يكتب في ذكرى 15 عاما على تولي فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر
الحمد لله الذي قيّض للأمة علماء ربانيين يضيئون دربها بالعلم والحكمة، وجعلهم حصنًا منيعًا للدين، وحملةً لراية الوسطية والاعتدال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
خمسة عشر عامًا مضت منذ تولي فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر الشريف، وهي خمسة عشر عامًا من العطاء المستمر، والجهود الحثيثة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتعزيز قيم السلام والتسامح، وحمل هموم الأمة والدفاع عن قضاياها العادلة. وفي هذه المناسبة المباركة، تتشرف وزارة الأوقاف بأن تتقدم بأسمى آيات التقدير والإجلال لفضيلته، اعترافًا بدوره الرائد ومكانته السامية، وتقديرًا لما قدمه من جهود خالدة ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأزهر والأمة الإسلامية.
لقد شهد الأزهر الشريف تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر نهضة متكاملة امتدت إلى كل المجالات، فحرص على تطوير منظومة التعليم الأزهري، فجعلها تواكب العصر دون أن تحيد عن ثوابتها الراسخة، وسعى إلى الارتقاء بالمناهج العلمية، وتعزيز دور البحث العلمي، وربط العلوم الشرعية بالقضايا المعاصرة، حتى يبقى الأزهر الشريف نبراسًا علميًّا يهدي البشرية إلى صراطٍ مستقيم.
وفي مجال إعداد الدعاة وتأهيل الأئمة، لم يدخر فضيلته جهدًا في تزويدهم بأحدث العلوم والمعارف، عبر برامج تدريبية مكثفة داخل مصر وخارجها، ليكونوا قادرين على التصدي للأفكار الهدامة، ونشر خطاب ديني مستنير، يُعلي من قيم التعايش السلمي، ويفند مزاعم الغلو والتطرف. أما على الصعيد الإنساني والإغاثي، فقد كان لفضيلة الإمام الأكبر مواقف مشرفة تجسد رسالة الأزهر في نصرة المظلومين والمستضعفين، إذ أطلق حملات إغاثية شاملة لدعم اللاجئين والمنكوبين في فلسطين وسوريا واليمن وميانمار وغيرها من المناطق التي عانت من الحروب والصراعات، مقدمًا المساعدات العاجلة، ورافعًا صوته عاليًا في المحافل الدولية لنصرة المقهورين وإغاثة الملهوفين، ولم تكن مواقفه مجرد بيانات أو تصريحات، بل كانت خطوات عملية، تمثلت في دعم مباشر لمشاريع الإغاثة، ورعاية للأسر المتضررة، وتقديم المساندة الإنسانية دون تمييز.
وفي رحلاته الخارجية، كان صوت الأزهر حاضرًا في المحافل الدولية، فقد حمل الإمام الأكبر قضايا الأمة إلى كل مكان، وانبرى مدافعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، محذرًا من محاولات تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومؤكدًا أن القدس ستظل عربية إسلامية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وفي سبيل ذلك، جاب الدنيا شرقًا وغربًا مبشرًا برسالة السلام وحاملاً رسالة الأزهر السمحة إلى العالمين.
كما نهض فضيلته بدور بارز في مكافحة ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين، فكان خطابه واضحًا في تفنيد المزاعم التي تربط الإسلام بالعنف والتطرف، وخاطب قادة العالم بلغتهم، مفندًا الاتهامات الباطلة، ومقدمًا الصورة الحقيقية للإسلام كدين رحمة وسلام، مستشهدًا بمواقف نبوية وإنسانية خالدة تؤكد أن الإسلام جاء ليقيم العدل ويحفظ الكرامة الإنسانية.
وفي الداخل، لم يتوانَ فضيلة الإمام الأكبر عن تعزيز الوحدة الوطنية، فكان الأزهر دائمًا حصنًا منيعًا في وجه دعاوى الفُرقة والانقسام، داعيًا إلى التماسك المجتمعي، ومؤكدًا أن قوة الأوطان تكمن في تنوعها، وأن الإسلام يحض على التآخي والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد، بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون.
وللأزهر في عهد فضيلته دور فاعل في مواجهة التطرف الفكري، وتجلى ذلك في جهود جبارة من بينها إطلاق العديد من المبادرات الفكرية والثقافية التي تصدت للفكر المنحرف، وواجهت خطاب الكراهية بالحجة والبرهان، مقدمةً خطابًا دينيًّا يقوم على العلم والتحليل الموضوعي، بعيدًا عن الجمود أو التعصب.
وفي المجال الاجتماعي والتنموي، حرص فضيلة الإمام الأكبر على أن يكون للأزهر دور بارز في دعم الفئات الأكثر احتياجًا، فوجه بإطلاق العديد من المبادرات الخيرية، مثل دعم القرى الفقيرة، وتوفير منح تعليمية للطلاب غير القادرين، والمساهمة في علاج المرضى، إيمانًا بأن رسالة الأزهر لا تقتصر على التعليم والدعوة، بل تمتد إلى خدمة المجتمع والمساهمة في تنميته.
إن مسيرة الإمام الأكبر خلال هذه السنوات الخمس عشرة كانت نموذجًا يُحتذى في القيادة الدينية الرشيدة، ذلك بأنه جمع بين الأصالة والمعاصرة، وأثبت أن الأزهر قادر على التجدد والانطلاق في كل عصر، دون أن يتخلى عن ثوابته أو يفرط في مبادئه، أو يحيد عن منهجه الراسخ القويم.
وفي هذه الذكرى العطرة، تتقدم وزارة الأوقاف بأسمى آيات التقدير والإجلال إلى فضيلة الإمام الأكبر، سائلين المولى عز وجل أن يبارك جهوده، ويجزيه خير الجزاء على ما قدم، وأن يحفظه ذخرًا للأمة الإسلامية، ليظل الأزهر الشريف قلعةً للوسطية، ومنارةً للعلم، وحصنًا منيعًا في وجه التحديات.
حفظ الله الإمام الأكبر، وأدام الأزهر الشريف شامخًا، ووفقنا جميعًا لخدمة ديننا وأوطاننا بكل صدق وإخلاص.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الصباح العربي ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الصباح العربي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.