مارلين سلوم إذا عدت بالذاكرة إلى أشهر أفلام النجم أحمد السقا خلال مسيرته الفنية، فستجدها تدور في فلك الأكشن المرفق ببعض الكوميديا والرومانسية، هذا النجم لم يكتسب شعبيته كونه دونجوان الشاشة وصاحب الكاريزما الذي تحلم به الفتيات، رغم نجاحه في أفلام رومانسية شبابية مثل «شورت وفانيله وكاب» و«تيمور وشفيقة»، بل اختار لنفسه لوناً آخر اتجه نحوه بشدة وسعى ليتربع على عرشه، أراد أن يكون فتى الأكشن الأول في العالم العربي، «توم كروز العرب»، وحين تشاهد فيلم «أحمد وأحمد» المعروض حالياً في الصالات، تتأكد من حرص السقا على الثبات مكانه في هذه المنطقة لدرجة أنه لم يقدم في هذا الفيلم سوى القتال والقفز تاركاً الأداء التمثيلي جانباً، وتنحّت القصة أيضاً جانباً لتفسح المجال أمام العضلات. «أحمد وأحمد» لقاء بين الأحمدين السقا وفهمي، كان من المفترض أن يُكتب له النجاح لأن للنجمين جمهوراً يحبهما ولكل منهما منطقة يبرع فيها، السقا في الحركة والأكشن وفهمي في الكوميديا بجانب الدراما، ما يضمن إقبال عشاقهما للمشاهدة، كذلك وجود عدة أسماء في كتابة القصة يوحي بأن هناك جهداً مبذولاً لتقديم قصة مختلفة جديدة.. لكن كل ذلك لم يشفع للفيلم الذي جاء باهتاً، خالياً من أي حبكة متقنة ولا قصة مقنعة ولا حوار ثري.. قشور رسمت إطاراً لتشكيل فيلم على مقاس أحمد السقا، تبرز قدراته الاستعراضية في القفز والضرب والحركات القتالية، والتي لم يقدم فيها جديداً أيضاً، بل رأيناها في بداية الفيلم بدائية تشبه كل أفلام السبعينيات والثمانينيات التي كان يهرب فيها البطل في الشوارع من أشخاص يطاردونه، يقفز بين السيارات ويدخل وسط السوق وبين الملابس ويختبئ وسط العمال إلى أن يخرج مجدداً ويتعرض لحادث. حسناً، أرادوا تفصيل القصة على مقاس نجم الأكشن، ألا يفرض ذلك أن يرتقي الإخراج إلى مستوى الأكشن الذي نشاهده في أفلام اليوم والتي تتوفر لها تقنيات حديثة وأفكار مبتكرة وتصوير من زوايا متعددة وسرعة في المشاهد تقطع الأنفاس المشاهدين فيلهثون مع الأبطال ويتفاعلون مع الأحداث وإن كانت غير منطقية أو لا تخدم سوى تلميع صورة البطل؟ إنها مسؤولية المخرج أحمد نادر جلال الذي قدم فيلماً عادياً لا إبداع فيه أو خروج عن المألوف. التأليف والكتابة أحمد درويش، محمد عبد الله سامي، كريم سامي وأحمد عبد الوهاب، رباعي تشارك في التأليف والكتابة لكنه لم يقدم فكرة جديدة، أحمد (أحمد السقا) أستاذ كيمياء تقليدي في هندامه وشكله وأسلوبه، يذهب لإنهاء معاملات وما إن يخرج حتى يجد نفسه بين سيارتين يخرج منهما رجال أشداء، تبدأ المطاردات في الشوارع وتنتهي بحادث يدخل على إثره المستشفى.. في هذه الأثناء نرى أحمد (أحمد فهمي) مهندساً في مدينة الرياض في السعودية، يحاول الحصول على أجره من الثنائي مشعل (محمد أسامة) وأبو فيصل (إبراهيم الحجاج ضيف شرف) قبل أن يعود إلى القاهرة في إجازة ليتقدم لخطوبة حبيبته ضحى (جيهان الشماشرجي)، وفور وصوله يتلقى خبر وجود خاله أحمد (أحمد السقا) في المستشفى حيث يؤكد له الطبيب أنه يعاني فقداناً مؤقتاً للذاكرة، ما يجعل أحمد متورطاً في مشاكل كثيرة ومتوالية مع عصابات كبيرة.. أحمد الخال يكتشف مع ابن أخيه أحمد حقائق عن نفسه، إذ يبدو أنه انتحل أكثر من شخصية وحمل أكثر من اسم وتعامل مع عصابات وسرق لوحة بيكاسو «الحمامة والبازلاء».. لقب «الساموراي» من ألقاب الخال أحمد «الساموراي»، وهو لقب من المؤكد أنه يُسعد النجم السقا وربما تمنى أن يلتصق به وأن يناديه الجمهور به بعد هذا العمل، خصوصاً أنه يرمز إلى إجادته القتال ومواجهة أعدائه والانتصار عليهم وليس فقط مغامرات القفز والركض والمطاردات في الشوارع.. وعلى مدار 135 دقيقة نعيش رحلة اكتشاف حقيقة أحمد والتي تعتبر رحلة انتصارات متتالية للبطل في كل المعارك التي يواجهها ومعظمها لوحده، إذ لا علاقة لابن شقيقته بأجواء الضرب والمغامرات إلا حين يضطر للمواجهة دعماً لخاله، ومن أهم نقاط ضعف الفيلم هي المبالغة في تدفق الرجال الذين يريدون قتل «الساموراي»، ويواجههم بمفرده ويقضي عليهم جميعاً مهما تنوعت أحجامهم وأوزانهم! صدمات متتالية يواجهها أحمد (فهمي) مع كل مرة يكتشف فيها وجهاً وشخصية لخاله، فهو بجانب الساموراي، الضابط شريف الذي يسكن في شقة ولديه أكثر من جواز سفر وبأسماء مختلفة.. أحمد وأحمد ومعهما ضحى يستمران في البحث عن حقيقة الخال، ولابد من معرفة حقيقة سرقته للوحة بيكاسو التي يطالبه بها من جهة رؤوف (طارق لطفي)، ومن جهة أخرى المايسترو (رشدي الشامي)، وكل منهما يدعي أنه صاحب اللوحة والأحق بها. من الطبيعي أن يسبق السقا شريكه في البطولة أحمد فهمي، ولو بخطوة نظراً إلى أسبقية النجومية والشهرة، لكن المشكلة أننا طوال الفيلم لم نشعر أنها بطولة مشتركة، إنما جاء دور فهمي أشبه بالسنّيد للبطل وليس بطلاً رئيسياً، فهل ارتضى ذلك حباً وتقديراً للسقا؟ ولماذا لم تُكتب شخصية أحمد المهندس بطريقة ظريفة يظهر فيها مختلفاً تماماً عن خاله الذي يحمل اسمه ويعتبره مثله الأعلى، ويكون للشخصية نفس حجم وتأثير ومساحة أحمد الخال؟ في المقابل جاء ظهور جيهان الشماشرجي أقل من قدراتها، مجرد وجود أنثوي محبب، كعادة كثير من الأفلام التي مازالت تؤمن بالبطولة الذكورية وتدعمها بوجوه أنثوية منعشة لاستكمال شخصية وجاذبية البطل. جيهان تستحق ظهوراً سينمائياً أقوى وبطولة حقيقية. بعض المواقف الكوميدية ظريفة، مثل مشهد تقدم أحمد لطلب يد ضحى من عمها اللواء عصام قطب (سامي مغاوري) وبرفقته خاله أحمد، والحوار الذي دار بينهما بحضور ابن عمها المستشار سراج قطب (أحمد عبد الوهاب)، الذي تحدث بنبرة التهديد وبغرور وتعالٍ فزرع الرعب في نفس أحمد باعتباره «سيادة المستشار»، ثم نكتشف أنه مستشار في العلاقات الزوجية! لكن استكمال المشهد بخروج أحمد (السقا) من الصالة ليدخل في معركة مع رجال تسللوا إلى شقة اللواء عصام، ونرى مشهد القتال في خلفية جلوس اللواء وابنه وضحى وأحمد (فهمي)، مشهد تم استهلاكه في السينما منذ زمن الأبيض والأسود، ولا معنى له إلا زيادة مساحة فرد عضلات السقا. بصمات الضيوف ضيوف الشرف كُثر لكنهم يتوالون دون أن يترك أي منهم بصمة، وهو أمر طبيعي لأن مساحة كل منهم ضيقة، مثل طارق لطفي، ورشدي الشامي وأحمد الرافعي وحاتم صلاح.. لكن ظهور غادة عبد الرازق، التي بالكاد عرفناها بسبب تغيير ملامحها، جاء باهتاً وضعيفاً، المفروض أن يكون لضيف الشرف دور شرفي يلمع ولو للحظات فيلفت أنظار الجمهور قبل أن يختفي، لكن غادة عبد الرازق لم تلمع ولم تضف أي لمسة. ليس إضافة الفيلم جيد لعشاق الضرب والمطاردات ولمحبّي أحمد السقا، لكنه لا يعتبر إضافة لأحمد السقا وأحمد فهمي، خصوصاً أن سوق أفلام الأكشن صار مفتوحاً وأبطاله كُثر وكلهم نجوم محبوبون و«من العيار الثقيل» مثل أمير كرارة وأحمد عز وكريم عبد العزيز ومحمد ممدوح وغيرهم. [email protected]