الارشيف / منوعات / صحيفة الخليج

اختيار شريك الحياة.. خطوة مصيرية محفوفة بالمخاطر

تحقيق: مها عادل
مؤسسة الزواج من أهم المشروعات التي يسعى الشباب من الجنسين لتأسيسها في مرحلة من حياتهم، لكنه يتطلب الكثير من الجهد والبحث لاختيار الشريك المناسب، ويبقى السؤال: إلى أي حد يمكن الاعتماد على التقاليد المتوارثة في الاختيار، وما حجم تدخل الأهل في القرار، وهل «زواج الصالونات» الذي يتم بتدبير الأهل من الطرفين يمكن أن يظل صالحاً، أم هناك سبل أخرى يفضل الشباب اللجوء إليها؟، ليبقى الصراع بين العادات المتوارثة، وبين مستجدات العصر، ليكون اختيار شريك الحياة، خطوة مهمة محفوفة بالمخاطر.

تؤكد سهام الجمال، ربة بيت بالشارقة، (58 عاماً)، حرصها على ضرورة اتباع العادات والتقاليد المتوارثة عند اختيار شريك الحياة، وتقول: «الزواج خطوة محورية في حياة الإنسان، وعليها تتوقف سعادته أو تعاسته في باقي أيام عمره، لذلك لابد من التدقيق في الاختيار، وأعتقد أن العادات والتقاليد المتوارثة تمنحنا فرصة أكبر في التأكد من صحة الاختيار، لأنها طرق مجربة ونجحت في كثير من الأسر والعائلات».

وتتابع: «أنا أم لشاب وفتاة في مقتبل العمر، وأبحث حالياً لابني عن زوجة صالحة ومناسبة، ورغم أننا نعيش في منذ سنوات بعيداً عن وطننا ، إلا إنني أنوي بمجرد النزول في إجازة طويلة أن أبحث له عن زوجة تكون من أسرة تربطنا بها علاقة قرابة أو نسب، وحالياً أجمع البيانات وأجدد العلاقات مع أقاربنا الذين لم نلتق بهم منذ وقت طويل، فالزوجة الصالحة يجب أن تتوافق مع زوجها في المستوى الاجتماعي والثقافي، بحيث تكون عاداتها وتقاليدها وثقافتها تشبه أسرتنا، وما نشأ عليه ابني حتى لا تحدث مشاكل في المستقبل».

وتضيف، «علمتنا الخبرة والأيام أن أساس نجاح العلاقة الزوجية التوافق بين العروسين وبين عائلتيهما، لأن الزواج مؤسسة تجمع أسراً وعائلات، وينشأ فيها أطفال على تقاليد وعادات وثقافة مشتركة بين الزوجين، وليس ارتباطاً فردياً بين شخصين فقط، وبعد تحقيق ذلك، والسؤال عن سمعة الأسرة وأفرادها تأتي مرحلة التفاهم والتوافق بين العروسين».

وأشارت إلى، أن «الزواج بهذه الطريقة تزيد فرص نجاحه بكثير عن الزيجات الفاشلة التي تعتمد اختيار الشباب وحدهم من دون تدخل الأهل، لأنهم ينظرون فقط إلى لحظتهم الراهنة ويتعاملون بمشاعرهم، بينما الأهل ينظرون للمستقبل، ويتعاملون بعقولهم وبخبرة السنين التي شحذتها الكثير من التجارب، لذلك تكون لديهم معايير ومقاييس واعية تعين أبناءهم على اختيار شريك الحياة».

