كتب بيشوى رمزىالجمعة، 05 سبتمبر 2025 08:00 ص على الرغم من تسليط الأضواء على قطاع غزة، جراء ما يرتكب بها من انتهاكات، منذ ما يقرب من عامين كاملين، سقط على أثرها آلاف الشهداء، معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، تتحرك حكومة بنيامين نتنياهو على العديد من المسارات الأخرى، تقوم فى الأساس على خلق حالة من الانفصال بين القطاع والضفة والقدس، فى إطار محاولات تصفية القضية الفلسطينية، ووأد حلم الدولة المنشودة قبل ولادتها، وهو الهدف الذى يمثل أولوية قصوى لليمين المتطرف الحاكم فى تل أبيب، والذى تجلى فى أبهى صوره فى أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، عبر دعوات متناثرة، دارت بين تهجير سكان غزة تارة، وفصل القطاع عن الضفة تارة أخرى، وهى الدعوات التى تصدت لها القوى الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط، بقيادة مصرية منذ اليوم الأول للعدوان على غزة. دعوات التهجير وفصل القطاع عن الضفة الغربية، تمثلان محور الرؤية الإسرائيلية، حيث تهدف فى الأساس إلى تجريد الدولة الفلسطينية المنشودة من العناصر الأساسية التى تتشكل على أساسها الدول، وهى الشعب، والأرض، والتى تشكل إقليما متصل جغرافيا، فى الوقت الذى تعانى فيها السلطة الحاكمة، وهى العنصر الثالث للدولة، جراء حالة الانقسام المهيمنة على الأوضاع فى فلسطين منذ عام 2007، وهو الأمر الذى ساهم فى إضعاف المفاوض الفلسطينى، وترك آثاره السلبية على المعسكر الدولى الداعم للقضية جراء انقسامه هو الآخر، بين محورين، أحدهما لقب بـ«المقاومة»، بينما الآخر وصمته الجماعات وأصحاب المصالح بـ«الاعتدال»، وهو ما أفقد القضية جزءا من مركزيتها، خاصة مع تواتر الأحداث فى المنطقة إبان العقد الماضى، جراء اندلاع «الربيع العربى»، وما أسفر عنه من تهديد صارخ للدول العربية وسلامتها الإقليمية وأمنها القومى، خاصة مع تزامنه مع ظهور جماعات تحولت من مجرد تنفيذ عمليات إرهابية، إلى السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضى. والمفارقة الملفتة للانتباه فى هذا الإطار، هى أن السيطرة على الأراضى، كانت أحد أبرز العوامل المشتركة، فى سياسات إسرائيل، وسلوك التنظيمات الإرهابية، ففى الوقت الذى شكلت فيه الأخيرة تهديدا صارخا لأمن الدول العربية، دفعها مرحليا إلى الانكفاء على الذات لحماية سيادتها واستقرارها، تحركت الدولة العبرية نحو بناء أعداد كبيرة من المستوطنات فى الضفة الغربية، وهو ما يعنى تآكل أراضى الدولة الفلسطينية المنشودة، وفقا لأحكام الشرعية الدولية التى أقرها المجتمع الدولى، بينما انتهجت سياسات أخرى فى القدس، قامت فى الأساس على تهويد المدينة المقدسة، وتجريدها من هويتها العربية، فى محاولة أخرى لتحقيق الانفصال. قرأ أيضا.. 700 يوم على إبادة غزة.. فلسطين مؤنثة والبطولة أنثى.. وحوش تفترس النساء بطلات غزة وهنا يبدو تكريس الانفصال بين أقاليم الدولة الفلسطينية، أو بالأحرى اختزال القضية، لم يقتصر على الجغرافيا، عبر بناء المستوطنات وإنما امتد إلى أبعاد أخرى منها ما هو سياسى، عبر الانقسام فى السلطة، أو حتى فيما يتعلق بالهوية، من خلال سياسات اعتمدت على التهويد، والهدف خلق كيانات منفصلة لا يصلح معها بناء دولة مستقلة ذات سيادة. حالة الانفصال، لا تهدف فقط إلى تقويض تجريد الدولة المنشودة من مكوناتها «الأرض والسلطة والإقليم»، وإنما تحويلها إلى ملفات متعددة للتفاوض مع المجتمع الدولى، واستجداء تعاطفه، وهو ما يبدو فى تبرير الانتهاكات المرتكبة فى غزة، والتى تحاول الدولة العبرية الترويج لها باعتبارها ملفا أمنيا، يرتبط بصورة مباشرة بوجود الفصائل التى تمثل تهديدا صارخا لها، بينما تسابق الزمن لبناء أكبر قدر من المستوطنات على أراضى الضفة الغربية، مما يمنحها شرعية سياسية لبسط سيطرتها عليها، فى حين تبقى القدس قضيتها الدينية، تسوق لها باعتبارها تمنحها حقا أبديا فى السيطرة على المدينة المقدسة. اقرأ أيضا.. نكبة القرن.. 700 يوم على إبادة غزة.. سيرة عصابة صارت بلدا.. سفاحون صغار وأوهام كبرى تهجير الفلسطينيين النتيجة أن القضية الفلسطينية، التى أقرتها الشرعية الدولية منذ عقود باعتبارها قضية سياسية بحتة، تنقسم إلى عدة ملفات، لا ترتقى إلى مكانة القضية المركزية، منها ملف أمنى، يخضع لمعادلات القوة وليس لمبادئ العدالة، وآخر جغرافى عبر بناء المستوطنات وفصل القطاع عن الضفة، وثالث دينى يدور حول القدس. اقرأ أيضا.. نكبة القرن.. 700 يوم على إبادة غزة.. كيان تفضحه الكلمة والصورة.. عدوان على شهود العيان.. الصحافة شاهد وشهيد على دولة مزيفة تطارد الحقيقة وترتعب من الرصد والتوثيق.. 247 قتلهم الاحتلال فى أضخم مذبحة إعلامية شهداء الصحافة فى فلسطين وبهذا تُعيد إسرائيل إنتاج نفسها ليس كطرف متهم بالاحتلال، وإنما كطرف يفرض شروط التفاوض على الجميع، سواء فى أوروبا التى تخشى الإرهاب، أو فى الولايات المتحدة التى تخشى فقدان السيطرة على الشرق الأوسط، أو حتى فى مواجهة القوى الصاعدة كالصين وروسيا، التى ترغب فى عدم الدخول فى مواجهة مع القوى الكبرى فى اللحظة الراهنة فى ظل أولوياتها القائمة على الاقتصاد. اقرأ أيضا.. نكبة القرن.. 700 يوم على إبادة غزة.. سيرة عصابة صارت بلدا.. سفاحون صغار وأوهام كبرى ملف اليوم السابع عن حرب الإبادة فى غزة