مارلين سلوم
نجح رامي مالك في إثبات موهبته واخترق كل المحظورات وحواجز التمييز العنصري التي يتعرض لها أي عربي يعيش ويعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وصار اسمه وحضوره كافيين كي يتحمس الجمهور لمشاهدة أي عمل يقدمه ويتصدر أسماء أبطاله، فمنذ أن نال جائزة الأوسكار عام 2019 عن «بوهيميان رابسودي»، وكان أول مصري بل وأول عربي ينال «أوسكار» أفضل ممثل دور أول في فيلم أمريكي طويل، ونال سمعة وشهرة كبيرتين لبطولته مسلسل مستر روبوت (2015 حتى 2019)، ومنذ ذلك الوقت ورامي (المصري الأمريكي) يجيد اختيار أعماله، ولعل الفيلم المعروض في الصالات «ذا أماتور» أو «الهاوي» أقلها قوة وتميزاً، رغم امتلاكه كل مفاتيح النجاح والمؤهلات التي كان من المفترض أن تجعله من أهم أفلام الجاسوسية والجريمة الحديثة.
فيلم «ذا أماتور» مقتبس من رواية روبرت ليتل التي تحمل الاسم نفسه الصادرة عام 1981، وحولها إلى فيلم في نفس العام روبرت ليتل وديانا مادوكس وتولى إخراج الفيلم تشارلز جاروت، وكان من بطولة جون سافاج، كريستوفر بلامر ومارث كيلر، ومع فارق الوقت والزمن وبفضل تطور التقنيات في السينما، يعتبر الفيلم الحالي أقوى من السابق، علماً أن لمسات كين نولان وغاري سبينيلي في كتابة السيناريو والحوار، وجيمس هاويس في الإخراج لم تجعل الفيلم الحديث مواكباً أو منافساً قوياً لنفس نوعية أفلام الجاسوسية والجريمة والمطاردات، لاسيما تلك التي تعتمد قصصاً دافعها الأول ومحركها الأساسي عاطفي رومانسي عائلي، حيث التيمة المعروفة انتقام الزوج لمقتل زوجته، الضحية البريئة التي تدفع ثمن عمل زوجها في جهاز أمني أو شرطي أو مخابراتي.. ما يحوّل الزوج إلى مقاتل أو قاتل شرس يبحث طوال الوقت عن قاتل حبيبته ليقتص منه.
الغضب يعمي البطل عن أي شيء غير الرغبة في الانتقام، والبطل تشارلي هيلر (رامي مالك) يعيش نفس التجربة لكنه هذه المرة لا يملك بطبيعة عمله كباحث في قسم فك التشفير والتحليل في مركز جورج بوش للمخابرات التابع لجهاز «سي آي إيه»، القدرة البدنية على الدفاع عن النفس وهو غير مدرب على القتال وإطلاق النار، لذلك يعتبر اختيار رامي مالك للقيام بدور هيلر ملائماً جداً من حيث الشكل، فهو يبدو رجل فكر وعبقري تحليل بيانات في وكالة المخابرات المركزية، يجيد التعامل مع الأرقام والشيفرة وأجهزة الكمبيوتر، نحيل انطوائي يرتدي بذلة رسمية ويحمل حقيبة الظهر كأنه طالب، على عكس زملائه العاملين في جهاز المخابرات، فبينما يبدو تشارلي نحيفاً ومتوتراً وهادئاً في نفس الوقت وقليل الكلام، فإن مدير وكالة المخابرات المركزية مور (هولت مكالاني) ضخم ويبدو أمام هيلر كأنه جدار من الطوب البشري، بملامح قاسية ونبرة صوت منخفضة خالية من أي مشاعر حتى لحظة تقديمه التعازي لهيلر في وفاة زوجته.
تفاصيل صغيرة
يبدأ المخرج جيمس هاويس الفيلم بتقديم تشارلي هيلر في منزله، زوجته ساره (ريتشل بروسنان) تستعد للسفر من أجل المشاركة في مؤتمر في لندن، يُظهر لنا المخرج شدة حبهما لبعضهما من خلال تفاصيل صغيرة، هو يساعدها في إعداد حقيبتها ثم يجهز لها قهوتها المفضلة فتقول له «لا أعرف كيف سأقضي العشرة أيام من دون قهوتك»، تطلب منه مرافقتها ولو لمرة في سفرها، فيعدها بأن يفعل ذلك المرة المقبلة، ثم تصل سيارة الأجرة لنراها مغادرة وهيلر يرافقها ماشياً بجانب نافذة السيارة إلى أن تنطلق بعيداً ويعود هو إلى سيارته وعمله في قسم فك التشفير والتحليل، حيث يكتشف عن طريق الصدفة ملفاً شديد السرية تم إخفاؤه، ليخرجه ويعرف أنه يتعلق بعملية هجوم بطائرة «درون» أودت بحياة 116 شخصاً، قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وزعمت أنها عملية تفجير قام بها انتحاري لتوهم العالم بأشياء غير حقيقية، معلومة يبقيها سرية لأنها تشكل خطراً عليه، لكنه يعرف كيف يستغلها لاحقاً.
مور نائب مدير وكالة المخابرات المركزية يأخذ هيلر للتحدث إلى رئيسة الوكالة أوبراين (جوليان نيكلسون)، فيشعر هيلر بقلق من أن يكونا على علم باكتشافه تلك المعلومات السرية، لكنه يعيش الصدمة الكبرى حين يبلغاه أن هجوماً قام به مسلحون على مكان إقامة المؤتمر في لندن احتجزوا فيه رهائن وقتلوا اثنين من بينهما زوجته سارة، رد فعل هيلر يبدو بارداً، لم نشعر بعمق حزن الزوج رغم شدة حبه لزوجته وتعلقه بها، لم نفهم لماذا أراد المخرج أن تبدو ملامح هيلر أكثر صمتاً مما هو متوقع؟ لم تصلنا مشاعر الزوج المكلوم بشكل يمكننا من التعاطف معه سوى في لقطة صغيرة حين وصل جثمانها مغلفاً بكرتون وكأنه بضاعة مستوردة تخرج من الطائرة، واستلامه أغراضها الشخصية التي وجد فيها هدية كانت اشترتها له وضعت معها بطاقة باسمه كتبت فيها أنها اشترت له لعبة أحجية صعبة. يطلب هيلر من رؤسائه مساعدته في معرفة هوية القتلة، وبسبب تباطؤهم في التحقيقات يقرر أن يبتزهم بالمعلومات السرية التي يعرفها، بمن فيهم مور، ويطلب منهم تسليمه المعلومات الاستخباراتية وكل ما يعرفونه عن مجموعة الخاطفين وتدريبه على القتال من أجل الدفاع عن نفسه إذا تعرض لمطاردات وهجوم، وكلف روبرت هندرسون (لورانس فيشبورن) القيام بالمهمة.
عنصر شغب
هيلر يتحول إلى متمرد يطارد المتهمين وينفذ الحكم فيهم بنفسه، ما يعني طبعاً أنه تحوّل إلى هدف وعنصر شغب يزعج جهاز المخابرات وعليهم مطاردته والتخلص منه.. كل تلك النوعية من الأفلام تجعل البطل ضحية بحثه عن الحق والعدالة، ويصبح مطارداً من أعدائه ومن زملائه ورؤسائه، فيتحول الفيلم إلى مجموعة مشاهد أكشن ومطاردات، هنا يمكن القول بأن الميزة في عمليات المطاردة هذه أن هيلر يستخدم فيها حل الألغاز وذكاءه في التفكير والتخطيط لكيفية الوصول إلى كل شخص من هؤلاء المجرمين، وكيفية تهديده والتخلص منه بطرق مبتكرة وغير متوقعة، الوسائل التي يستخدمها أكثر إثارة من عمليات المطاردة في الفيلم.
شخصيات مساندة
«ذا أماتور» يتمايل بين الجاسوسية والبوليسية، فلا يتألق بالأول ولا يبهرنا بالثاني، تنقصه جرأة أكبر في الغوص في التحليل واتباع خيوط الألغاز على طريقة «شارلوك هولمز» مثلاً، ويحتاج إلى المزيد في الإتقان والإبهار في إخراج المطاردات وعمليات التفجير والتشويق في كيفية تعامل البطل للانتقام من قاتلي زوجته، لذا يتحمل المخرج والكاتبان مسؤولية ضعف الحبكة وعدم إبراز كل قدرات رامي مالك في تجسيد دور العبقري والقاتل السري، وهو ما يلمسه المشاهد من خلال أداء مالك وكأنه مقيّد بينما هو يملك الكثير ليقدمه، في حين تبدو الشخصيات الأخرى مساندة ليس أكثر، وحضور ريتشل بروسنان مميز وكانت تستحق مساحة أكبر.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.