منوعات / صحيفة الخليج

«نادي الخميس».. متقاعدون هوايتهم حل ألغاز الجرائم

نعم الأسماء مهمة في عالم السينما، فحين تعلم أن مخرج جديد ترغب في مشاهدته هو نفسه كريس كولومبس الذي سبق أن قدم مجموعة من الأعمال الرائعة منها «هوم آلون» بجزأيه (1990 و1992)، و«مسز داوتفاير» (1993)، وجزأين ناجحين جداً من سلسلة أفلام «هاري بوتر»، و«ذا كريسمس كرونيكلز» وغيرها الكثير من الأعمال السينمائية الناجحة، تستبشر خيراً وتقبل على المشاهدة بشغف، خصوصاً أن الفيلم الذي نتحدث عنه الآن هو «نادي جريمة قتل الخميس» الذي تعرضه «نتفليكس» وينتمي إلى نوعية أفلام حل ألغاز الجرائم المستوحاة بالأصل من أفكار وكتابات أجاثا كريستي، وتتصدر بطولته مجموعة أسماء محبوبة جداً ومشهود لها بتميزها وبصماتها المختلفة في التمثيل. هنا لا بد أن تستسلم وتجلس بكل لهفة أمام الفيلم الجديد وتنتظر المتعة، فهل تتحقق؟.

دائماً يأخذك الفضول أمام أفلام الجرائم التي تركز على حل ألغازها أكثر من الجريمة نفسها، إلى البحث عن اسم المؤلف، لأننا وبشكل لا إرادي أصبحنا نربط بين الروايات المنتمية إلى هذا النوع وبين رائدتها أجاثا كريستي، والمؤلف ريتشارد عثمان تأثر هو أيضاً بالكاتبة الكبيرة فقدم روايته «نادي جريمة قتل الخميس» أو كما يسميها البعض «نادي الخميس نادي جريمة القتل»، عام 2020 فلاقت نجاحاً كبيراً وتصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في ذلك العام، لذلك أتبعها بسلسلة ثلاثية تنتمي إلى الرواية نفسها، ولثلاثة أعوام متتالية 2021، و2022 و2023، ويقال إنه يستعد لإطلاق جزء رابع هذا العام. المعروف أن المؤلف هو بالأصل منتج تلفزيوني ومقدم مسابقات، قام بزيارة قرية فيها سكن راق جداً للمتقاعدين، وبسبب شدة ولعه بقصص الجرائم، انطلق بعد تلك الزيارة في كتابة «نادي الخميس» ولم يكن يتوقع كل هذا النجاح والشهرة.
طبيعي أن تزداد الرواية انتشاراً بفضل تحويلها إلى فيلم، لكن هل استطاعت الكاتبتان كاتي براند وسوزان هيثكوت تقديم نسخة مرئية جميلة من تلك الرواية؟ وهل تمكنتا مع المخرج والمنتج كريس كولومبس من جعل «نادي الخميس» قطعة فنية تنافس بقوة الأفلام التي سبق أن شاهدناها والتي تستند إلى قصص الجريمة وروايات أجاثا كريستي؟ الحق يقال، أن وجود الأسماء الكبيرة هيلين ميرين، وبيرس بروسنان، وبن كينغسلي، وسيليا إيمري في البطولة الرباعية، وبجانبهم ريتشارد إي جرانت كضيف شرف، ساعد كثيراً في جذب الجمهور لمشاهدة الفيلم، فمنذ انطلاق الصورة الدعائية له والكل كان يترقب موعد العرض ويمني النفس بالحصول على الكثير من المتعة والتشويق، والنتيجة لم تأت مخيبة للآمال رغم بعض البطء في الإيقاع، خصوصاً في الجزء الأول من الفيلم، إذ ربما تعمّد كولومبس أن يُبطئ البداية ليمنح الجمهور الإحساس بأنه يتعامل مع مجموعة شخصيات من كبار السن المتقاعدين، ومن الطبيعي أن يكون إيقاعهم في الحركة والحياة أبطأ من لهاث الشباب وسرعتهم في الكلام ونمط العيش إجمالاً.

مجموعة أصدقاء


منذ البداية يقدم لنا الفيلم أبطاله باعتبارهم مجموعة أصدقاء يتشاركون هواية حل ألغاز جرائم حصلت في السابق ولم تتوصل التحقيقات إلى حلها بل أغلقت الملفات وبقي القاتل الحقيقي مجهولاً، إما لعدم وجود الأدلة الكافية وإما لأسباب متنوعة.. المحققون الهواة أشخاص لا علاقة لهم بالشرطة ولا بأي تخصص في الطب أو عالم الجريمة والمحاماة.. إليزابيث (هيلين ميرين) شغوفة بحل كل الألغاز وتتابع تفاصيل كل جريمة تحصل، تزور أصدقاءها في مقر إقامتهم في النزل الراقي جداً «كوبرز تشيس»، تاركة زوجها المصاب بالخرف في المنزل، وهدفها ليس حل ألغاز الجرائم فقط، بل استكمال رحلة صديقتها المقربة الدكتورة بيني جراي ضابطة الشرطة سابقاً والتي دخلت في غيبوبة طويلة ولم تفق منها بعد، بيني هي مؤسسة «نادي جريمة قتل الخميس» وترقد في جناح رعاية المسنين في غيبوبة، وتحت مراقبة زوجها.
أرادت إليزابيث الحفاظ على النادي، خصوصاً أنها عملت في السلك الدبلوماسي وألمحت إلى أنها كانت ذات رتبة عالية، رون (بروسنان) نقابي سابق، معروف عنه أنه كان يقود كل التحركات العمالية والتظاهرات، وإبراهيم (كينغسلي) هو طبيب نفسي سابق، وجوده مهم في النادي لتحليل أبعاد الشخصيات، ومعرفة دوافع القاتل وكيف كانت حالة القتيل قبل ارتكاب الجريمة.. يلتقي الثلاثي في قاعة في «كوبرز تشيس» مخصصة لنادي الخميس، كل سكان المكان من المتقاعدين يتسلون بينما هذا الثلاثي يعمل على جمع الأدلة لحل لغز مقتل امرأة عام 1973، ناضلت الدكتورة بيني لتقديم الأدلة الحقيقية لكن الملف أُغلق وبقي القاتل مجهولاً.. فجأة تصادف إليزابيث الوافدة الجديدة إلى النادين ما يضيف فارقاً نفسياً بسيطاً إلى تحقيقاتهم. جويس (إيمري)، ومن طريقة تفاعلها فهمت إليزابيث أنها متعودة على مشاهدة القتلى والدماء والمصابين.. فتصيب في تقديراتها بأن جويس ممرضة سابقة، فتعرض عليها الانضمام إلى نادي الخميس، فيكتمل الرباعي، الذي يواجه هذه المرة قضية «حية»، حيث يتم قتل توني كوران (جيف بيل) أحد ملاك شركة «كوبرز تشيس» والمعترض على هدم هذا المبنى التاريخي الذي يضم مجموعة من المتقاعدين من الطبقة الراقية، ومن ضمنهم عمته مود (روث شين) وتحويله إلى مكان سياحي تجاري وفق ما يريد شريكه إيان فينثام (تينانت) الجشع والمغرور.

طبيعة خلابة


اختار المخرج مكاناً مناسباً وحقولاً وطبيعة خلابة وديكوراً رائعاً وشخصيات من كبار السن تبدو راقية جداً حتى الشخصيات الثانوية مثل جوناثان برايس، وتوم إليس الذي يلعب دور جيسون ريتشي الملاكم الشهير السابق وهو في الوقت نفسه ابن رون، الذي أصبح مقدم برامج تلفزيونية مثل «التزلج على الجليد مع النجوم»، الأمر الذي يثير استياء والده.. شخصيات راقية في تصرفاتها ومظهرها لدرجة أن المشاهد يتمنى لو يحصل في شيخوخته وتقاعده على سكن من هذا النوع يستأجر غرفة فيه، دون وجود أجواء قتل وألغاز ونادي جرائم طبعاً، قبل مقتل توني، تأتي مفتشة الشرطة الجديدة دونا دي فريتاس (ناعومي آكي)، إلى «كوبرز تشيس» وتصبح صديقة للمحققين المتقاعدين الأربعة، ومع مقتل توني يتحرك أعضاء النادي لحل لغز الجريمة بعيداً عن أعين المحققين وأجهزة الشرطة، مستعينين بدونا.


ربما يؤخذ على الكاتبتين كاتي براند وسوزان هيثكوت والمخرج كريس كولومبوس أنهم جعلوا من «نادي الخميس نادي الجريمة» أقرب إلى الأفلام التلفزيونية منه إلى الأفلام السينمائية، بل يجعل المشاهد يتمنى لو أنهم جعلوه مسلسلاً تلفزيونياً قصيراً من حلقتين أو ثلاث، لكن هذا لا يعني أننا نفتقد أياً من أساسيات متعة المشاهدة والتشويق الأساسي والمهم في أفلام الجريمة. واللافت وجود روح النكتة المصاحبة للفيلم منذ المشهد الأول فرغم جدية القصة وجدية أبطالها الذين جعلوا من أنفسهم محققين متطوعين لحل ألغاز جرائم قيدت ضد مجهولين، فإن روح النكتة الطاغية طوال الفيلم تزيدنا متعة وترافق أجواء التشويق أثناء مشاهدة الجريمة وخفاياها، كما أن أداء الرباعي ميرين وكينغسلي وبروسنان وإيمري يرتقي بالفيلم ويزيدنا استمتاعاً. ولملامح ميرين ونظراتها دور أيضاً في تجسيد دور المحققة الشديدة الذكاء والتي تقود زملاءها المتقاعدين، كينغسلي طبيب مقيّد بمفاهيم الشخصية النفسية، وبروسنان أكثر تحرراً ومازال يحتفظ بعنفوان الرجل المتمرد الذي أحيل إلى التقاعد، بينما إيمري هي كالفاكهة اللذيذة المنعشة خصوصاً أنها تجسد دور متقاعدة تعشق صناعة الحلوى.
نجاح الفيلم يستحق انتظار أجزاء تالية له، ومع مجموعة أبطاله الرئيسيين نفسها.

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا