كتبت أسماء نصارالسبت، 04 أكتوبر 2025 02:20 م تتابع وزارة الموارد المائية والري تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام عن كثب، في ظل استمرار التصرفات الأحادية وغير المسؤولة من جانب إثيوبيا في إدارة سدها غير الشرعي، المخالف لأبسط قواعد القانون الدولي والمواثيق المنظمة للأنهار الدولية. أكدت الوزارة أن هذه الممارسات الإثيوبية تعكس استخفافًا واضحًا بحياة وأمن شعوب دولتي المصب، وتفضح زيف الادعاءات المتكررة بعدم الإضرار بالغير، ما يكشف عن نوايا سياسية واضحة لاستغلال المياه كورقة ضغط بعيدًا عن مبادئ التعاون والمسؤولية المشتركة. تشير بيانات الوزارة إلى أن فيضان هذا العام أعلى من المتوسط بنحو 25% عند المصادر الثلاثة الرئيسية للنهر: النيل الأبيض، النيل الأزرق، ونهر عطبرة، ومع ذلك، فإن حجم الفيضان لا يصل إلى مستويات العام الماضي الذي شهد فيضانًا مرتفعًا. ومن الناحية الفنية، كان من المتوقع أن تقوم إثيوبيا بملء السد تدريجيًا خلال الفترة من يوليو وحتى أكتوبر، ثم تنظيم تصريف المياه لتوليد الكهرباء كما تدعى، لكن البيانات الرصدية كشفت عن مخالفات كبيرة؛ ففي نهاية أغسطس، تبيّن أن الجانب الإثيوبي قام بتخزين كميات أكبر من المتوقع، وخفض تصريف المياه من نحو 280 مليون متر مكعب يوميًا إلى 110 ملايين متر مكعب فقط في 8 سبتمبر 2025، في خطوة مفاجئة وغير مبررة. التصرفات الإثيوبية تزامنت مع ما سمى بـ"احتفال افتتاح السد" في 9 سبتمبر، حيث لجأت السلطات الإثيوبية إلى فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لساعات محدودة فقط، بهدف تقديم "لقطة إعلامية" تخدم أجندات سياسية، دون مراعاة للأمن المائي لدول المصب. وعقب انتهاء الاحتفال، عمد مشغلو السد إلى تصريف كميات ضخمة من المياه بلغت 485 مليون متر مكعب في يوم واحد (10 سبتمبر)، تبعتها زيادات مفاجئة وغير مبررة، وصلت إلى 780 مليون متر مكعب في 27 سبتمبر، قبل أن تنخفض إلى 380 مليونًا في 30 سبتمبر. كما سجل انخفاض في منسوب السد الإثيوبي يقارب مترًا واحدًا، بما يعادل تصريف نحو 2 مليار متر مكعب من المياه المخزنة، دون توضيح فني مقنع أو ضرورة ملحة. تسببت هذه التصرفات غير المنضبطة في التقاء كميات كبيرة من المياه في توقيت غير معتاد من العام، بالتزامن مع تغير أنماط سقوط الأمطار في السودان وارتفاع إيراد النيل الأبيض. وأدى ذلك إلى "فيضان صناعي مفتعل"، غمر أراضي زراعية وأغرق قرى سودانية بأكملها، في وقت لم تكن فيه البنية التحتية مستعدة لمثل هذه الزيادة المفاجئة. وفي ظل هذه التطورات، لم يكن أمام مشغلي سد الروصيرص السوداني سوى تمرير الجزء الأكبر من المياه لتفادي تعريض السد للخطر، بسبب محدودية سعته التخزينية. وأكدت وزارة الموارد المائية والري أن الإسراع في الملء غير القانوني، وما تلاه من تصريف ضخم للمياه عقب الاحتفال، لم يكن إجراءً فنياً أو اضطراريًا، بل يعكس بوضوح غياب الانضباط والمسؤولية في تشغيل سد بهذا الحجم والخطورة. وحذرت الوزارة من أن هذه التصرفات العبثية تغير نمط الفيضان الطبيعي، الذي تبلغ ذروته عادة في أغسطس، ما يحدث فيضانات صناعية متأخرة ذات آثار مدمرة، و ألحقت هذه السياسات الأُحادية خسائر فادحة بالسودان الشقيق، وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وتهدد حياة الملايين ومقدراتهم في دولتي المصب. واختتمت الوزارة بيانها بالتأكيد على أن مصر حذرت مرارًا من مخاطر بناء وتشغيل سد إثيوبي بهذا الحجم، بسعة تخزين تبلغ 74 مليار متر مكعب، دون اتفاق قانوني ملزم ودون تنسيق مشترك مع دولتي المصب. وأشارت إلى أن استمرار هذه السياسات المنفردة، وسط غياب آلية دولية ملزمة، يُبقي المنطقة في دائرة الخطر المائي الدائم، سواء في أوقات الجفاف أو الفيضان.