قالت الدكتورة حنان حسن بلخي ،المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، فى بيان لها، لقد استمعنا هذا الصباح إلى تقارير مثيرةً للقلق عن موجات من الغارات الجوية عمت قطاع غزة، مع ورود تقارير تشير إلى مقتل المئات.
وأضافت، أكرر النداء الذي وجهه منسق الشؤون الإنسانية من أجل وضع حد للأعمال العدائية، ومواصلة تقديم المساعدات الانسانية، والافراج عن الرهائن، واستعادة الخدمات الأساسية وتوفير سبل العيش للناس، وهذا هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا.
وقالت، إنه في حين يطلب منا أن نحقق المزيد بموارد أقل، فإن المنظمة تواجه تهديدًا متزايدًا، ولا سيما في إقليم شرق المتوسط، ففي السودان، يحتاج 20 مليون شخص إلى مساعدة صحية عاجلة، وسيعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول يونيو من هذا العام، ومع ذلك، لم تمول استجابة المجموعة الصحية إلا بنسبة 5.6%
وفي الجمهورية العربية السورية، يحتاج 65% من السكان إلى مساعدة صحية طارئة، في وقت غادر فيه ما يصل إلى 70% من القوى العاملة الصحية البلد، ولم يعد يعمل من المستشفيات إلا أقل من نصفها، ورغم ذلك، تواجه منظمة الصحة العالمية عجزًا في التمويل يزيد على 80%.
وأضافت، كنت أتمنى أن يكون الجميع في رمضان في أتم صحة وأحسن عافية، لكن كثيرًا من سكان إقليم شرق المتوسط يعانون في ظل أزمات وصراعات ما زالت قائمةً، مؤكدة، إن عيد الفطر قد اقترب، والملايين من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في إقليمنا تحاصرهم أزمات لا تحصى، ولن يستطيعوا الاحتفال بالعيد مثل غيرهم، إذ يحتاج ما يقدر بنحو 110 ملايين شخص إلى مساعدات عاجلة، وهو ما يمثل ثلث العبء الإنساني العالمي.
وأوضحت، إن منظمة الصحة العالمية، تستجيب حاليًا وبفعالية لطوارئ مصنفة بلغ عددها 16 طارئةً في جميع أنحاء الإقليم، منها 7 أزمات إنسانية معقدة، وتواجه 50 فاشيةً للأمراض، وترصد في الوقت نفسه 61 حدثًا آخر من أحداث الصحة العامة، وتصنف 6 من هذه الطوارئ من الدرجة الثالثة -أي أكثر مستويات الأزمات حدةً- وهو ما يتطلب توفير استجابة كبرى من المنظمة.
ونحن نعمل في جميع أنحاء الإقليم، جنبًا إلى جنب، مع الحكومات لتعزيز القدرات على الوقاية من الطوارئ الصحية، والتأهب لها، والكشف عنها، والاستجابة لها، والتعافي منها.
فبدون إتاحة نظم الترصد والإنذار المبكر بقيادة المنظمة، فسوف تنتشر الأمراض في الخفاء مدةً أطول، الأمر الذي يزيد تعرضنا للفاشيات والجوائح، وبدون توافر الفرق الطبية في حالات الطوارئ، فلن تتمكن البلدان التي تعاني من ضعف النظم الصحية من إدارة الأزمات الواسعة النطاق.
وبدون سلسلة الإمداد والدعم اللوجستي اللذين توفرهما المنظمة كملاذ أخير، فسوف ينفد مخزون الوقود والمستلزمات والأدوية الأساسية والأكسجين في المستشفيات الموجودة في مناطق النزاع، وبدون تقديم المساعدة التقنية لإدارة الفاشيات، فستكون مكافحة الأوبئة أصعب، ونفقد مزيدًا من الأرواح، وبدون دعم برامج التمنيع الحيوية، فسيكون الملايين معرضين لخطر الإصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
وأوضحت، إنه بدون الدور الرئيسي الذي تضطلع به منظمة الصحة العالمية في إدارة التهديدات البيولوجية والمخاطر الكيميائية وسلامة المختبرات، فسيكون العالم أقل استعدادًا للهجمات البيولوجية والفاشيات المرتبطة بالمختبرات.
وفي كل يوم، بدءًا من مكافحة الكوليرا في اليمن، ومرورًا بالتدبير العلاجي لسوء التغذية الحاد الوخيم في السودان، وانتهاءً بتوفير رعاية المصابين بالرضوح في غزة، يسهم عمل المنظمة في توفير الحماية للضعفاء، وإنقاذ الأرواح.
وقالت، أود في هذا المقام أن أوجه كلمةً بشأن الانتقادات التي وجهت إلى المنظمة، وبيان جهودنا في الرد عليها، فنحن نأخذ تلك الانتقادات على محمل الجد، فعلى مر السنين، أجرينا إصلاحات لتعزيز المساءلة والفعالية: فقد عززنا نظم إدارة الأحداث والتنسيق بين الدول الأعضاء، وبسطنا العمليات حتى نستطيع الاستجابة بوتيرة أسرع، وأجرينا تحسينات وإصلاحات عديدةً، وما زال المجال مفتوحًا للمزيد والمزيد.
وأضافت، إن أولويتي منذ تقلدت منصب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط هي تحقيق نتائج ملموسة للدول الأعضاء، ولقد شرعت منذ العام الماضي، بعد تسلمي مهام منصبي، في عملية إصلاح شاملة لضمان أن يدعم هيكلنا التنظيمي رؤيتنا، وأن يتوافق التوظيف في المكتب مع الوظائف اللازمة لتنفيذ برنامج العمل العام الرابع عشر في إقليمنا.
وقد أكملنا استعراضات للمكاتب الرئيسية، مثل العراق واليمن، لتصحيح حجم عملياتنا، وعملنا مع المديرين والممثلين القطريين على استعراض الوظائف الأساسية.
وقد سعينا من قبل إلى تحسين الموارد، والتخلص من الازدواجية، وإلغاء الوظائف الشاغرة التي يمكننا العمل من دونها، ولا سيما على مستوى المديرين، وسنبدأ خلال الأسابيع المقبلة عمليةً جديدةً لتخطيط تعاقب ممثلي المنظمة وتعيينهم، لضمان وجود الأشخاص المناسبين في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، بما يحقق أفضل الحصائل الصحية الممكنة، وستقلل العملية الجديدة الحاجة إلى اتخاذ ترتيبات أداء الأعمال، وضمان سلاسة عملية التسليم، والحفاظ على استمرارية العمليات.
ونعمل أيضًا على توسيع نطاق مجموعة المرشحين المؤهلين لمناصب ممثلي المنظمة من خلال تقديم التوجيه والتدريب والبحث عن المواهب والكفاءات، ونحن نعيد ترتيب أولوياتنا، وتنظيم عملياتنا، مع مواصلة تبسيطها لتعزيز الكفاءة، وكل ذلك مع الاستمرار في النهوض بدورنا تجاه من نخدمهم، وهدفنا أن نصبح منظمةً أصغر حجمًا وأكثر مرونةً، قادرةً على مواصلة الإنجاز بالسرعة المطلوبة.
وقد أعطت التصريحات الأخيرة عن تخفيض المعونة الخارجية زخمًا جديدًا لهذا الجهد، فهي ليست إلا تأكيدًا على ضرورة ضمان أن يكون لنا تأثير مناسب وهيكل تنظيمي فعال وكفاءات تمكننا من النهوض بدورنا.
ودولنا الأعضاء تنتظر أن ترى أثرًا لعملنا، وتحقيق قيمة تتناسب مع المبالغ المنفقة، فهي تريدنا أن نعزز الكفاءة والمراقبة، وأن نقلل أي نفقات غير ضرورية، ونحن بدورنا نتفهم ذلك.
وفي أفغانستان، فإن نقص التمويل قد يؤدي إلى إغلاق 80% من خدمات الرعاية الصحية الأساسية التي تدعمها المنظمة بحلول يونيو من هذا العام والتأثير السلبي على المكاسب التي تحققت على مدى عقود في مجال مكافحة شلل الأطفال.
والواقع المؤلم يشير إلى أن هناك، في جميع أماكن عمل المنظمة، فجوةً كبيرةً بين ما نحتاجه وما نتلقاه من دعم.
إن عجزنا جميعًا عن توفير استجابة كافية لتلك الأزمات وغيرها، وإنهاء هذه المعاناة المستمرة التي تفوق الخيال، قد يلحقنا لأجيال قادمة، ولكننا نستطيع أن نرسم مسارًا مختلفًا، إذا توفر لدينا الالتزام السياسي الكافي.
فإذا كنا لا نستطيع أحيانًا أن نغير عوامل الجغرافيا السياسية وغيرها من العوامل المعقدة التي تغذي تلك الحروب، فإننا نستطيع بالتأكيد تخفيف المعاناة الهائلة الناجمة عنها.
