تستعد الشارقة لاستقبال دورة جديدة من الإبداع والفن مع عودة مهرجان «تنوير» في نسخته الثانية، ليحوّل صحراء مليحة الآسرة إلى مسرح نابض بالموسيقى والفنون والتواصل الإنساني أيام 21 و22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.بعد النجاح اللافت الذي حققته الدورة الأولى، يكشف المهرجان هذا العام عن مجموعة من الفنانين والمبدعين الذين يضيئون سماء الحدث بعروض استثنائية، من بينهم الفنانة العالمية التونسية آمال مثلوثي التي تختتم المهرجان، إلى جانب أسماء مرموقة أخرى، لتَعِد هذه النسخة برحلة ثقافية ملهمة تمزج بين الإبداع العالمي وسحر الطبيعة في الشارقة.تنطلق دورة هذا العام تحت شعار «ما تبحث عنه... يبحث عنك»، المستوحى من مقولة شهيرة للشاعر جلال الدين الرومي. ويدعو المهرجان جمهوره إلى خوض تجربة غامرة من الثقافة والتراث من خلال حفلات موسيقية تحت أضواء النجوم، وورش عمل ملهمة، وأعمال فنية تفاعلية، إلى جانب الفعاليات التي تحتفي بالموروث الشعبي والتقاليد الأصيلة على مدار ثلاثة أيام، ليجسّد «تنوير» بذلك روح التبادل الثقافي، وقيم الاستدامة، والتغيير المجتمعي. مساحات متفرّدة يحتضن المهرجان مزيجاً متنوعاً من المواهب الإقليمية والعالمية عبر منصات فنية صُممت بعناية مثل «القبة»، و«شجرة الحياة»، و«السوق»، و«المسرح الرئيسي». وابتكرت هذه المساحات لتجمع بين عناصر الطبيعة وروح الإبداع، بحيث تتحوّل كل منصة إلى تجربة حسية متكاملة تدعو الجمهور إلى التفاعل والانغماس في أجواء فنية نابضة.وفي اليوم الافتتاحي للمهرجان، تقدّم الفنانة الإماراتية الموهوبة في فن الخزف إيمان الشامسي في «القبة»، جماليات الطين في حوار نابض بالحياة يجمع بين الأصالة والحداثة. أما في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، فيأسر المعلّم كان Master Can، أحد ممثلي الجيل الرابع والثلاثين من معلمي شاولين، وهو تسلسل تاريخي يتناقل فنون القوة والحكمة عبر أجيال متعاقبة، الأنظار بعرض مدهش في فن «التاي تشي» يمزج فيه القوة الحركية بعمق الحكمة الروحية.وعلى منصة «شجرة الحياة»، سيكون الجمهور على موعد مع الفرقة المغربية الأسطورية «ناس الغيوان»، التي لُقبت بـ«رولينغ ستونز إفريقيا» لما أحدثته من تأثير عالمي في الموسيقى. ويطلّ في اليوم الثالث ليو روخاس، عازف ناي «البان» المبدع من الإكوادور، بعزف يفيض بأصالة التراث الإنديزي، ترافقه إبداعات الفنان التشكيلي جينس أرتشنتي القادم من بيرو.في منطقة «السوق»، يشهد اليوم الثاني إبداع الموسيقية حنان حلواني، عازفة آلة البزق التي أسرت الأذن العربية والعالمية بمزجها الفريد بين الألحان الشرقية والغربية. وفي اليوم الثالث، تقدّم دلال، المدرّبة في مجالات العافية والوعي الحياتي، حديثاً ملهماً يسلّط الضوء على التحوّل الإيجابي والسلام الداخلي. وعلى «المسرح الرئيسي»، تأخذ فرقة «ميراز» الكردية التي تحمل إرثاً موسيقياً غنياً يجسد الهوية الثقافية الكردية وبلاد ما بين النهرين، الجمهور في رحلة فنية مميّزة تحتفي بجماليات الموسيقى الأصيلة.وتتألق في ختام المهرجان الفنانة التونسية آمال مثلوثي التي حصدت اعترافاً عالمياً باعتبارها صوتاً للتمكين والصمود؛ إذ شكّلت أعمالها، بما تحمله من جرأة فنية ورسالة إنسانية، مصدر إلهام للجماهير حول العالم. ومع ألبومها الأحدث «MRA»، الذي أبدعته بالتعاون مع فنانات من مختلف التخصصات، رفعت آمال مثلوثي صوتها لتروي قصص النضال والأمل، لتجسّد جوهر مهرجان «تنوير» القائم على النور والحكمة، وجمع الناس حول قيم الإبداع والإنسانية المشتركة. تجربة لا تُنسى سيكون «سوق تنوير» محطة نابضة بالحياة داخل المهرجان، حيث يلتقي الزوار بالحرفيين المحليين ويكتشفون إبداعاتهم في المنسوجات، والإكسسوارات، والمنتجات المصنوعة يدوياً.وتمثل «منطقة التغذية» مساحة تجمع أطعمة من ثقافات مختلفة، تناسب جميع الأذواق، ضمن أجواء تحتفي بالتنوع والتقاليد، في تجربة حية تعكس عادات الشعوب وتبرز قيم الضيافة والكرم كجزء من تراثها الثقافي.ويضم المهرجان مجسمات وأعمالاً تركيبة فنية، لتضيف أبعاداً بصرية جديدة إلى المشهد الطبيعي. وستدمج المعروضات بين المواد التقليدية والعناصر المعاصرة، لتمنح الزوار تجربة جمالية مختلفة في قلب الطبيعة.ولعشاق الطبيعة والمغامرات، يوفر المهرجان مجموعة متنوعة من خيارات الإقامة، مثل التخييم تحت النجوم والاستمتاع بالنزل والمنتجعات الصحراوية الفاخرة. ويقدّم المهرجان تسعة أنشطة مميّزة تشمل جولات إرشادية في موقع الفاية، الذي أدرج مؤخراً ضمن التراث العالمي لـ «اليونيسكو»، والمواقع الأثرية في مليحة، والمشي في الطبيعة، وزيارة «مركز مليحة للآثار»، إضافة إلى جلسات مراقبة النجوم، وركوب الخيل، ورحلات سفاري بين صخور الأحافير، وجولات ممتعة بمركبة «يونيموج».وتهدف هذه الأنشطة إلى تعزيز ارتباط الزوار بالبيئة الطبيعية والتراث التاريخي للمنطقة، ما يضيف بُعداً جديداً لتجربتهم في المهرجان.وتمثل النسخة الثانية من مهرجان «تنوير» دعوة مفتوحة لخوض رحلة تناغم فريدة بين الموسيقى والفن والطبيعة، فمن خلال برنامجه العالمي ورؤيته العميقة وموقعه الصحراوي الأخّاذ، يقدّم المهرجان فرصة نادرة للاحتفاء بلحظات متفرّدة يخلّدها الزمن، في تجربة تجعل الصحراء تغني، والروح تُصغي، والنور يتجلّى في قلوب الحاضرين.