متابعات - «الخليج»
كشفت دراسة أثرية حديثة في صحراء النفود شمال المملكة العربية السعودية، عن أدلة جديدة على أن المجموعات البشرية لم تهجر المنطقة بعد الذروة الجليدية الأخيرة، كما كان يعتقد سابقاً؛ بل ازدهرت منذ حوالي 12 ألف سنة مضت، خلال الانتقال من العصر الجليدي المتأخر «البليستوسين» إلى العصر الحالي «الهولوسين».
وخرجت الدراسة بعد تعاون بين عدد من المؤسسات والباحثين، من بينهم هيئة التراث السعودية، التي قدمت الدعم اللوجستي والتمويل الجزئي، «معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا الجيولوجية» في ألمانيا، «لندن كوليدج» في المملكة المتحدة، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية، إلى جانب جامعات ومؤسسات بحثية أخرى مثل جامعة كامبريدج وجامعة جريفيث والجامعة الأسترالية الوطنية.
بحيرات تاريخية ومصادر مياه
أظهرت التنقيبات أن مسطحات مائية موسمية تشكلت بين 13 و16 ألف سنة مضت، في أقدم دليل على وجود مياه سطحية بعد فترة الجفاف الشديد.
وساعدت هذه البحيرات ساعدت على توسيع النشاط البشري في المناظر الطبيعية القاحلة، حيث جرى توثيق مواقع أثرية تعود إلى ما بين 11.4 و12.8 ألف سنة مضت، بالتزامن مع مرحلة ما قبل العصر الحجري الحديث الفخاري في بلاد الشام، بحسب موقع Nature.
فن صخري ضخم يخلد الذاكرة الجماعية
وثق الباحثون 62 لوحة صخرية تضم 176 نقشاً، بينها 130 نقشاً بالحجم الطبيعي لحيوانات الصحراء مثل الإبل، الوعول، الخيل البرية، الغزلان وثيران الأوروك.
وامتازت النقوش بضخامتها التي وصلت حتى 3 أمتار، وبدقتها الطبيعية، ما يشير إلى جهد جماعي استثنائي.
وجرى توزيع النقوش على منحدرات وصخور مطلة على طرق الوصول إلى المياه الموسمية، لتكون علامات بصرية وإرشادية للمسارات.
أربع مراحل للنقوش في فترات مختلفة
رسومات صغيرة لنساء، وهي الأقدم بين النقوش.
شخصيات بشرية منمقة تحت النقوش الحيوانية، أقدم من 12 ألف سنة.
تمثيلات مفصلة للحيوانات، مرحلة رئيسية متزامنة مع العصر الحجري الحديث الفخاري في بلاد الشام.
إلى جانب نقوش لاحقة بأسلوب أبسط وكاريكاتوري.
الحفريات والتأريخ
كشفت الحفريات في مواقع جبل أرنان وجبل ميسما عن أكثر من 1200 قطعة حجرية و16 قطعة عظمية، وأكد التأريخ بالكربون المشع والتلألؤ الضوئي أنها تعود إلى حقبة تتراوح بين 11.4 - 12.8 ألف سنة.
وعُثر على أداة حجرية أسفل نقش جمل مؤرخة بـ 12.2 - 13.6 ألف سنة، ما يربط مباشرة بين الفن الصخري ومرحلة العصر الحجري الحديث الفخاري في بلاد الشام.
شملن الأدوات الحجرية رؤوس «الخيال» وشفرات «حلوان» ونوى «النوافير»، وهي تقنيات مرتبطة ببلاد الشام، كما تضمنت المصنوعات الزخرفية خرزاً من الحجر الأخضر وصدفاً بحرياً جُلب من البحرين المتوسط والأحمر، ما يعكس شبكة تواصل بعيدة المدى.
هوية ثقافية متمايزة
شددت الدراسة على أن المجموعات البشرية في شمال الجزيرة العربية تكيفت مع البيئة الجافة بحركية عالية على طول مسارات المياه، وحافظت على صلات وثيقة مع بلاد الشام.
وفي الوقت ذاته، طورت هذه المجتمعات هوية ثقافية خاصة تجسدت في فن صخري ضخم، جسّد رموز الحيوانات الصحراوية، خصوصاً الجمل، ليكون وسيلة لتعليم المسارات وحفظ حقوق الوصول إلى المياه.
شبه الجزيرة العربية.. تاريخ حافل
شكلت هذه النتائج أول دليل على أن شمال الجزيرة العربية لم يكن أرضاً مهجورة بعد الذروة الجليدية؛ بل موطناً لمجتمعات ازدهرت، تركت خلفها آثاراً ضخمة تشهد على قدرتها الفريدة على التكيف مع بيئة قاحلة، وعلى اندماجها في شبكات ثقافية وجغرافية واسعة امتدت إلى بلاد الشام والبحر المتوسط.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.