مصر اليوم / الحكاية

ترامب ضد ترامب في .. تناقضات الرئيس "ألغى العقوبات والمساعدات معًا"

في خضم الجدل الشائك في الغرب حول كيفية التعامل مع النظام الحاكم في ، برز الرئيس دونالد ترامب، على نحو مفاجئ، كشخصية واقعية وبراجماتية ودقيقة. فمنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تخضع البلاد التي مزقتها الحرب لقيادة أحد الفصائل التي شاركت في الصراع طيلة السنوات السابقة.

ورغم تشكيكات غربية عدة في النظام الجديد، ترامب قاد حملة إلغاء العقوبات المفروضة على دمشق منذ سنوات، موضحًا أنه يريد أن يوفر للسوريين سبيلًا للتعافي الاقتصادي.

لكن في الواقع، هذه السياسة البراجماتية الساعية للاستقرار ليست سوى نصف القصة. وكما يشير تحليل لمجلة "فورين بوليسي"، فقد لا يُحدد إرث ترامب في سوريا بتخفيف العقوبات ولا بإعادة العلاقات الدبلوماسية، بل بقرار اتُخذ سابقًا، ويتردد صداه الآن في القطاع الإنساني السوري، وهو التدمير الفوضوي للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).

الاستقرار السوري

خلال زيارته العاصمة في مايو الماضي، قال ترامب أمام حشدٍ كبير في : "سآمر برفع العقوبات عن سوريا لأمنحها فرصةً للعظمة". وقتها استُقبل بتصفيق حار، ثم صافح الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع. بدا أن ترامب يُعجب بالشرع حقًّا لأنه "رجلٌ قوي، ذو تاريخٍ حافل".

عندما سقط نظام الأسد الذي استمر لعقود بشكل مفاجئ أواخر 2024، كان من المفترض رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على سوريا. حيث رحل النظام الذي فُرضت عليه هذه العقوبات، وبدا تخفيف العقوبات أكثر إلحاحًا نظرًا لاستنزاف سوريا اقتصاديًا لدرجة أنها أصبحت معرضة لخطر الانهيار.

ومع بدء رفع العقوبات الأمريكية، تبعها الأوروبيون بإلغاء قيودهم الاقتصادية، في الوقت الذي يواصل ترامب دفع عملية التطبيع السوري الأمريكي قدمًا بسرعة جنونية.

ويشير التحليل إلى أنه "على عكس السياسات السورية المتعثرة في ولايته الأولى، حيث كان ترامب يُضلّل بانتظام من عيّنهم، يبدو أن الإدارة الآن متحدة وملتزمة برسالتها. وقبل أسبوع، قام الخارجية ماركو روبيو بشطب الفصيل الذي كان يقوده الشرع من تصنيف الإرهاب".

ولكي ينجح رهان ترامب على الاستقرار السوري، يتعين عليه أن يتغلب على العقبات الهائلة التي خلقتها سياسات ترامب الأخرى.

بعد 14 عامًا من الصراع، أصبحت سوريا فقيرة للغاية وممزقة، وتعج بالاضطرابات. وشهدت الحرب تدمير أجزاء كبيرة من حلب وحمص والرقة بسبب القصف والغارات الجوية، وبعد سنوات لم تكن هناك أي إعادة إعمار جادة. توفر شبكة الكهرباء بضع ساعات من الكهرباء يوميًا، والبنية التحتية متداعية.

أيضًا، هناك تلوث متزايد وتدهور للتربة وإزالة الغابات، وتنتشر الأمراض مع فشل أنظمة المياه والري، حيث تقدر الأمم المتحدة أن ثلثي السكان سيحتاجون إلى مساعدات خارجية في عام 2025.

ويشير التحليل إلى أن "هناك ملايين اللاجئين الذين يحلمون بالعودة إلى ديارهم، إلا أنهم لا يملكون الكثير ليعودوا إليه: لا وظائف ولا مدارس ولا مستشفيات ولا منازل".

ومما يزيد الأمور سوءًا أن سوريا تعاني من أسوأ جفاف لها منذ 60 عامًا، وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من أن 16 مليون شخص قد يتعرضون لانعدام الأمن الغذائي.

مساعدات وعقوبات

لسنوات، اعتمدت سوريا على المساعدات الخارجية. ولكن في تطورٍ قاسٍ، لا يزيد مساعدوها الأجانب إنفاقهم على المساعدات الآن، حيث تحتاجها سوريا أكثر من أي وقت مضى لمواجهة تبعات تغيير النظام. على العكس من ذلك، شهدت سوريا سحب الكثير من مساعداتها الخارجية، مما أدى إلى نتائج وخيمة.

وفي الحقيقة، فإن الجاني الرئيسي وراء هذه النتيجة المأساوية هو المنقذ المفترض لسوريا، ترامب.

وتشير "فورين بوليسي" إلى أنه "لطالما استهجن ترامب المساعدات الخارجية، لكن قراره فور توليه منصبه بتدمير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) على الفور يبدو أنه نابع من مسرحية أكثر منه من أيديولوجية من مخلفات الحروب الثقافية الأمريكية".

حتى ربيع هذا العام، كانت الولايات المتحدة من أبرز الجهات الفاعلة في المجال الإنساني في سوريا، ولم يسبقها في ذلك سوى الاتحاد الأوروبي.

وبين عامي 2012 و2024، قدمت واشنطن مساعدات تجاوزت قيمتها 18 مليار دولار، كما ساهمت المساعدات الأمريكية من خلال دعم البنية التحتية والمؤسسات في تفادي انهيار سوريا التام، ودعم الشركاء الإقليميين المثقلين بأزمة اللاجئين، مثل الأردن ولبنان.

تفكيك وكالة المساعدات

في العام الماضي، تولّت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) حوالي ربع المساعدات العالمية المُقدّمة للسوريين. ولكن علاوة على ذلك، لعبت الوكالة دورًا حيويًا في توفير القيادة والقدرات المتخصصة والخبرة للجهود الدولية الأوسع.

لكن الشتاء الماضي، هدم ترامب كل ذلك لاستعداء خصومه المحليين، وبعد نصف عام، بدأت النتائج تظهر.

في جميع أنحاء سوريا، يفقد الناس الآن إمكانية الحصول على الدعم الغذائي والرعاية الصحية ومياه الشرب، حيث تُسرّح المنظمات غير الحكومية التي جُرِّد تمويلها موظفيها وتُنهي مشاريعها.

في فبراير الماضي، حذّرت منظمة "ميرسي كوربس" من أنها ستوقف توزيع المياه النظيفة على 118 ألف ، وأعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" أنها أغلقت 20 من أصل 50 برنامجًا للتغذية في سوريا، مما يُعرّض أكثر من 400 ألف طفل لخطر سوء التغذية الحاد.

كما أشار تقرير صادر عن منظمة اللاجئين الدولية إلى فقدان مليون سوري لخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، وحذّر من أن هذه التخفيضات في المساعدات قد تُؤدي إلى موجات نزوح جديدة مع معاناة الأسر من أجل البقاء.

هكذا، المواجهة في سوريا بين ترامب وترامب. فمن جهة، أبدى الرئيس الأمريكي استعداده للتخطيط لمسار إنقاذ سوريا من حافة الهاوية من خلال مساعدة زعيمها الجديد وإصدار أمر بتخفيف غير مسبوق للعقوبات. ومن جهة أخرى، ضربت ترامب المتهورة للمساعدات الأساس الاجتماعي والاقتصادي لاستقرار سوريا وسلامها الداخلي.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا