شهدت الأرصاد العالمية ظاهرة مقلقة تتمثل في انهيار مؤشر القطب الشمالي «Arctic Oscillation» وهي حالة تشير إلى ضعف الدوامة القطبية التي تتمركز فوق القطب الشمالي.وسمح هذا الضعف بتفكك الهواء البارد وتشتته نحو مناطق بعيدة عن القطب، في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة على نحو غير مسبوق في مناطق أخرى.وأكدت صور الأقمار الصناعية منذ أواخر السبعينات انكماش الغطاء الجليدي بوتيرة متسارعة، بلغت ذروتها عام 2012 عندما سجلت أدنى مساحة جليدية في التاريخ الحديث.ورصد العلماء تباطؤاً غير متوقع في مسار الذوبان، بين عامي 1996 و2011، حيث انخفض تركيز الجليد في سبتمبر بنسبة 11.3% لكل عقد، بينما في الفترة من 2012 حتى 2023 لم يتجاوز التراجع 0.4% لكل عقد، وهي الأرقام التي تشير إلى تبدل في ديناميات المناخ، بحسب موقع Nature.سبب التباطؤأوضحت دراسة حديثة لباحثين من هونغ كونغ، نُشرت في مجلة Nature Communications أن السبب الرئيسي وراء هذا التباطؤ يرتبط بتحول مؤشر تذبذب شمال الأطلسي (NAO) من طور سلبي في مطلع العقد الماضي إلى طور إيجابي مؤخراً.وقلل هذا التحول من انتقال الحرارة والرطوبة إلى القطب الشمالي وخفض الإشعاع الحراري الهابط، ما أسهم في كبح الذوبان المتسارع.كما يقف تذبذب الأطلسي متعدد العقود (AMO) باعتباره المحرك الأكبر لهذه التغيرات، حيث يتحكم في سلوك الغلاف الجوي عبر تعديل التفاعلات بين الموجات الجوية والدوران الكوكبي.تذبذب يغير الطقس العالميأشارت الدراسة إلى أن القطب الشمالي لا يعمل في عزلة، لأن التغيرات في مؤشراته المناخية سواء تذبذب شمال الأطلسي (NAO) أو مؤشر القطب الشمالي (AO)، تعيد رسم خرائط الطقس في نصف الكرة الشمالي.وشددت على أن انهيار أو انتقال هذه المؤشرات بين أطوارها يعني تغييرات مباشرة في أنماط الطقس، من بينها:موجات برد قارس تضرب أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.موجات حر وجفاف أكثر حدة في مناطق أخرى.اضطراب في مسارات العواصف والتيارات النفاثة، ما يعزز شدة الظواهر المتطرفة.إنذار مبكر لا يجب تجاهلهلفت الباحثون إلى أن التباطؤ الحالي في ذوبان الجليد ليس علامة للتعافي؛ بل انعكاس لتقلبات طبيعية طويلة الأمد تخفي وراءها اتجاهاً مقلقاً، وهو استمرار الاحترار العالمي وتآكل قاعدة الجليد متعدد السنوات.وقال الباحثون إن ما رصدوه ليس توقفاً؛ بل هدنة مؤقتة يفرضها المناخ الداخلي للأرض، قد تنكسر مع تغير أطوار المؤشرات المناخية، لتعود معدلات الذوبان إلى تسارعها السابق.مستقبل غير مستقرواتفقت التقارير المناخية مع رؤية الباحثين، لتؤكد أن القطب الشمالي يظل ساحة أولى للتغير المناخي، وأن أي انهيار أو تغير في مؤشراته ينعكس مباشرة على الطقس العالمي، ما يضع البشرية أمام تحدٍ صعب.