منوعات / صحيفة الخليج

«بيفرلي هيلز كوب 4».. أكشن بلا دماء

مارلين سلوم

لم يعد نجوم هوليوود يهابون التقدم في العمر خوفاً من انحسار نجوميتهم وابتعاد المنتجين والمخرجين عنهم بحثاً عن الشباب والأجيال الجديدة فقط، بل لم يعد هناك محدودية في نوعية الأدوار التي تُعرض عليهم، حيث مالت هوليوود في السنوات الأخيرة لإحياء ماضي شخصياتها حباً في استغلال أعمال لاقت نجاحاً كبيراً قبل عشرات السنين، مثل عودة شخصية مافريك (توم كروز 62 عاماً) بنسخة جديدة من «توب غان»، وعودة المصارع روكي (سيلفستر ستالوني 78 عاماً) بفيلم عام 2015، وإحياء رامبو من جديد لستالوني أيضاً عام 2019.. أدوار وأفلام تحتاج إلى لياقة بدنية عالية وحركة رشيقة يلمسها المشاهد فعلياً حتى لو تدخلت التكنولوجيا الحديثة في خداعنا بلقطات بطولية وهمية، وهو ما نجح فيه توم كروز بينما فشل ستالوني، وينضم النجم إيدي مورفي (63 عاماً) لهؤلاء المحافظين على قدرتهم في إقناع الجمهور بعودته لاستكمال سلسلة «بيفرلي هيلز كوب» بجزء رابع ممتع على «نتفليكس».


بداية ظهور شخصية الشرطي والمحقق أكسيل فولي كانت عام 1984 بأول «بيفرلي هيلز»، وقتها لاقى نجاحاً كبيراً فظهر الجزء الثاني عام 1987 والثالث 1994، وغابت الشخصية والسلسلة طوال سنوات لتعود الآن بجزء رابع، وهنا لا نتحدث عن نفس فريق العمل منذ النسخة الأولى وحتى اليوم، بل تعدد المخرجون والمؤلفون، لكن إيدي ميرفي حافظ على نفس روح الفكاهة لديه، وقدرته على تقديم الكوميديا بلا افتعال، هذا الرجل الستيني والأب لعشرة أبناء أكبرهم 35 عاماً وأصغرهم 7 أعوام، مازال يحتفظ بخفة ظل اشتهر بها في أعماله، ولياقة ليست كلياقة توم كروز المهووس بالمغامرات والقفز في الهواء ومن المرتفعات، بل لياقة تجعله بطلاً يقنعك بخفة تنقلاته في أفلام الأكشن والمطاردات، وقد راعى مؤلفو الجزء الرابع ويل بيل وتوم جورميكان وكيفن إيتن هذا التقدم في السن والتطور في شخصية أكسيل فولي، فأصبح فولي أقل تهوراً وأكثر حكمة وحنكة، وابنته جاين (تايلور بايدج) بلغت الـ 35 عاماً وأصبحت محامية، وزملاؤه الذين كان يشكل معهم فريقاً في الشرطة، أصبح كل منهم في موقع مختلف، وسيحالون إلى التقاعد قريباً، ويقول فولي إنه يحمل خبرة 30 عاماً في هذه المهنة وهي جملة الهدف منها تذكير الجمهور بماضي الشخصية وتقريب القصة من الواقع وكأن أكسيل فولي أكمل حياته بتسلسل منطقي وقد انفصل عن زوجته وأبعدها وابنتهما جاين عنه ونقل إقامته من بيفرلي هيلز إلى ديترويت كي يحميهما من التهديدات التي تعرضا لها خلال عمله.
المخرج مارك مولوي يجعل من الصورة جزءاً من الحكاية، ففي بعض المشاهد يجعلك تفهم الرسالة بلا حوار ولا كلام، مثل مقدم الفيلم حيث يتجول أكسيل فولي بسيارته في شوارع ديترويت وهو في طريقه لمشاهدة مباراة هوكي، تتنقل الكاميرا بين فولي والناس في الشوارع، هو المبتسم دائماً يحييهم ويبدو واضحاً أنه يعرف الجميع، لكنك تقرأ من المشهد طبيعة الناس والحياة في ديترويت والتي تختلف تماماً عن طبيعة الناس ومستوياتهم وتصرفاتهم وطريقة عيشهم في بيفرلي هيلز التي سينتقل إليها لاحقاً فولي، حيث يعيد المخرج تصوير جولته في شوارع بيفرلي هيلز بنفس الأسلوب فنرى أصنافاً من البشر وتنوع أنشطتهم الحياتية هناك.


طبعاً المخرج مولوي يقدم أكشن غير دموي، فيلم بوليسي خفيف الظل، يقدم لك الحركة ويزينها بنكتة؛ المطاردات كثيرة خصوصاً في الشوارع حيث يتم تدمير أعداد هائلة من السيارات، وإطلاق نار وقتال بين الشرطة والعصابة كما عهدناه في معظم الأفلام الأمريكية، لكن الصورة غير منفّرة أي أنك لن تشمئز من مشاهد الدماء والتشوهات في كل مكان كما يحب بعض المخرجين إبرازه لتحويل الأكشن من صورة تنقل الحركة وتحمل إليك روحها وتفهم مضمونها ونتائجها، إلى صورة ترغمك على الإحساس بكمّ العنف والإجرام والتشوهات فتشمئز من المتابعة.
القصة هذه المرة نحسبها تبدأ في ديترويت حيث يعيش أكسيل فولي وتنطلق الأحداث من جولته في الشوارع ووصوله إلى مدرّج الهوكي ومحادثته مع زميله المحقق مايك (كايل إس مور) وقدرته الخارقة بفضل حسه البوليسي العالي في الكشف عن عملية سرقة كبيرة تحصل في كواليس المبارة وأثناء انشغال الناس بمتابعتها.. ونعيش مع مطاردات فولي واحتياله على رئيس شرطة ديترويت الذي أوقفه عن العمل فخالف أوامره وذهب لإفشال عملية السرقة دافعاً بزميله مايك إلى واجهة عملية المطاردة.. لكننا نكتشف أن هذه المقدمة تمهد لعملية أكبر وأحداث أوسع في بيفرلي هيلز حيث تعيش ابنته وتحاول الدفاع عن شاب متهم بقتل شرطي، فإذا بملثمين يهاجمونها أثناء دخولها بسيارتها في المرآب، ويدفعونها خارج المبنى فتبقى معلقة بسيارتها في الهواء.. تهديد يجبر المحقق والزميل ورفيق درب أكسيل فولي، بيلي روزوود (دجادج رينهولد) على الاتصال بفولي واستدعائه ليأتي من أجل مساعدة ابنه، لأن بيلي هو من حثها على العمل على هذه القضية والدفاع عن المتهم البريء. يسرع فولي إلى هناك وهو يعلم أن ابنته ترفض التحدث إليه وبينهما قطيعة عمرها سنوات، ونتوقع طبعاً -كعادة الأفلام الأمريكية- أن تتم المصارحة بينهما لاحقاً وحلحلة المشاكل، أزمة كبرى تذيب جليد سنوات وتعيد تأجيج العواطف بين الأب وابنته.
عودة أكسيل إلى بيفرلي هيلز وتحديداً مركز الشرطة الذي عاش فيه سنوات طويلة، لا بد أن تخلق بلبلة، جون تاغارت (جون أشتون) يتعاون مع صديقه فولي، والمحقق الشاب بوبي أبوت جوزيف جورن ليفيت) ينضم إلى الفريق، ويكتشف بالصدفة أن فولي هو والد حبيبته السابقة جاين.. مطاردات وتشويق عالٍ وخفايا يتم الكشف عنها تدريجياً، ويلعب الكابتن كايد غرانت (كيفن بايكون) دوراً مهماً في هذه القضية، ويقلب المعادلة رأساً على عقب.
إيدي ميرفي كما قلنا سابقاً ما زال بطلاً أول في أعماله، تشعر بأنه يتحمل مسؤولية كل أعماله، ويمكن القول إنه «دينامو العمل»، ورغم تقدمه في السنّ لكنه يحتفظ بقدرته على جذب الجمهور؛ بجانبه يشكل الممثلون بول ريزر وجون أشتون دجادج رينهولد فريقاً متناغماً، ولعل من مميزات هذا الفيلم أنه يقدمهم في سن التقاعد من المهنة، تضحك في مشاهد يتعمد المخرج أن تراهم فيها وقد كبروا خصوصاً شخصيات تاغارت وروزوود وفريدمان، يقاتلون بجانب فولي بهمّة الرجال الذين فقدوا جزءاً من حيويتهم.. ومن المشاهد القتالية الكوميدية مشهد تحليق فولي والمحقق أبوت بطائرة الهليكوبتر التي لم ترتفع سوى قليلاً وتراقصت في الهواء بشكل كوميدي يثير ضحكات الجمهور.
«بيفرلي هيلز كوب 4» والذي أطلقوا عليه أيضاً اسم بطله «أكسيل إف»، ينجح في تقديم أكشن كوميدي يبتعد عن العنف والمبالغات سواء في الهزل أو في القتال، ويعتمد على الوسائل القتالية العادية من أسلحة خفيفة وفردية وحتى بنادق صيد، ويخلو من كل الفانتازيا والخيال العلمي وتدخلات التكنولوجيا التي تنقلنا إلى عالم افتراضي بعيد عن الأرض وعن الواقع.

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا