مانويل راباتيه: نحتفي بإنجازات إحدى أكثر الممالك تأثيراً في العالم الإسلامي افتتح متحف اللوفر أبوظبي، الأربعاء، معرضاً بعنوان «المماليك: الإرث والأثر»، لتلسيط الضوء على الإرث الفني الغني لتلك الدولة القوية التي حكمت مساحات شاسعة من الأراضي التي ضمّت أهم المواقع الإسلامية المقدسة لأكثر من قرنين ونصف القرن (1250–1517). ويقدّم المعرض، الذي يقام حتى 25 يناير/كانون الثاني المقبل ويُعد الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي حول سلطنة المماليك، أكثر من 270 عملاً فنياً استثنائياً من مقتنيات 34 متحفاً ومؤسسة ثقافية مرموقة من 13 دولة، تشمل تحفاً فنية وأواني زجاجية ومعدنية وخزفيات ومنسوجات، إضافةً إلى العملات والمخطوطات وغيرها من القطع المميزة.يُنظم «اللوفر أبوظبي» المعرض بالتعاون مع متحف اللوفر ومؤسسة متاحف فرنسا، وبدعم من شركة «إل جي إلكترونيكس الخليج»، راعياً، وشبكة أبوظبي للإعلام، شريكاً إعلامياً. وتتولى التنسيق العام للمعرض د.ثريا نجيم، مديرة قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر في فرنسا، بينما تتولى د.كارين جوفان، أمينة المتحف والمتخصصة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى في قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر التنسيق العلمي، إلى جانب فاخرة الكندي، مساعد أمين متحف أول في اللوفر أبوظبي.قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «نحن فخورون بتقديم معرض «المماليك: الإرث والأثر» الذي يحتفي بالإنجازات الثقافية والفنية لإحدى أكثر الممالك تأثيراً في العالم الإسلامي. ويسلّط المعرض الضوء على الروابط والتفاعلات بين دولة المماليك وآسيا وإفريقيا وأوروبا، ويُظهر عمق الترابط بين أرجاء العالم آنذاك، ويكشف عن مدى توافقه، بشكل لافت للنظر، مع الطبيعة العالمية لأبوظبي اليوم. ونتوجه بخالص الشكر لشركائنا والمؤسسات التي قدّمت القطع الفنية المُعارة والرُعاة، إذ استطعنا بفضل تعاونهم إحياء التاريخ وتعميق الروابط الثقافية عبر الحدود». مجموعة استثنائية أٌقيم المعرض لأول مرة في متحف اللوفر بباريس في ربيع العام الحالي، كأول معرض أوروبي كبير مكرّس لسلطنة المماليك. وضمن المجموعة الاستثنائية في قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر التي تستعرض تنوّع الإنتاج الفني في العالم الإسلامي منذ القرن السابع حتى أوائل القرن العشرين، تُعدّ مجموعة الأعمال المملوكية من بين الأرقى في العالم. ويُقدَّم المعرض اليوم للجمهور في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، ليسلّط التوجّه الإبداعي للمعرض الضوء على الروابط التاريخية والثقافية بين المنطقة والعالم المملوكي، مع عرض موسّع لمجموعة من الأعمال الفنية المُستعارة من مؤسسات إقليمية، تُعرض حصرياً في أبوظبي، إلى جانب بعض الأعمال التي عُرضت في كلٍّ من أبوظبي وباريس.من جهتها، قالت لورنس دو كار، رئيسة ومديرة متحف اللوفر في باريس: «يُعدّ المعرض في «اللوفر أبوظبي» شهادة استثنائية على قوة وحيوية الشراكة بين مؤسستينا. ويسرّني أن تُعرض في هذه المناسبة عدة روائع من مقتنياتنا إلى جوار قطع استثنائية أخرى مُعارة من مختلف أنحاء العالم. وآمل أن تتيح الحوارات بين هذه الأعمال للزوار الفرصة لإدراك ثراء التنوع الفني والفكري لهذه الثقافة التي شكّلت ملامح الشرق الأدنى منذ منتصف القرن الثالث عشر حتى بدايات القرن السادس عشر».وقالت منسقتا المعرض، د.ثريا نجيم ود. كارين جوفان: «إنه يُتيح فرصة فريدة لعرض التاريخ الاستثنائي لسلاطين المماليك وإنجازاتهم الثقافية والفنية للمرة الأولى في كلٍّ من أوروبا والشرق الأوسط، وذلك من خلال أعمال فنية مميزة معارة دولياً. ويسرّنا بشكل خاص تسليط الضوء على موضوعات تناولتها أبحاث حديثة حول مجتمع المماليك، بما في ذلك دور النساء والأقليات الدينية، فضلاً عن شبكات الإمبراطورية الواسعة على صعيدي الدبلوماسية والتجارة الممتدة عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا. كما رأينا أنه من الضروري إبراز قوة فنون المماليك وفخامتها، باعتبارها أحد أشكال التعبير الفني الذي لا يزال يبدو معاصراً بشكل لافت». علق د.غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، قائلاً: «بفضل العلاقة الوثيقة التي تربطنا بمتحف اللوفر، ونظراً لأهمية مجموعاته الفنية وجودتها، واستناداً إلى الأبحاث المكثفة التي أُجريت في فرنسا حول هذه الفترة منذ القرن التاسع عشر، فإن من الطبيعي أن تقوم الشراكة بين المتحفين حول هذا المعرض على هذا النحو من السرعة. تعاون المتحفان تعاوناً وثيقاً على إنجاز المشروع، ما مكّن من إدراج أعمال عديدة من روائع الفن المملوكي من مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي ضمن نسختي هذا المعرض المتنقل». سبعة أقسام يضم المعرض سبعة أقسام موزعة وفقاً لمواضيع تستكشف هيكل دولة المماليك وتأثيرها. ومن أبرز الأعمال المُعارة من متحف اللوفر مفتاح للكعبة يحمل اسم السلطان فرج (حكم بين 1399 و1412م)، وخوذة تحمل اسم السلطان برسباي (حكم بين 1422 و1438م)، ولوحة من مدرسة البندقية بعنوان استقبال حاكم دمشق وفداً بندقياً (1511). ومن بين الأعمال البارزة المُعارة أيضاً طست معروف باسم «معمودية القديس لويس» (نحو 1330 – 1340)، وهو تحفة فنية من النحاس المحفور والمرصّع بالفضة والذهب، وأصبح رمزاً بارزاً للملكية والتاريخ الفرنسي على مرّ القرون. يُعرض هذا العمل البارز في المنطقة للمرة الأولى.يقدم المعرض ستة أعمال فنية من مجموعة متحف اللوفر أبوظبي، من بينها «جزء عمّ» (النصف الثاني من القرن الثالث عشر)، وبساط مزيّن بثلاث رصائع صُنع في مصر (النصف الثاني من القرن الخامس عشر)، وإناء صيدلاني «ألباريلّو» مزخرف بشعار نبالة (القرن الخامس عشر).تشمل الأعمال المُعارة البارزة الأخرى شهادة حج مسلَّمة لميمونة ابنة محمد الزرديلي (1433) من المكتبة البريطانية، ومبخرة تحمل اسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون (حوالي 1330–1341) من متحف الفن الإسلامي في الدوحة، ومصباح مسجد يحمل اسم الأمير قوصون (حوالي 1330–1335) من متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك.وبدعم من «إل جي إلكترونيكس الخليج»، يدمج المعرض تقنيات السرد الرقمي والوسائط المتعددة، إذ تتوزع خمس شاشات تفاعلية في أرجائه تمكّن الزوار من التعمق في القصص وراء الأعمال الفنية، وهو ما يثري تجربتهم من خلال مؤثرات صوتية وبصرية غامرة. البرنامج الثقافي والتعليمي يقدّم متحف اللوفر، بالتزامن مع «معرض المماليك: الإرث والأثر»، برنامجاً ثقافياً وتعليمياً ثرياً يضمّ مجموعة متنوعة من الفعاليات. وتُعقد، خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول الجاري ونوفمبر/تشرين الثاني، ثلاث محاضرات تستكشف جوانب مختلفة من العصر المملوكي تضمّ حواراً شاملاً مع منسقتي المعرض، ومحاضرة عن العمارة المملوكية، وأخرى تركز على شخصية تاريخية بارزة عاشت في عصر المماليك. إضافةً إلى ذلك، يُعرض فيلم عن تاريخ المماليك خلال فترة المعرض.ومن المقرر أن يستضيف المتحف أيضاً مجموعة متنوعة من الأنشطة التعليمية للكبار والعائلات والشباب، من أبرزها مسار مخصص للأطفال مع بطاقات تعريفية على الجدران للطلبة والصغار، تمكنهم من استكشاف المعرض عبر أسئلة وحقائق ممتعة. وتتضمن برامج المتحف المستمرة، مثل «الرسم في المتحف» و«رسم وسوالف»، جلسات مخصصة لعصر المماليك، إضافة إلى جولات إرشادية متميزة.يتوفر أيضاً بودكاست مسجّل عن المعرض على الموقع الالكتروني الخاص باللوفر أبوظبي وتطبيقه على الهواتف، وهو ما يمكن الجمهور من استكشاف موضوعاته من أي مكان. وسيتوفر كتالوج المعرض باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية في متجر المتحف. وأشرفت على تحرير هذا الكتالوج المنسقة العلمية للمعرض، د.كارين جوفان، ويضم مساهمات من نخبة من أبرز الخبراء الدوليين، ليشكّل مرجعاً يسيراً حول الفنون والثقافة في السلطنة المملوكية.