تتحرك مصر بخطى ثابتة لتصبح لاعبا رئيسيا في صناعة السيارات الكهربائية، في ظل سعي الحكومة لتوطين هذه الصناعة الاستراتيجية التي تمثل مستقبل قطاع النقل عالميا، حيث تكثف القاهرة مفاوضاتها مع كبار مصنعي السيارات ومكوناتها حول العالم، بهدف إقامة منظومة إنتاج متكاملة على الأراضي المصرية، تتضمن تصنيع المكونات الرئيسية وأهمها البطاريات الكهربائية. ونستعرض معكم في هذا التقرير من بانكير، تفاصيل خطة الحكومة المصرية لتوطين صناعة السيارات في مصر، والجدوى الاقتصادية من وراء ذلك، كما سنتعرف على البنية التحتية ومدى تطورها لاستيعاب هذه الصناعة العملاقة خلال السنوات المقبلة. صناعة السيارات الكهربائية في مصر السيارة المصرية الكهربائية قريبا.. خطة كبرى لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر كشفت تقارير رسمية أن الحكومة تجري حاليا مفاوضات مع شركات عالمية كبرى متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية ومكوناتها، حيث ينصب التركيز على التوصل إلى اتفاقات لتصنيع البطارية محليا، وهي المكون الأعلى تكلفة في السيارة الكهربائية وتمثل نحو نصف ثمنها. وأكدت التقارير أن الدولة على استعداد لتقديم كل أنواع الدعم والمحفزات الممكنة لتشجيع هذه صناعة السيارات الكهربائية، من خلال توفير بنية تحتية مناسبة وتسهيلات ضريبية وجمركية، من أجل تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير السيارات الكهربائية إلى الأسواق العالمية. وترتكز رؤية الحكومة المصرية على التوسع في الصناعات الخضراء، وعلى رأسها السيارات الكهربائية، نظرا لما توفره من حلول صديقة للبيئة وتوفير كبير في استهلاك الوقود، إلى جانب إسهامها في تقليص فاتورة الاستيراد وخلق فرص عمل جديدة للشباب، في ظل اتجاه العالم نحو البدائل النظيفة. انطلاق صناعة السيارات الكهربائية بدأت بتوجيهات رئاسية التحركات الجادة نحو توطين صناعة السيارات الكهربائية بدأت في أبريل 2021، بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كلف بإعداد استراتيجية قومية متكاملة لدعم الصناعة في مصر، ومنذ ذلك الوقت، تحركت الدولة على أكثر من محور لبناء شراكات قوية مع المصنعين العالميين. وكانت البداية مع شركة النصر للسيارات، التي أعلنت في منتصف عام 2022 عن خطة لإنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنويا بالشراكة مع شركة “دونج فينج” الصينية، بنسبة مكون محلي بلغت نحو 50% في المرحلة الأولى، وفقا لما أعلنته وزارة قطاع الأعمال العام آنذاك. السيارة المصرية الكهربائية قريبا.. خطة كبرى لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر 2024.. عام الطفرة الحقيقية شهد عام 2024 انطلاقة كبيرة للاستثمارات الأجنبية في قطاع السيارات الكهربائية بمصر، حيث وقعت شركة “بايك” الصينية اتفاقا مع شركة “ألكان” المصرية لإنشاء مصنع على مساحة 120 ألف متر مربع، بطاقة إنتاجية متوقعة تبلغ 20 ألف سيارة سنويا مع نهاية عام 2025، بنسبة مكون محلي بلغت 48%. وفي نوفمبر من العام نفسه، تم الإعلان عن افتتاح 3 مصانع جديدة، تابعة لكل من شركة “بروتون” الماليزية، و”النصر” بالتعاون مع شريك صيني، وشركة “أكسيدا” الصينية، في خطوة تعكس تسارع وتيرة الاستثمارات وتحول مصر إلى وجهة جاذبة لمصنعي السيارات الكهربائية. مع توسع الاستثمارات، ارتفعت القدرة الإنتاجية الإجمالية للمصانع العاملة في القطاع إلى نحو 45 ألف سيارة سنويا، تشمل مصنع “بايك – ألكان” بقدرة 20 ألف سيارة، ومصنع “النصر” الذي يستهدف إنتاج 25 ألف سيارة كهربائية، كما ارتفعت نسبة المكون المحلي في بعض المصانع لتقترب من 48%، وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة. خطط الدولة لصناعة السيارات الكهربائية في مصر وبادرت الحكومة بإطلاق شراكة استراتيجية بين الهيئة القومية للإنتاج الحربي وعدد من شركات القطاع الخاص، لبدء تأسيس قاعدة صناعية وطنية للسيارات الكهربائية، على أن يكون غالبية المكونات المستخدمة من الإنتاج المحلي. ولا تتوقف خطط مصر عند تصنيع السيارة فحسب، بل تمتد إلى إنتاج مكوناتها وقطع غيارها داخليا، بما في ذلك البطارية الكهربائية، التي تعد من أهم عناصر الإنتاج، كما تستهدف الحكومة دعم الصناعات المغذية المرتبطة بالقطاع، مثل الإلكترونيات، والزجاج، والكابلات، والإطارات. وفي سبيل دعم انتشار السيارات الكهربائية في السوق المحلي، قدمت الدولة حزمة من الحوافز، من بينها إعفاءات جمركية على البطاريات والمكونات الرئيسية، إلى جانب إطلاق شبكة محطات شحن موسعة في مختلف المحافظات. السيارة المصرية الكهربائية قريبا.. خطة كبرى لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر الموقع الاستراتيجي ومحطات شحن السيارات الكهربائية تعتمد مصر في رؤيتها للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات الكهربائية على ما تملكه من مقومات جاذبة، في مقدمتها الموقع الجغرافي المتميز الذي يربط بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، إلى جانب توفر بنية تحتية صناعية قوية مقارنة بعدد من الدول الأفريقية الأخرى، وهو ما يفتح الباب أمام استهداف السوق الأفريقي الواسع الذي يُعد من الأسواق الصاعدة والواعدة للصناعات المختلفة. على صعيد البنية التحتية، توسعت شبكة محطات شحن السيارات الكهربائية لتصل إلى 150 محطة موزعة على عدد من المحافظات، بدعم من الشراكة بين شركتي “حسن علام” و”إنفينيتي”، ومن المخطط مضاعفة هذا العدد بحلول نهاية عام 2026، وفقًا لتقديرات وزارة الكهرباء، بما يدعم منظومة التنقل الكهربائي ويشجع المواطنين على التحول نحو السيارات النظيفة. وتبقى الخطوة الأهم في هذا الملف هي نجاح مصر في جذب المزيد من شركات السيارات العملاقة إلى السوق المحلية، ما يطرح تساؤلا جوهريا: هل تنجح القاهرة في تحويل طموحاتها إلى واقع، وتصبح مركزا حقيقيا لصناعة السيارات الكهربائية في المنطقة؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.