وتلتقط إمام، معلمة بدبي، (46 عاماً) خيط الحديث، لتختلف مع رأي سهام وتقول: «رغم أننا جميعاً تزوجنا وتعارفنا من خلال ترشيح المعارف والأهل، إلا أنني أرى هذا النمط من الاختيار لم يعد مقبولاً بالنسبة لكثير من الأبناء في سن الزواج، خصوصاً أن الفتيات أصبحن يحصلن على قدر كبير من التعليم وخبرة العمل والاحتكاك بالمجتمع، ما يؤهلهن لاختيار الشخص المناسب، ثم بعدها قد يأتي دور الأهل للاطمئنان على كفاءة هذا الاختيار، ولم يعد الأهل يمتلكون أدوات للضغط على الشباب وإقناعهم برأي معين، بل كل ما نمتلكه هو تقديم النصائح والتوجيهات وبأسلوب هادئ مع منح الأبناء حرية اتخاذ القرار، فالزواج قرار شخصي لا يمكن أن يتدخل فيه الأهل إلا في حدود النصح والإرشاد».

وتتابع، «هناك حالة واحدة فقط يجب على الأهل التدخل في البحث عن شريك الحياة لأبنائهم، وهو أن يطلب منهم الأبناء ذلك بأنفسهم، وهذا يحدث في حالات عديدة أعرفها وسط صديقاتي، حيث يطلب منهن أبناؤهن البحث عن عروس صالحة لأنهم يعرفون أن ظروف الحياة القاسية وضيق الوقت وصعوبة الاختيار تجعل الأهل أكثر قدرة على ترشيح العروس المناسبة لهم».

أما هادية البقلي، موظفة بدبي، (25 عاماً)، فتتحدث عن تجربتها قائلة: «أعتقد أن اختيار شريك الحياة هو قرار فردي وتوفيق من الخالق عز وجل، وهذا ما تعلمته من تجربتي الشخصية، فأنا فتاة مغربية قضيت سنوات حياتي مع أسرتي في الإمارات وسافرت للدراسة بالخارج في إحدى جامعات إسبانيا، وهناك قابلت شريك حياتي الذي هو زوجي الآن، ورغم أننا من جنسيتين عربيتين مختلفتين، لكن جمعتنا مقاعد الدراسة بالجامعة، ومجموعة الطلاب العرب والمسلمين».

وتابعت، «مع مرور السنوات تقاربنا في الآراء والأفكار، وقررنا الارتباط ونحن في السنة الثالثة بالجامعة، ورغم رفض أهلنا في البداية لصغر سننا وصعوبة التعارف بين الأسرتين لأن كل منهما تعيش في بلد مختلفة لكننا فكرنا خارج الصندوق ورتبنا لقاءات التعارف بين الأسرتين عبر زووم.. ورغم صعوبة ذلك لاختلاف اللهجات والعادات، إلا أننا نجحنا في تحقيق التوافق، حتى أن الخطبة وقراءة الفاتحة تمت بين العائلتين عن بعد، وتكررت اللقاءات حتى نجحنا في إتمام الزواج».

وتضيف، «رغم أن كل تفاصيل الزواج كانت غير تقليدية، إلا أن الحفلة كانت تقليدية في بلدي بالمغرب، بتفاصيلها التي نعتز بها خلال الحفل وسط الأهل، وحالياً نحن نكمل دراسة الماجستير معاً، ونتعاون في كل تفاصيل الحياة ومصروفات المعيشة ووضعنا لأنفسنا قواعد وعادات خاصة بأسرتنا الصغيرة، ولم نتقيد بعادات وتقاليد عائلاتنا، لأنها في كثير من الأحيان لا تصلح لنا ولظروفنا، فقد اتفقنا على شبكة بسيطة، ولم نؤسس بيتاً في بلادنا، بل اخترنا أن نرسم مشوار حياتنا حسب احتياجاتنا، وليس طبقاً لما تمليه علينا العادات والتقاليد، فنحن نعتز بموروثاتنا، لكننا نختار منها ما يناسب عصرنا واحتياجاتنا».

وتشاركنا بسنت إبراهيم، موظفة بعجمان، (30 عاماً) تجربتها في اختيار شريك الحياة، وتقول: «خضت أكثر من تجربة تعارف في مشواري للبحث عن شريك حياة قبل أن أقابل زوجي، ووالد أطفالي الذي أحمد الله على أن وفقنا لبعضنا، فمنذ تخرجي في الجامعة لجأت والدتي لترتيب لقاءات مع بعض الشباب من أبناء صديقاتها للتعارف والتواصل معهم لاختيار ما يناسبني، ورغم أن جميعهم كانوا يتمتعون بصفات ممتازة من ناحية الأخلاق والمستوى المادي والثقافي والعائلة، لكنني لم أشعر بارتياح مع أي منهم، وتوقفت عن حضور هذه اللقاءات المرتبة على أساس التوافق المادي والاجتماعي، ولكن لا يتوافر بها التوافق العاطفي أو الفكري».

وأوضحت، أن بعد مرور سنوات تعرفت على زميل جديد التحق بالعمل في الشركة التي تعمل بها، «وفي غضون أشهر قليلة اكتشفنا أن ميولنا متشابهة وأفكارنا تتلاقى في نقاط عديدة، ورغم أن أسرته تعيش في بلد آخر، ما جعل أسرتي تواجه صعوبة في السؤال والتحري عنهم كما تقتضي العادات، إلا أن تمسكنا ببعضنا كان سبب نجاح علاقتنا، لذلك أعتقد أن «النصيب غلاب»، وأن الخالق سبحانه وتعالى ييسر لنا الفرص للقاء نصفنا الآخر، لكن علينا الانتباه لهذه المنح واقتناصها، وأن الاختيار لا يجب أن يكون مهمة شاقة، وأعرف العديد من تجارب الأصدقاء الذين لجؤوا فيها لمواقع التعارف على شبكات الإنترنت بهدف البحث عن شريك الحياة، وهناك حالات زواج ناجحة ومستقرة نشأت من خلال هذه المواقع التي تقوم بدور الخاطبة بأسلوب حديث».

نصائح للشباب

تطرح د. رشا عبد الرحمن، رئيس قسم علم النفس بجامعة عجمان، مجموعة من النصائح للشباب، وتقول: «اختيار شريك الحياة ليس سهلاً، وقد يعتقد بعضهم أنهم نجحوا في العثور على الشخص المناسب، لكنهم في منتصف الرحلة يتفاجؤون بسوء اختيارهم، ويزداد الأمر صعوبة في المجتمعات متعددة الجنسيات، التي تفرض صعوبة في التقارب وفهم خلفيات ودوافع الطرف الآخر وصعوبة الوصول إلى معلومات أكثر عن أصل وجوهر الشريك المنتظر».

وأشارت إلى، أن رغم اختلاف الجنسية قد يحمل معه العديد من الاختلافات في الأنماط السلوكية، قد يمثل صعوبة أحياناً لتقبل الآخر، ولكن هناك العديد من الزيجات الناجحة بين جنسيات مختلفة التي تدحض هذه الفكرة، لذا أعتقد أن اختلاف جنسية الشريك قد يمثل صعوبة، ولكن إذا كان هناك قدر من التفاهم والوعي بين الطرفين يمكن أن تسير الأمور على أفضل حال.

وتتابع: «يجب أن ننتبه للعديد من النقاط الخاطئة التي قد تلعب دوراً سلبياً في اختيار شريك الحياة، ومنها: التسرع في اتخاذ القرار، فعندما يعتقد بعضهم أن قطار الزواج فاتهم، يتسرعون في الزواج رغبة في الإنجاب والتخلص من نظرات الآخرين لهم، والأسئلة المحرجة التي تطرح عليهم عن سبب تأخرهم عن الزواج».

وأوضحت، أن بعضهم عندما يشعر بالوحدة لفترة طويلة، فإنه يبحث عن أي شخص يساعده على التخلص من هذا الشعور، فيعتقد خطأً أنه وقع في حبه، ويتسرع في اتخاذ قرار الارتباط، ليتفاجأ بعد ذلك أن مشاعره خدعته، وأنه تسرع في اتخاذ القرار، وقد يؤدي ذلك لفشل العلاقة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا