يطل مسجد «المؤيد شيخ» على شارع المعز لدين الله، أحد أقدم وأشهر شوارع القاهرة التاريخية، في عظمة تليق بتاريخه العريق.
ويُعد المسجد المتميز بقبته الضخمة التي تضم قبر السلطان المؤيد وأبنائه، ومئذنتيه الشاهقتين اللتين ترتفع كل واحدة منهما لثلاثة طوابق، واحداً من أبرز التحف المعمارية الإسلامية التي لا تزال شاهدة على عظمة العمارة المملوكية في قلب القاهرة الفاطمية.
يرجع تاريخ إنشاء المسجد العتيق إلى عصر السلطان المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي، أحد سلاطين الدولة المملوكية الشركسية. وحضر السلطان المؤيد أبو النصر إلى مصر، وهو لا يزال طفلاً في الثانية عشرة من عمره، إذ جُلب كعبد مملوك، فتولى تربيته السلطان الظاهر برقوق الذي لاحظ نبوغه وذكاءه، وكان ذلك سبباً في التحاقه بالحرس المملوكي، ليصبح قائداً لمجموعة تضم نحو ألف جندي.
وتدرج المؤيد أبو النصر في المواقع حتى تولى الحكم في مصر في 1412ميلادية، بعد مقتل السلطان الناصر فرج بن برقوق، فتميزت فترة حكمه بالاستقرار والاهتمام برفاهية الرعية، إذ كان معروفاً بحبه للخير، كما أنه تمتع بشخصية قوية وحازمة ومحبة للعلم والعلماء، وحرص علـــــــــى أن يشجعهم ويحضر مجالسهم ويقربهم إليه.
وكان المؤيد في الوقت نفسه محباً للفقراء، يحسن إليهم ويهتم بالإصلاحات وإقامة العمائر، يحب الفنون والموسيقى وينظم الشعر، لكنه، على ذلك، كان عنيداً حاد الطبع سريع الغضب والتقلب.
عانت مصر خلال فترة حكم المؤيد سلسلة من الاضطرابات والمؤامرات، أدت الى تدهور الأوضاع الاقتصادية، فما كان منه إلا أن جمع العملات الذهبية حتى تنخفض أسعار الذهب والفضة إلى ما كانت عليه في أيام الملك الظاهر برقوق. ونجح المؤيد في محاولته، فتحسنت الحالة الاقتصادية وبدأت الأسعار في الهبوط حتى نهاية حكمه.
وعلى رغم قصر الفترة التي قضاها السلطان المؤيد في الحكم، وما اشتملت عليه من فتن واضطرابات، فإن ذلك لم يصرفه عن الاهتمام بأعمال التشييد والإصلاح للعمائر الدينية والمدنية، فبنى ذلك الجامع الذي يحمل اسمه، وألحق به مدرسة لعلوم الدين والتفسير والحديث وفقه المذاهب الأربعة، إلى جانب خانقاه للصوفية بجهة الخروبية بالجيزة، وألحق بها مساكن لسكنى شيوخ الصوفية وطلبته.
وظل مسجد المؤيد ومدرسته من أعظم العمائر التي قام على بنائها، اذ يقول المقريزي في وصف الأول إنه «الجامع لمحاسن البنيان والشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، إن منشئه سيد ملوك الزمان».
أنشئ جامع المؤيد على أطلال السجن الذي حبسه فيه الملك الناصر فرج بن برقوق، بعدما اتهمه بالتآمر عليه. ونذر المؤيد أن يهدم هذا السجن، وأن يقيم مكانه جامعاً ومدرسة إذا منّ الله عليه بنعمة الحرية.
ووفى السلطان بنذره بعد خروجه من السجن وتوليه الحكم، فأمر بهدم السجن، وضم إليه بعض الاراضي المجاورة، وأقام مكانه جامعه الذي يتميز بموقعه الفريد، إذ يطل على شارع المعز في حده الجنوبي الشرقي، وحارة الأشرقية التي كانت تؤدي إلى باب الفرج عند الحد الشمالي الشرقي، وقد كان حده الشمالي الغربي يطل على حمام وميضأة ومساكن الطلبة، فيما يطل الجنوبي الغربي على شارع تحت الربع، بالقرب من باب زويلة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.