. من قصر الباباوات في أفينيون، وُلد عرض يُجسّد لقاء الأناقة بالأسطورة، حيث تلعب المرأة دور البطولة على مسرح من الحجارة والتاريخ، مرتدية درعها المعاصر المزين بالجمال والجرأة. إنه عرضٌ يترسّخ في الذاكرة، كما لو كان مشهدًا من مسرحية خالدة لا تُعرض سوى مرة واحدة في العمر.