د. مايا الهواري
الإنسان اجتماعيّ بطبعه لا يستطيع العيش منفرداً عن أبناء جنسه، يتعايش معهم ويشاركهم أفراحه وأحزانه وعاداته وتقاليده، كما يوسّع دائرة علاقاته، فالفرد أولاً يكون طفلاً صغيراً ضمن أسرته، ثم يكبر ليدخل المدرسة ويكوّن أصدقاء ومن ثمّ تتوسّع هذه الدّائرة وتتعقّد وتتشابك لإطار الحيّ والعمل وغيرها، هذه العلاقات يجب أن تُبنى على الصّدق الدّاخليّ والاستقرار النّفسيّ السّويّ، وأن تكون شخصيّة صاحبها متوازنة، فلا يبدأ بمقارنتها مع الآخرين حتّى لا يعمل النّزاع الدّاخليّ عمله فيزعزع ثقته بنفسه ليرى الآخرين أفضل منه، كما يتسلّل الحقد لأفكاره وتتحرّك بالتّالي السّلبيّة بأنّ الآخرين يفضّلون غيره، وأنّ أصدقاءه يرغبون بالابتعاد عنه، مفضّلين أشخاصاً آخرين عليه، فيبدأ بتأليف الأكاذيب على هؤلاء الأشخاص، ويتخيّل أموراً لم تحدث فيشكّ بأحدهم سوءاً، ويعمل جاهداً لإبعاده عن مجموعة الأصدقاء، ويأخذ مكانه بينهم ظنّاً منه أنّ هذا الصّديق محبوب لدى الجميع أكثر منه، هذه الأفكار السّلبيّة وعدم الثّقة بالنّفس تؤدّي بالشّخص للهلاك النّفسيّ وابتعاد الآخرين عنه، وما عليه إلّا أن ينمّي ثقته بذاته ويرسّخ داخله أنّه شخص ناجح في حياته ومحبوب لدى الآخرين، فليس من الضّروري أن يحبّه الجميع وهذا أمر طبيعيّ، ويجب ألّا يغضب من ذلك ويدرك مفهوماً معيّناً وهو من أرادني تعامل معي ورغب بصحبتي، ومن عدا ذلك ابتعد واختار غيره فلا يسعى جاهداً لكسب ودّه، بل المهم أن يراقب نفسه أمام ربّ العباد، ولا يخطئ بحقّ أحدهم ولا يظلمهم، بل ويعمل على ضبط وتعويد لسانه على الأذكار والقرآن، وأن يحسّن أداء الصّلاة بأوقاتها، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر.
نستنتج ممّا سبق أن الإنسان يجب أن يبني علاقات صحيحة مع الآخرين، وهذه العلاقات لا تكون صحيحة إلّا إذا كان سليماً داخلياً بأفكاره وترجمها لتصرّفات سليمة، فالإنسان مرآة نفسه يحوّل أفكاره الدّاخلية لأفعال خارجيّة، فمن كانت أفكاره جيدة كانت تصرّفاته كذلك والعكس بالعكس، لذا قبل أن يوسّع المرء دائرة علاقاته لا بدّ أن ينظّف أفكاره ويجعلها إيجابيّة لتدوم مع الآخرين بشكل قويم، فالحياة علاقات.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.