القاهرة: «الخليج»
تطل «طابية الدراويش» على قرية باريس بالواحات الخارجة في مصر، من فوق ربوة عالية، لتروي للزائرين عبر أطلالها المتناثرة، حكايات من تاريخ الصحراء وكيف شيد أهالي تلك القرى البعيدة طوابيهم وقلاعهم العتيقة، لصد هجمات الغزاة الجنوبيين وبربر الصحراء الكبرى من الغرب.
تروي أطلال الطابية العتيقة، وقائع تلك المعركة المدهشة التي دارت مطلع القرن الماضي بين أهالي واحة باريس والعصابات المسلحة التي هاجمت القرية ونجحت في اختطاف أعيان الواحة واتخاذهم أسري، لحين إعلان ولائهم لجيش الدراويش بقيادة المهدي في السودان، قبل أن تتدخل فرقة من الجيش المصري لتحريرهم وإعادتهم إلى قراهم بعد أسابيع في الأسر.
ويطلق أهالي واحة باريس على الطابية اسم «طابية الدراويش»، نسبة إلى دراويش السودان الذين كانوا يغيرون بين الحين والآخر على أهل الواحة، ليسلبوا خيراتها، حيث اتخذ الدراويش من تلك الطابية التي شيدها الحاكم العسكري المصري اليوزباشي خليل حمدي أفندي، قومندان واحة باريس مطلع القرن الماضي، مركزاً لانطلاق حملات النهب والسرقة، مستغلين في ذلك موقع الطابية الاستراتيجي، حيث شيدت أعلى مسقط مربع من أسفل، يضيق كلما اتجهنا إلى أعلى ويصل ارتفاعها إلى حوالي 10 أمتار، فيما تبلغ إجمالي مساحتها نحو 48 متراً مربعاً.
استخدمت الطابية كمركز استراتيجي لقوات «الدراويش» في غاراتهم التي كانوا ينفذونها على الواحات المصرية نهايات القرن الثامن عشر، مستغلين في ذلك بناء الطابية الذي يرتكز على مصطبتين من الطوب، يبلغ ارتفاع السفلى منها 50 متراً وقد يمكن الوصول إلى مدخل الطابية من خلال درجي سلم، لكل منهما درجتين وقد استخدمت الأعتاب الخشبية من أخشاب الجريد المحمولة على جذوع النخيل وأفلاق الدوم في تسقيف الطابية، ما كان له أسوأ الأثر على المبنى مع مرور الزمن، حيث التهمت حشرة النمل الأبيض «القرضة» تلك الأسقف، وتركتها عارية للأمطار الغزيرة التي كانت تسقط على الواحة، فحولتها إلى أثر بعد عين.
وتشير الآثار المتناثرة من مبني الطابية، إلى ما لحق بها من بعض التحسينات في عصور سابقة، حيث تم إلحاق عدد من الوحدات المعمارية بالطابية من الخارج، تضمنت حجرتين مستطيلتين واحدة منهما وهي الأكبر في المساحة، متاخمة للقطاع الشمالي الغربي من الواجهة الشمالية للطابية، بينما تقع الحجرة الأخرى متاخمة للقطاع الشمالي الغربي للواجهة الغربية للطابية والغرفتان مسقوفتان بأشجار الدوم وعيدان وسعف النخيل وقد كانت هذه الملحقات تستخدم كمستودع للأسلحة أو كثكنات لجنود الطابية.
وتُعد الطابية هي الوحيدة الناجية من بين ست طوابي شيدت في تلك المنطقة لصد الغزاة وقد تميزت دون غيرها بوجود عين للمياه الصالحة للشرب، إلى جانب موقعها الاستراتيجي الكبير، الذي جعلها تصمد على مر السنين، قبل أن تحولها حشرة القرضة إلى أطلال.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.