إن إعلان الولايات المتحدة المؤسف بالانسحاب سيكون له تأثير هائل على المنظمة وقطاع العمل الإنساني عامةً، وقد ظهرت آثار أمر إيقاف العمل الصادر في الولايات المتحدة بشدة في جميع عملياتنا، لا سيما في حالات الطوارئ، فقد ظلت الولايات المتحدة مدةً طويلةً أكبر مساهم في المنظمة -إذ توفر 18% من إيرادات ميزانيتنا الثنائية لعامي 2024/ 2025 - وعادةً ما كانت تزيد على مساهمتها بتقديم مساهمات طوعية كبيرة لبرامج محددة.
وقد ساعد التمويل الأمريكي على النهوض بجهود استئصال شلل الأطفال، وتعزيز ترصد الأمراض في مناطق النزاع، وإعادة بناء النظم الصحية الهشة، ولكن هذا النموذج من التمويل كان معيبًا، وها نحن اليوم نشهد عواقبه، ونحن نعرف منذ مدة طويلة أنه يجب علينا تنويع مصادر تمويلنا، ونسعى جاهدين إلى تحقيق ذلك ، فالمنظمة تحتاج إلى قاعدة أوسع وأكثر توازنًا من الجهات المانحة، حتى تتقاسم جميع البلدان العبء المالي على نحو أفضل، فلا يمكن أن تتحمل بضعة دول غنية عبء المساعدة الإنسانية للعالم بأسره.
ويجب على المزيد من البلدان المبادرة بالمساعدة في حماية أكثر بلدان العالم ضعفًا وتحقيق الأمن الصحي العالمي.
وفي إقليمنا دول بدأت تبذل جهودًا ملحوظةً في مجال العمل الإنساني، ونحن نحثهم على أن يولوا الصحة اهتمامهم، فقد حان الوقت ليبادروا بذلك، والمانحون في جميع أنحاء العالم يعلمون أن لا استثمار أكثر أمانًا من الاستثمار في الأمم المتحدة.
فالمنظمة بها آلية للمحاسبة عن كل شيء تتلقاه، وفيما يتعلق بالصحة العالمية فلا جهة تستطيع أن تتصدى للمهام التي تؤديها المنظمة، فنحن ركيزة لا غنى عنها للبنية الصحية العالمية، فضلًا عن كوننا جهة التنظيم والتنسيق الرئيسية لها.
ولو أعلن حل المنظمة اليوم، فلن يجد العالم بديلًا عن إعادة إنشائها غدًا، إن مشكلات الصحة العالمية أضخم وأعقد من أن تتمكن أي دولة بمفردها من التصدي لها، فكل منا يحتاج إلى الآخر، وهذا هو سبب إقامة النظام المتعدد الأطراف، وهو أمر يفهمه الكثير منا.
وفي اجتماع المجلس التنفيذي في فبراير، وافقت الدول الأعضاء على زيادة الاشتراكات المقدرة لميزانية الثنائية 2026- 2027 بنسبة 20%، في بادرة تدل على قوة دعم تلك الأعضاء للمنظمة، وسيعرض المقرر الإجرائي للمجلس التنفيذي على جمعية الصحة العالمية الـ 78 في مايو القادم، لتتخذ القرار النهائي بشأنه.
وفي أثناء اجتماع المجلس التنفيذي أيضًا، شهدنا دعمًا كبيرًا من دولنا الأعضاء، وسلطت مداخلات عديدة الضوء على قيمة عمل المنظمة، مشددةً على أنه لا يمكن لأي منظمة أخرى أن تنهض بدورنا.
ودعوني أختتم هذه الإحاطة الرمضانية بنظرة متفائلة: إن الغالبية العظمى من دولنا الأعضاء ما تزال ملتزمةً بدعم المنظمة وولايتها، ومن جانبنا، سنواصل السعي -دون كلل أو ملل- للحفاظ على ثقتهم واطمئنانهم.
وقالت، أود التنويه إلى أن المجلة الصحية لشرق المتوسط خصصت إصدارين لقطاع غزة:
يتناولان آثار الحرب على الصحة، ويقدمان بينات علميةً وتوصيات عمليةً بشأن السياسات وجهود الدعوة والتدخلات، ويوفران أساسًا للبحوث المستقبلية.
وأشجعكم جميعًا على الاطلاع عليهما في الموقع الإلكتروني للمجلة، وقد صدر أولهما بالفعل، أما الثاني فمن المقرر أن ينشر في أبريل.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.