ينتظر أن تستقبل مصر استثمارات خليجية جديدة، خلال الفترة المقبلة لمساندة اقتصادها المتأثر سلبا بالحرب في غزة والرسوم الحمائية التى أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شركاء بلاده التجاريين. وأعلنت قطر عن عزمها ضخ استثمارات مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار- وفق بيان رسمي- فيما نقلت وسائل إعلام محلية عزم الكويت ضخ استثمارات مشابهة خلال الفترة المقبلة. ويرى رجال أعمال مصريون أن هذه الاستثمارات “ستسهم في تخفيف الضغط بسبب الدين الخارجي، وزيادة معدل النمو وخلق فرص عمل جديدة”. ومطلع هذا الأسبوع، زار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، دولتي قطر والكويت، وبحث مع البلدين التعاون الاقتصادي ضمن عدة ملفات. وفي نفس الوقت زار وفد ضم عددا من رجال الأعمال السعوديين البارزين مصر لبحث الفرص الاستثمارية، خاصة مع دخول اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين مصر والمملكة حيز التنفيذ. وكلفت الحرب في غزة الاقتصاد المصري خسائر ضخمة أبرزها تراجع إيرادات قناة السويس بأكثر من 6 مليارات دولار خلال عام 2024 بنسبة انخفاض سنوية 61%، وعدم الوصول لإيرادات السياحة المستهدفة، فيما تسببت الرسوم الحمائية لأمريكا في خروج جزء من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين المحلية. وقدر عضو مجلس الأعمال المصري الكويتي محمد الخشن، أن تتراوح حجم الاستثمارات الخليجية المنتظرة لمصر “ما بين 10-15 مليار دولار خلال الأعوام القليلة المقبلة، مما يسهم في تخفيف الضغط على مصر نتيجة ارتفاع الدين الخارجي للبلاد، غير أن هذه الاستثمارات تواجه بعض التحديات التي تحاول الحكومة حلها وأبرزها الحفاظ على استقرار سعر الصرف”. وزاد حجم الدين الخارجي لمصر إلى 155.204 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول 2024 مقابل 152.9 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران 2024 ، ومقارنة بنحو 164.521 مليار دولار بنهاية الربع الأول من 2023/2024، وفق بيانات البنك المركزي المصري. وتوقع الخشن، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن تتوزع الاستثمارات الخليجية ما بين القطاع الزراعي، والذي يشهد نموا لافتا خلال الفترة الحالية مما سينعكس على زيادة مساحة الأراضي المنزرعة من 10 ملايين فدان إلى قرب 15 مليون فدان في السنوات المقبلة، وينعكس على مضاعفة الصادرات الزراعية، والقطاع الصناعي في مجالي الأسمدة والفوسفات، وهناك مشروعات في هذا الصدد حصلت على موافقات لبدء التصنيع، وفي انتظار تدبير التمويل اللازم، كما سيكون للقطاع الغذائي نصيب من الاستثمارات الخليجية. وقفزت صادرات مصر الزراعية إلى 8.6 مليون طن خلال 2024 لتسجل أعلى مستوى في تاريخها، بزيادة تتجاوز 1.2 مليون طن عن العام السابق، وكانت الموالح والبطاطس والبصل والعنب والفاصوليا والمانجو على رأس القائمة، وفق بيان رسمي. ويرى محمد الخشن أن الاقتصاد المصري “متماسك أمام تحديات حرب غزة، نتيجة تنوع إيراداته”، مستشهدا بتضاعف حجم الصادرات المصرية السلعية العام الماضي، رغم تحديات الحرب، متوقعا تحسن الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة حال استقرار الأوضاع بالمنطقة، وكذلك في ظل جهود الحكومة المصرية لتحسين مناخ الاستثمار أمام القطاع الخاص، وتنويع الفرص المطروحة أمامه. وسجلت مصر أعلى قيمة للصادرات السلعية في تاريخها بلغت 40 مليار دولار خلال 2024 مقابل 35.6 مليار دولار في العام السابق له، وتستهدف الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار حتى 2030، وفق بيان رسمي لوزير الاستثمار والتجارة الخارجية. وقال رئيس الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، فتح الله فوزي، إن الاستثمارات الأجنبية الخليجية المباشرة سيكون لها “تأثير إيجابي للغاية على تجاوز الاقتصاد المصري المرحلة الحالية، من خلال مضاعفة حجم الاستثمارات في البلاد، وخلق فرص عمل جديدة، خاصة حال تركز هذه الاستثمارات على القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الصناعة، مما يؤثر على خفض فاتورة الواردات، وزيادة الصادرات المصرية، وكذلك تطوير قطاع السياحة لزيادة الدخل منه”. وسجلت حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر حوالي 46.6 مليار دولار خلال 2024، وجاءت هذه القفزة من توقيع صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة لصندوق سيادي إماراتي مقابل 24 مليار دولار. وتستهدف مصر الوصول بحجم الاستثمارات الأجنبية إلى 60 مليار دولار، وفق تصريحات سابقة لرئيس هيئة الاستثمار. وأشار فوزي، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، إلى اللقاءات التي عقدها رجال الأعمال المصريين مع نظرائهم من السعودية خلال الأيام الماضية، والذين أبدوا اهتماما بالاستثمار في مجالات التطوير العقاري والصناعة والطاقة، متوقعًا أن تستقبل مصر هذه الاستثمارات الخليجية خلال الفترة القريبة المقبلة. ووفق بيان رسمي، بلغ إجمالي تدفقات الاستثمارات السعودية 8.9 مليار دولار خلال العشرين عاما الماضية في مصر تتوزع بين حوالي 8 آلاف شركة، منها 42 شركة مقيدة بالبورصة. وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن التداعيات السياسية بالمنطقة تستلزم ضرورة تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، لتحسين معدلات النمو بهذه الدول، عبر تحقيق تشبيك بين فائض التمويلات بالدول النفطية، والفرص الاستثمارية المتاحة بالأسواق العربية الواعدة، مستشهدًا بالتكتل الاقتصادي للدول الأوروبية، الذي ساهم في تجاوز الأزمات خلال الفترة المقبلة. وأضاف البهي، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن الاستثمارات الخليجية المباشرة لمصر “ستسهم في تحقيق استقرار من النقد الأجنبي، مما ينعكس على استقرار أسعار السلع للمواطنين، وزيادة إيرادات الدولة من الضرائب مما يسهم في خفض العجز الكلي وزيادة مخصصات الموازنة للقطاعات الخدمية مثل الصحة والتعليم، وكذلك خلق فرص عمل جديدة للشباب، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة”. . المصدر: CNN