منوعات / صحيفة الخليج

منتزه مليحة الوطني.. نافذة على مسار البشرية في شبه الجزيرة العربية

يقدّم منتزه مليحة الوطني تجربة فريدة تجمع بين المعرفة والاستكشاف، فمن أدوات العصر الحجري إلى مدافن ما قبل الإسلام، ومن البحث الأكاديمي إلى ورش الأطفال، يفتح المنتزه أمام الزوار نافذة على مسار البشرية في شبه الجزيرة العربية، ويمنحهم فرصة للتفاعل المباشر مع شواهد تاريخية تعود إلى أكثر من 210 آلاف عام، في موقع يُعد من أبرز مراكز التراث الطبيعي والثقافي في المنطقة.


ويوفر المنتزه مجموعة من التجارب التعليميّة المصممة لإحياء التراث والتاريخ القديم، مشكلاً وجهة مثلى للمهتمين بتعزيز معارفهم التاريخية، سواء من العائلات والأفراد أو الأكاديميين والطلاب أو عشاق الثقافة، حيث يتيح لهم فرصة الاقتراب من التاريخ.


بدأت أعمال التنقيبات الأثرية في منطقة مليحة في عام 1973، بالتعاون مع نخبة من علماء الآثار من جميع أنحاء العالم، وأعلنت هيئة الشارقة للآثار عن اكتشافات مهمة، منها أدوات حجرية من «جبل الفاية» توثق الهجرات البشرية المبكرة، ومقبرة «أم النار» وعمرها 4500 عام، ولا تزال محفوظة تحت المركز الأثري في المنتزه، وتشكل دليلاً علمياً على مملكة قديمة ازدهرت من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي، وجاء ذكرها في النصوص اليونانية والرومانية القديمة.


وتضم أكثر الاكتشافات أهمية الموقع الوحيد المعروف لدفن الخيل والجمال في شبه الجزيرة العربية، في شهادة على أهمية الممارسات الثقافية الفريدة التي شهدها هذا الموقع في الماضي، كما تشهد الجرار المتوسطية والعملات المحلية التي تم سكها على غرار عملات الإسكندر الأكبر وعملات الإمبراطورية السلوقية التي جاءت بعده، والنقوش العربية الجنوبية، على دور مليحة كمركز عالمي قديم.


ومن خلال شراكة مؤسسية بين «شروق» وهيئة الشارقة للآثار، تم تطوير بنية تحتية مستدامة تتيح تجربة عالمية المستوى للزوار، مع الحفاظ على الأمانة العلمية والبيئية للموقع.


وانسجاماً مع رسالة المنتزه في التعليم والتوعية، يتيح مركز مليحة للآثار للزوار فرصة التعرف الى قطع أثرية أصيلة، تتضمن رؤوس سهام من العصرين الحجري والحديدي، وقطعاً نقدية قديمة، صُك بعضها على غرار عملية الإسكندر الأكبر، وجرار روديسية، ونقوش قديمة، كما تقدم المعارض التفاعلية فرصة لإعادة إحياء التاريخ بطريقة تتجاوز الأسلوب المتحفي التقليدي.


وتتنوع البرامج التعليمية لتناسب جميع الأعمار، من الأطفال إلى الباحثين، حيث تُشرك ورشة «الأحفوري المرح» الزوار الصغار في لعب أدوار علماء الحفريات، وتتيح لهم صناعة قوالب لأحافير حقيقية، والتعرف إلى الكائنات التي عاشت في أعماق البحار قبل آلاف السنين. أما ورشة «أصوات من الماضي»، فتتيح تجربة صناعة الأدوات البدائية، فيما تصحب جولات «وادي الكهوف» و«جبل بحيص» الزوار إلى أنماط العيش والدفن في عصور ما قبل التاريخ.


ولعشاق الفضاء، تقدم ورشة «مخيم الفضاء» مدخلاً تفاعلياً لعلم الفلك، يشمل الرصد بالتلسكوبات وتجارب محاكاة تكوّن المذنبات باستخدام الثلج الجاف، لتقريب المفاهيم العلمية بأسلوب شائق.


وتتيح هذه البرامج المتخصصة لطلبة المدارس خوض مغامرة تعليمية في بيئة واقعية من خلال البحث عن الأحافير واستكشاف المواقع الأثرية، بينما ينخرط طلاب الجامعات والباحثون في مسارات بحثية أعمق لتحليل الأنظمة التجارية القديمة، ودراسة أنماط الاستيطان البشري في المنطقة.

مغامرة ترتبط بالمعرفة للمجموعات والعائلات


يقدم المنتزه أنشطة تجمع بين المغامرة والتعلم، وتنقل المشاركين عبر التضاريس الصحراوية، والمواقع الأثرية، والتكوينات الجيولوجية. كما توفر «الباقة التعليمية الأساسية» مقدّمة شاملة عن الحياة النباتية والحيوانية والجيولوجيا والآثار في مليحة، ضمن جولات ميدانية مصحوبة بورش عمل تفاعلية ومرشدين متخصصين.

أرشيف حي

قال عمر جاسم آل علي، مدير مليحة والمشاريع الاستراتيجية في منتزه مليحة الوطني: يمثل هذا المشهد القديم أرشيفاً حياً للمرونة البشرية يتجاوز حدود التقليدية، إذ يوفّر وجهة تفاعلية يعيش فيها الزوّار تجربة فريدة تتصل بجذور . وندعو الجمهور إلى التعرف الى التاريخ والطبيعة من خلال التعلم العملي والسرد القصصي الذي يسلّط الضوء على دور أرضنا في تشكيل مسار الحضارة الإنسانية. فمليحة لا تحتفظ بماضي الإمارات في الكتب فقط، بل في كل شبر من ترابها، لتمنح كل زائر فرصة فريدة للتعرّف الى إرث المنطقة، والسير على خطى البشر الأوائل الذين عاشوا فيها منذ آلاف السنين.


وبفضل مكانته التاريخية، وثرائه البيئي والثقافي، يشكل المنتزه نموذجاً رائداً في الحفاظ على التراث وتقديمه بأسلوب معاصر، ويفتح أبوابه على مدار العام للزوار من مختلف الفئات، من الباحثين والطلاب إلى العائلات والسياح الشغوفين بالتاريخ.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا