الشارقة: سارة المزروعي تعليم الأطفال استراتيجيات الادخار منذ الصغر خطوة أساسية نحو بناء عادات مالية صحيحة ومستدامة. ويشير العديد من الخبراء إلى أن غرس مفهوم الادخار في نفوس الأطفال لا يهدف فقط إلى تعليمهم كيفية الاحتفاظ بالمال، بل إلى مساعدتهم على فهم قيمته ودوره في تحقيق الأهداف المستقبلية، فمن خلال تعريف الأطفال بمبادئ الادخار مبكراً، يمكن للآباء والمعلمين غرس عادات مالية سليمة تترسخ في مراحل حياتهم المختلفة. وتتنوع هذه الأساليب بين استخدام حصّالات صغيرة أو حسابات توفير خاصة بالصغار، وصولاً إلى الأنشطة التفاعلية مثل الألعاب المالية التعليمية.على هذا النحو، يمكن أن تنمو لديهم قناعة داخلية بأن المال ليس مجرد وسيلة للشراء، بل هو أداة تساعدهم على التخطيط للمستقبل وتحقيق أهدافهم بطريقة مدروسة ومستدامة.وفقاً لتوصيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن ترسيخ العادات المالية الجيدة منذ الطفولة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقلالية المالية والقدرة على اتخاذ قرارات سليمة في المستقبل، لذا، يمكن للأطفال ممارسة الادخار فعلياً من خلال حصّالات صغيرة في المنزل، أو حتى فتح حسابات بنكية مخصصة للصغار، وهو ما يجعلهم يشعرون بملكية أموالهم الخاصة ويشجعهم على تحديد أهداف مالية واضحة.عند الرغبة في شراء سلعة جديدة، قد يكون من المفيد توجيه الطفل للتفكير في الأولويات وتقييم ما إذا كان هذا الشراء ضرورياً الآن، أو ما إذا كان الأفضل ادّخار المال لتحقيق هدف أكبر فيما بعد، وهنا تبرز أهمية تعليم الأطفال كيفية تقسيم المبالغ المطلوبة على فترات زمنية محددة، سواء كانت أسبوعية أو شهرية، وذلك بطريقة تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم الاستيعابية. لغة بسيطة تشير موزة سعيد، وهي أم لعدة أطفال، إلى أنها دائماً تستخدم لغة بسيطة ومفاهيم واضحة مع أطفالها لتجنب الشعور بالتعقيد، ما يجعلهم أكثر حماساً لتعلم الادخار. وتقول: «عندما يفهم الطفل أن هناك مكافأة ملموسة تتحقق في المستقبل من خلال الادخار والتخطيط، يصبح أكثر استعداداً لتطبيق العادات المالية الإيجابية».وتضيف موزة أن دورها كوالدة إلى جانب دور المعلمين يلعب دوراً محورياً في ترسيخ ثقافة الادخار لدى الأطفال من خلال استخدام الأساليب التوضيحية والأمثلة العملية، يمكن جعل المفاهيم المالية جزءاً أساسياً من وعي الأطفال اليومي، ما يمكّنهم من إدارة مواردهم المالية بذكاء وعلى المدى الطويل.لذا، يمكن للآباء والمعلمين تقديم وسائل تعليمية بسيطة، مثل ألعاب المحاكاة «البنك الافتراضي» أو النقود الورقية الترفيهية، لجعل مفاهيم الادخار أقرب إلى أذهان الأطفال وأكثر سهولة في الاستيعاب، خاصة في مراحلهم العمرية المبكرة. خطأ تربوي يوضح فيصل كركري، خبير الاقتصاد والاستثمار بالأسهم، على إحدى منصاته، أن إعطاء الطفل المال مقابل أداء المهام اليومية يعتبر من أكبر الأخطاء التربوية، عندما نربط إنجاز الأعمال المنزلية أو الواجبات الأساسية بإعطاء الطفل نقوداً، يتشكل لديه انطباع بأن عليه دائماً أن يحصل على مقابل مالي ليقوم بما هو مفترض أن يقوم به أساساً، وإذا حدث يوماً ما ولم تتمكن من إعطائه المال، فقد يرفض أداء تلك المهام، لأنه اعتاد ربطها بالمكافأة المالية. إضافة إلى ذلك، عدم إعطاء المال مقابل هذه المهام يشجع الطفل على إنجازها بدافع القناعة والحبّ لدوره في الأسرة، بدلاً من القيام بها لمجرد الحصول على مكافأة مالية، ومع مرور الوقت، قد يترسخ في ذهن الطفل اعتقاد بأن كل عمل يقوم به يجب أن يُقابل بمقابل مادي.أما في حال طلب الطفل شيئاً مثل جهاز لوحي جديد (iPad) بحجّة أن جهازه القديم لم يعد يصلح، فيمكن استغلال هذا الموقف لتوضيح قيمة المال. مثلاً، إذا كان ثمن الجهاز 1500 درهم، يمكن توضيح المبلغ المطلوب له ومناقشته في أساليب التوفير والادخار، بدلاً من شراء الجهاز فوراً دون تقديم أي شرح أو توضيح.