منوعات / صحيفة الخليج

تداعيات تغير المناخ تحاصر الاخضرار في منطقة ليبية

يواظب امحمد معقاف على المجيء إلى مزرعته في ضواحي كاباو في أقصى الجبل الغربي في ، حيث يضرب الجفاف بشدة وتدفع تداعيات التغير المناخي السكان إلى النزوح مع ندرة المياه والأمطار.
كان الاخضرار منتشراً في منطقة شهاب في كاباو الواقعة على مسافة 200 كيلومتر جنوب غرب طرابلس، حتى سنين قريبة مع بساتين زيتون ولوز وغيرها من الأشجار المثمرة. إلا أن الوضع تغير تماماً اليوم، إذ يبست الأشجار جزئياً أو مات كلياً، فيما تزداد شدة الحر كثيراً مع أن موسم الصيف لم يحلّ بعد مع ما يرافقه من القصوى.
يقول المزارع امحمد معقاف، (65 عاماً) مرتدياً الزي الليبي التقليدي ومعتمراً قبعة، «كانت شهاب مروجاً خضراء حتى مطلع الألفية الجديدة، والجميع يحب القدوم لها، أما اليوم فصارت لا تطاق من شدة الجفاف».
وتفيد الأمم المتحدة بأن ليبيا هي إحدى أكثر دول العالم جفافاً، حيث الطلب على المياه أكبر بكثير من إمداداتها. وتثير الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، مخاوف استنفاد موارد المياه وتقلل الإنتاجية الزراعية.
ويصف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ليبيا، بأنها من «أكثر الدول التي تعاني ندرة المياه في العالم»، وهذه الندرة من «أكبر التهديدات الناشئة» التي تواجهها.
ورأى البرنامج أنه يتحتم على ليبيا اتخاذ تدابير استباقية ضد الجفاف والتصحر المتنامي، إذ يمكن لتطوير الاستراتيجيات الوطنية وتنفيذها، الحد من المخاطر والتكيف مع تغير المناخ.
يقطن منطقة الجبل الغربي على ارتفاع 968 متراً فوق سطح البحر نحو نصف مليون نسمة من أصل 7 ملايين عدد سكان ليبيا، وتعد المنطقة التي يسميها الأمازيغ «جبل نفوسه»، من المناطق التي تأثرت بوضوح بموجة الجفاف والتغيرات المناخية القاسية في السنوات الماضية.
ويقول مراد مخلوف، رئيس بلدية كاباو، إن التغير المناخي والجفاف المتصاعد في العقد الأخير، دفع المئات من العائلات إلى الهجرة إلى العاصمة طرابلس والمدن الساحلية.
ويتابع: «الجفاف لا يعني ندرة المياه فقط، بل لديه أبعاد مختلفة، لأنه مع انعدام وندرة هطول الأمطار توقفت الزراعة، لا يوجد زيتون ولا قمح ولا أي أصناف قابلة للزراعة في هذا المناخ القاسي».
ويرى سليمان محمد صاحب مزرعة ضربها الجفاف، أن تغير المناخ ربما يدفع يوماً ما إلى مغادرة جميع السكان، لأن الحياة بدون ماء تعني «الهلاك».
ويضيف سليمان: «كيف يمكن للسكان الصبر، وصل الأمر إلى بيع المربين الأغنام التي يملكونها، لأن تربيتها تحتاج إلى ضعف ثمنها في ظل شح الماء».
وكانت منطقة الجبل حتى سنوات قليلة، واحدة من أشهر مناطق تربية الماشية، لكن الجفاف دفع الكثير من المربين إلى بيعها أو نقلها إلى مدن قريبة من الساحل، للاستمرار في تربيتها.
ويقول امحمد معقاف، من أمام شجرة زيتون ضخمة تم قطعها حديثاً وهو يلامس جذعها بحزن وحسرة على محيّاه: «مع عدم وجود مياه جوفية وهطول أمطار، تعرضت آلاف من أشجار الزيتون للجفاف وماتت (..) هذه شجرة زيتون عمرها 200 سنة، قطعناها لهلاكها لنقص الماء».
ووفقاً لتقارير رسمية، شهدت ليبيا تراجعاً حاداً في كميات الأمطار التي كانت معدلاتها تصل إلى 400 ملم سنوياً.، بينما لا تتعدى الآن 200 مليمتر منذ عام 2019.
وفي محاولة لتخفيف العبء، بدأت السلطات المحلية بيع مياه مدعومة لقاء 25 ديناراً ّاً (قرابة خمسة دولارات) لكل 12 ألف لتر.
وتقوم صهاريج المياه بنقل الماء إلى أعلى الجبل في عملية مضنية، مع التضاريس الصعبة للطريق الضيق ومخاطر سقوطها من مرتفعات الجبل.
ويؤكد معقاف وسط ما تبقى من مزرعته: «أنا وبضعة أشخاص نأتي مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، نسقي الأشجار المتبقية ونحاول إنعاشها قبل موتها، ترك الكثير مزارعهم وهجروا البلدة، لأن المياه صارت أغلى من كل شيء».
وتعتمد ليبيا في توفير المياه على مشروع النهر الصناعي الذي أطلقه الرئيس السابق معمر القذافي في ثمانينات القرن الماضي، مع نقل المياه الجوفية من أقصى الجنوب الليبي.
ويوفر المشروع نحو 60% من المياه في ليبيا. لكن المياه تؤخذ من طبقات جوفية «غير متجددة» ولا يمكن إعادة تغذيتها بالمطر.
وصادق ليبيا التي تمثل الصحراء نحو 90 في المئة من مساحتها، على اتفاق باريس للمناخ في عام 2021، لكنها لم تقر السياسات أو خطط التكيف المطلوبة حتى الآن.
ويؤكد رئيس بلدية كاباو: «أزمة الجفاف ليست في الجبل فقط، بل تعانيها ليبيا بالكامل، وتحتاج إلى خطط إنعاش واسعة، ليست الحل النهائي، لكنها مقدمة للتكيف مع الأزمة».
ويختم قائلاً: «نأمل إطلاق مشروعات تنموية حقيقة واسعة في الجبل، للحد من الجفاف الذي تزداد وتيرته بشكل مقلق».

اقرأ المزيد

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا